الموقف تحت السيطرة

فهمي هويدي
فهمي هويدي

آخر تحديث: الأربعاء 25 مارس 2009 - 7:18 م بتوقيت القاهرة

 
لايزال الوقت مبكرا للتعرف على الآثار الاجتماعية للانهيارات التى حدثت فى عالم الاقتصاد. مع ذلك فالأمر لم يخل من أصداء ومؤشرات لاحت هنا وهناك، ترسم صورة مصغرة لتعدد تلك الآثار وكيفية تفاعل المجتمعات المختلفة معها، فارتفاع معدل البطالة وانخفاض ساعات العمل فى الكثير من الوحدات الإنتاجية، ترتب عليهما ازدياد إقبال الناس على الكنائس. وعلى القراءة. إذ تشير مختلف التقارير الصحفية إلى أن الكنائس فى الولايات المتحدة وأوروبا أصبحت أكثر أهمية فى حياة الناس، ليس فقط لأن بعضها أصبح مأوى لأعداد كبيرة من المشردين والمطرودين من بيوتهم، ولكن أيضا لأن زيادة أعداد العاطلين عن العمل دفعت كثيرين للانخراط فى مختلف الأنشطة التى تقوم بها.


ارتفاع نسبة الإقبال على القراءة كان واضحا فى أوروبا عنه فى الولايات المتحدة، فقد ذكر تقرير بثته «نيويورك تايمز» أن مبيعات الكتب فى فرنسا زادت فى ديسمبر الماضى بنسبة2٪ على ما كانت عليه فى العام الذى سبقه. أما فى شهر يناير فإنها زادت بنسبة 2.4٪ على ما كانت عليه فى الشهر ذاته من العام السابق، إلا أن أسواق الكتب كانت أقل انتعاشا فى إنجلترا والولايات المتحدة، حيث انخفضت مبيعاتها لأقل من واحد فى المائة عما كانت عليه فى العام السابق، وكان الركود أوضح ما يكون فى كتب السفر والموضات وكتب الرفاهية الغذائية.

 
فى النمسا، انتعشت الشركات التى تنتج لوازم السلع التى يتم تجميعها منزليا، ونشرت الصحف تصريحا لمدير شركة «هورنباخ» كبرى شركات مواد البناء والأدوات المنزلية، قال فيه: «كلما ازداد الحديث عن الكساد والانكماش الاقتصادى وضرورة ترشيد الإنفاق ازدادت أرباحنا وتضاعفت». وكان الرجل ــ اسمه شتيفان جولد شفايندت ــ قد صرح لوسائل الإعلام بأن شركته بحاجة إلى مزيد من الأيدى العاملة المدربة لمواجهة زيادة الطلب على منتجاتها، بعدما أصبح الناس بسبب الأزمة أكثر اعتمادا على أنفسهم فى عمليات البناء والصيانة المنزلية، بالإضافة إلى تفضيلهم للأثاث الذى يتم تركيبه وتجميعه منزليا، عبر الاستعانة بالكتيبات الإرشادية.


إسرائيل تعاملت مع الأزمة بصورة مغايرة، إذ اعتبرتها الوكالة اليهودية فرصة لاستجلاب أكبر عدد ممكن من اليهود فى روسيا التى ضربتها الأزمة من عدة أوجه، فانخفضت قيمة الروبل بنسبة 50٪ وتراجعت كثيرا موارد الحكومة مما أدى إلى هروب رءوس الأموال للخارج. وهى أوضاع زادت من معاناة الناس، واليهود من بينهم بطبيعة الحال.

 وقد ذكر تقرير قدم إلى الحكومة الإسرائيلية حول الموضوع، أعدته الوكالة اليهودية بالمشاركة مع جهاز «انتيف» الاستخبارى الذى اختص باستقدام اليهود فى الاتحاد السوفييتى سابقا، أن فى روسيا والدول المجاورة لها 900 ألف يهودى أكثر من نصفهم يمكن جذبهم إلى إسرائىل فى الظروف الراهنة، خصوصا بعدما انخفضت نسبة المهاجرين إلى الدولة العبرية خلال السنوات الأربع الأخيرة.


فى لندن نشرت صحيفة «إندبندنت» نتيجة دراسة ذهبت إلى أن عام 2009 سيكون عام الطلاق. حيث يتوقع أن يقدم مليونا متزوج على الانفصال بسبب الأزمة المالية، وأشارت إلى أن زوجات رجال الأعمال الأثرياء المتضررات سيقدن موجة الزوجات المطالبات بالطلاق، كما تحدثت عن أن مكاتب المحامين المتخصصين بالطلاق، شهدت خلال الشهر الأول من العام الحالى زيادة بمعدل ثلاث مرات فى استفسارات الطلاق بالمقارنة بمثيله فى العام الماضى، ونقلت عن محامية متخصصة بالطلاق ـ اسمها ماريا تيلور ـ أن «الفقاعة انفجرت»، لأن الذين أجلوا طلاقهم أملا فى انقشاع الأزمة أدركوا أنها ستطول فأصبحوا يتعجلون إيقاعه. وهذه الظاهرة تحدثت عنها صحيفة «تشاينا ديلى» الصينية، التى نقلت عن مستشارى الزواج قولهم إن الركود الاقتصادى أصبح سببا مباشرا لزيادة حالات الطلاق فى المدن الصناعية بوجه أخص.


قد يعنُّ لك أن تسأل عن صدى الأزمة عندنا، وردى أننا اعتدنا فى مثل هذه الحالات على أمرين: أولهما الإعلان الرسمى عن أن الموقف تحت السيطرة و«كله تمام»، وثانيهما أن الجهات الأمنية لديها الخبر اليقين، وأنها لن تقصر فى القيام «بالواجب» فى كل الظروف. وليس مطلوبا منا أكثر من أن «نتفرج» على ما يحدث.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved