التأهيل السياسى

عمرو هاشم ربيع
عمرو هاشم ربيع

آخر تحديث: الخميس 25 فبراير 2021 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

لا شك أن موضوع التأهيل السياسى للأحزاب المثار اليوم، هو موضوع فى غاية الأهمية لجميع الأحزاب الكائنة على الساحة المصرية. فالتأهيل يساهم فى التطوير والتقدم إلى الأمام، فى مجالات شتى. ومن ثم فإنه بالنسبة للأحزاب هو عملية الغرض منها تحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. خاصة وإن الكثيرين قد رأوا أن إهمال الأحزاب لصالح الاهتمام بانغماس ومشاركة الفئات الاجتماعية فى الشأن العام، غلب على الاهتمام بدور الأحزاب كطرف هو الذى كان مكفولا به تحقيق مشاركة تلك الفئات فى الشأن العام.
لكن لاشك أن هناك أسئلة كثيرة تقع على عاتق موضوع التأهيل، نوردها فيما يلى:ــ
أولا، هل هذا الموضوع من أولى أولويات الأحزاب اليوم. بالقطع إن الأحزاب ينقصها الكثير حتى يمكن أن نتحدث عن كونها أحزاب بداية، فحالها اليوم يجعلها أقرب إلى مؤسسات المجتمع المدنى، وتلك الأخيرة لا تعدو أن تكون قريبة الشبه من الجمعيات الخيرية.
ولعل واحد من أبرز مشاكل الأحزاب السياسية اليوم هو كم التحديات الداخلية والخارجية من حولها، فقبل أن نتحدث عن التأهيل لتلك الكيانات السياسية، علينا بداية أن نصل بها إلى كونها فى مرتبة الأحزاب. من تلك التحديات على سبيل المثال، أمور مثل الديمقراطية الداخلية، والحوكمة وشفافية الموازنة، والتنظيم الداخلى للأحزاب، والعمل فى ظل قانون الطوارئ، وإهمال القائمة النسبية فى الانتخابات، وعقد الأبنية والهياكل الحزبية بانتظام، ودورة المعلومات، والتمويل.. إلخ من التحديات التى تستهدف فى الأخير إلصاق الأحزاب المصرية بالمجتمع ومشكلاته، وأحد مظاهر ذلك أن يكون نصف المجتمع منضما إلى تلك الكيانات، وليس كما هو حادث الآن من كون 95% من الشعب ويزيد من المستقلين. ما سبق من تحديات ومشكلات يستحق من باب أولى الحل. بالطبع قد يقول البعض إن تلك المشكلات هى محط التأهيل، لكن هذا غير واضح وغير معلن حتى اليوم.
الأمر الثانى، وهو يرتبط بالأول، ألا يكون أجدر للارتقاء بالأحزاب، العمل على تشجيع اندماجها بدلا من هذا الكم المرعب منها. فى مصر اليوم نحو 104 أحزاب، أيوجد بالمقابل ١٠٤ قضايا جوهرية مختلف عليها فى مصر، حتى يتواجد هذا العدد الضخم! خاصة وأنه من المعروف أن هناك فى مصر ٤ تيارات فكرية فقط فى الدولة والمجتمع. فبغض النظر عن مدى انطباق أوصاف الأدبيات عليها، إلا أنها من الناحية العرفية تنتمى إلى الليبرالية واليسارية والإسلامية والوسطية.
الأمر الثالث، يتعلق بالبنية التشريعية للأحزاب، والسؤال أليس من الأجدر أن نبدأ بإصلاح تلك البنية حتى تكون الأحزاب السياسية قريبة من نظيرتها فى النظم السياسية المتمدينة، أليس من الواجب تغيير قانون الأحزاب المقوض لحركتها، والقوانين الأخرى المرتبطة بها كقوانين انتخابات المجالس الشعبية الثلاثة النيابة والشيوخ والمحليات.
الأمر الرابع، إنه إذا ما كتب لهذا الأمر أن يتم قبل مواجهة التحديات السابقة، فالسؤال: من سيقوم بعملية التأهيل، وعلى أى أساس اختير، ولماذا فرض نفسه لذلك دون غيره، وهل يمتلك ما يؤهله لذلك، وهل سيستعين بخبراء وفنيين معتبرين من الداخل أم من الخارج للقيام بتلك المهمة. وحتى لو افترض أن هذا الطرف أو ذاك قادر على أداء تلك المهمة، يبقى السؤال على أى أساس سيختار الأحزاب التى ستتأهل، هل سيأتى بتيارات ويقصى تيارات، أم سيكون الاختيار مفتوحًا أمام جميع الأحزاب السياسية؟ وهل سيقتصر التأهيل على أشخاص ذوى مراحل عمرية بعينها، أم سيترك للأحزاب حرية إرسال من تريد للتأهيل.
الأمر الخامس هو إنه إذا ما تقرر هذا التأهيل فهل سيدرب المدرب الأحزاب على مجرد مهام ذات طابع اقتصادى أو اجتماعى أو ثقافى، أم سيتم الخوض فى المشكلات والقضايا السياسية كتلك المتعلقة بمهام الأحزاب المتعارف عليها فى الدستور والقانون والمقررة فى الأدبيات والأعراف الدولية، كتداول السلطة وحقوق الإنسان وغيرها من الأمور التى ترتبط بحال المجال العام. بعبارة أخرى السؤال هو: ما هى طبيعة برنامج التأهيل، أى ما الذى سيكون قوميًا وما الذى سيكون حزبيًا. بمعنى ما هى القضايا الخلافية المسموح بها فى التأهيل، وما دونها. فى مثل تلك الأمور يعتقد أن وضع تعريف للقومى سيتيح مجالا أكبر للعمل، بمعنى أن وضع قيد على قضايا بعينها، سيجعل الحرية أكبر فى تقرير ما عداها. ويظن فى مثل تلك الأمور أن ما هو قومى يفترض أن يكون قاصرًا على أمرين أولهما رفض استخدام العنف أو التشجيع عليه كوسيلة لحل الخلافات السياسية، وثانيهما نبذ الفتنة الطائفية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved