في الذكرى العشرين على تأسيسه.. الاتحاد الإفريقي يعاني من الشلل

قضايا إفريقية
قضايا إفريقية

آخر تحديث: الجمعة 25 مارس 2022 - 9:30 م بتوقيت القاهرة

نشرت معهد الدراسات الأمنية مقالا بتاريخ 17 مارس للكاتبين بول سيمون هاندى وفيليسيتى دجيلو تناولا فيه القيود الموجودة على الاتحاد الأفريقى التى تضعف من قدرته على حل النزاعات والصراعات فى القارة.. نعرض منه ما يلى.
تأسست منظمة الوحدة الأفريقية فى 25 مايو 1963 عندما وافقت 32 دولة أفريقية بعد نيل استقلالها على إنشائها، وفى 9 يوليو 2002 تأسس الاتحاد الأفريقى بدعوة من الرئيس الليبى معمر القذافى ليخلف منظمة الوحدة الأفريقية. يضم الاتحاد الأفريقى الآن 55 دولة هى مجموع دول القارة الأفريقية. يختلف الاتحاد الأفريقى عن منظمة الوحدة الأفريقية فى عدد من النقاط، نذكر منها أن الاتحاد الأفريقى له سلطة التدخل فى الشئون الداخلية للدول تحت ظروف معينة على عكس منظمة الوحدة الأفريقية، وأن قضيتى الديمقراطية وحقوق الإنسان يعدان العمود الفقرى للاتحاد الأفريقى وله مؤسسات معنية بذلك، ويمتلك الاتحاد أجهزة خاصة مثل مجلس السلم والأمن والبنك الأفريقى ومحكمة العدل، إلى جانب هذا يمتلك الاتحاد الأفريقى أجندة تنمية اقتصادية طموحا للقارة على عكس المنظمة التى اهتمت بشكل رئيسى بقضايا القارة السياسية. هذا العام، نحتفل بمرور 20 عاما على تأسيس الاتحاد الأفريقى.
تعد قمة الاتحاد الأفريقى فى فبراير الماضى مهمة من عدة نواحٍ؛ فتم عقدها فى أديس أبابا بعد ما يقرب من عامين من الاجتماعات عبر الإنترنت بسبب وباء كورونا، مما يشير إلى الثقة المتزايدة فى إدارة الوباء، وكانت القمة فرصة بالنسبة للسلطات الإثيوبية لإظهار سيطرة الحكومة على الوضع الأمنى الهش فى البلاد. وكان الخطاب الافتتاحى لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى، موسى فقى، مفاجأة إيجابية أخرى للقمة؛ فالخطاب كان موجها لرؤساء الدول الأعضاء بشكل غير معهود، مستخدما كلمات واضحة وشجاعة لوصف ما أسماه ضخامة الشلل الأفريقى فى التعامل مع الأزمات التى تشهدها الدول الأعضاء.
كان موسى فقى يشير إلى السجل المتدنى للاتحاد الأفريقى فى مجال السلام والأمن فى عام 2021، وطرح أيضا أسئلة أساسية حول سلطة الاتحاد فى التعامل مع التحديات التى تواجه القارة واستقرار الدول.
ما الذى يحتاجه الاتحاد الأفريقى ليكون له دور مؤثر فى حالات الصراع؟ فهذا هو الوقت المناسب لطرح هذا السؤال. مع بلوغ الاتحاد عامه الحادى والعشرين، تختبر النزاعات المطولة والناشئة تماسك بنية مجلس السلم والأمن الأفريقى التابع للاتحاد الأفريقى وهدفه فى تحقيق مبادرة إسكات أصوات المدافع بعام 2030.
• • •
تعرف السلطة وفقا إلى الفيلسوف حنا أرندت على أنها قدرة الحصول على الموافقة دون إكراه. يستمد الاتحاد الأفريقى كمنظمة قارية نفوذه من الالتزام الطوعى للدول الأعضاء بمشروعات الوحدة الأفريقية التى يطرحها. ولكن الحكومات لا تؤيد الاتحاد الأفريقى فى الأوقات التى يحاول فيها الاتحاد فرض سلطته، وخاصة فيما يتعلق بالاستجابة المبكرة للأزمات ومنع الصراعات.
الحكومات الأفريقية عندما تواجه بأزمات غالبا يلجأون إلى عدة استراتيجيات تحجم من دول الاتحاد الأفريقى: فيرفضون، بأدب، تدخل الاتحاد فى شئونهم الداخلية كما فعلت الكاميرون، أو يعترضون على أعمال الاتحاد المطبقة على الأرض بالفعل كما فى حالة الصومال، أو يعملون على تهميش الاتحاد ويلجأون إلى هيئات إقليمية كما فعلت جمهورية أفريقيا الوسطى وموزمبيق، أو فقط يفضلون التعامل مع جهات دولية فاعلة تتمتع بموارد أفضل كما الحال فى ليبيا والسودان.
يكافح الاتحاد الأفريقى فى النزاعات بين الدول، مثل تلك بين المغرب والجزائر، ومصر وإثيوبيا، وكينيا والصومال ورواندا وأوغندا، للتوسط بين المصالح المتعارضة للدول المعنية، بالإضافة إلى تعامل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقى غير المتسق مع التغييرات غير الدستورية للحكومات فى مالى وتشاد، وبالتالى يمكن القول بأن الاتحاد الأفريقى يواجه تراجعا فى السلطة... ومع ذلك، يمكن عكس الاتجاه إذا تمت معالجة العديد من الهشاشة الهيكلية والمتكررة.
تتمثل إحدى نقاط الضعف أيضا فى أن معظم الدول الأفريقية تعارض أى تدخل فى شؤونها الداخلية. فى حين أن الاتحاد الأفريقى تحول من موقف عدم التدخل لسلفه (منظمة الوحدة الأفريقية) إلى التدخل تحت ظروف معينة، فإن الفجوة كبيرة بين مفوضية الاتحاد الأفريقى النشطة والدول الأعضاء المقاومة لذلك. هذا يسبب تناقضات فى كيفية تطبيق الاتحاد الأفريقى لقواعده وأطره، مما يضعف الاتحاد.
العلاقة بين الدول الأعضاء والاتحاد الأفريقى هى من مصادر الضعف التى يعانى منها الاتحاد. على عكس الاتحاد الأوروبى، الذى يجب أن يتأهل أعضاؤه للانضمام إليه، فإن الانضمام إلى الاتحاد الأفريقى يخضع فقط للجغرافيا. على الرغم من الخطاب القوى حول مدى تكامل الاتحاد، فإن الاتحاد الأفريقى يضم أنواعا مختلفة للغاية من الحكومات ذات الالتزامات المختلفة تجاه حقوق الإنسان؛ حيث تفضل معظم الدول الأعضاء وجهة نظر تقليدية للسيادة تمنع أى تدخل لتعزيز الحكم وحقوق الإنسان.
إن دور الاتحاد الأفريقى كداعم للقيم المشتركة معقد لأنه لا يشجع التقارب الديمقراطى الذى يحتاجه من الدول الأعضاء، على الرغم من أنه يتمتع بسلطة إصدار عقوبات فى حالات التغييرات غير الدستورية للحكومات.
نظرا لأن الاتحاد الأفريقى لا يقدم إعانات أو أموالا كبيرة للتحديث الاقتصادى، فإن قيمته المضافة فى الأداء اليومى للدول الأعضاء محدودة، وبالتالى اعتماد الحكومات الأفريقية على الاتحاد الأفريقى ليس كبيرا. كان الاستثناء هو دور الاتحاد المهم فى مكافحة الأوبئة والجوائح، على الرغم من أن هذا يعد رد فعل على الكوارث أكثر من كونه أداء استباقى.
• • •
حجم سلطة وتأثير الاتحاد الأفريقى كمنظمة دولية يفوق الحجم الذى تريد الدول الأعضاء منحه للاتحاد. لا يزال من غير الواضح مدى استعداد القادة الأفارقة لتحقيق التكامل القارى الفعال الذى يتجاوز الشعارات الإفريقية.
يمكن القول أن اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية توضح الالتزام بالتكامل الإقليمى. ولكن هل سيكون الاتحاد الأفريقى قادرا على تسوية الخلافات التجارية بين كينيا والصومال على سبيل المثال إذا لم يكن هناك ثقة فى الاتحاد وقدرته على لعب دور الوسيط المحايد فى المسائل السياسية والأمنية؟
يعتمد نجاح أى اتفاقية تجارية على استقلالية وحياد آليات تسوية النزاع ودعم القرارات الصادرة عنها من قبل الدول الموقعة عليها. كانت الدول الأفريقية على مر السنين غير مرتاحة لقرارات الهيئات القانونية الإقليمية؛ حرمت تنزانيا أخيرا شعبها من الوصول المباشر إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب على سبيل المثال، والتى من المفارقات أن مقرها الرئيسى فى مدينة أروشا فى شمال تنزانيا. ويبقى أن نرى كيف ستستجيب الدول الأعضاء فى الاتحاد الأفريقى لقرارات آلية حل النزاع فى منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.
مع احتفال الاتحاد الأفريقى بالذكرى السنوية العشرين لتأسيسه، فإنه يقترب من نهاية دورة احترمت فيها الدول الأعضاء سلطة الاتحاد دون الحاجة إلى استخدام آلياته الملزمة. وحتى يستمر الاتحاد فى لعب أدوار ذات صلة بالقضايا والأزمات التى تواجهها الدول، يجب على الدول الأعضاء الرئيسية فى الاتحاد الأفريقى إيجاد طريقة لسد الفجوة بين التوقعات وقدرات الاتحاد.
إذا كانت الدول الأفريقية ترى أن التكامل ووجود درجة محدودة من السلطة فوق الوطنية يتعارض مع مصالحها، فسيلزم أن ينصب التركيز على تحقيق تعاون إقليمى أكبر يزيد من الفوائد التى تعود على الدول من هذا الاتحاد، وسيعد هذا بمثابة خطوة كبيرة على طريق التكامل بين الدول الأفريقية.

ترجمة وتحرير: ابتهال أحمد عبدالغني
النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved