كيت بلانشيت.. ممثلة برائحة «الياسمين الأزرق»

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الجمعة 25 مارس 2022 - 9:25 م بتوقيت القاهرة

سيزار تتوجها بالجائزة الفخرية.. والنجمة الأسترالية: «إذا أيقنت مرة أنك ستسقط وتفشل، على الاقل أسقط بشرف»
عندما علمت أن الأكاديمية المنظمة لجوائز سيزار «الأوسكار الفرنسية» تمنح الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت جائزة سيزار فخرية عن مجمل مسيرتها وشخصيتها وعن القضايا التى تهتم بها وتلازمها، أدركت كيف يفكر الفرنسيون، ونظرتهم للسينما ونجماتها، فهم يرون فى بلانشيت نجمة من الطراز الرفيع، ليس فقط كونها حاصدة لجائزتى أوسكار، عن أدائها فى فيلمى «الطيار» و«ياسمين أزرق»، ولكن كونها نجمة ستبقى فى التاريخ بأسلوب أداء متفرد له فلسفته، وتجسيدها أدوارا تخترق العمق الإنسانى، وهو العمق الذى تضعه فرنسا تاجا على ثقافتها وتاريخها ورؤيتها للسينما طوال الوقت.
بلانشيت، 52 عاما، آمنت أن طريقها كان صعبا، وآمنت أيضا بنجاحها، وعقب اختيارها من مجلة تايم كونها من أكثر الشخصيات تأثيرا فى العالم قالت «إذا أيقنت مرة أنك ستسقط وتفشل، على الاقل أسقط بشرف».. كانت تلك الجملة مؤثرة جدا، نعم لم تعر انتباهها لشباك التذاكر بقدر ما انتبهت لتقديم ادوار وتجسيد شخصيات واعمال قوية ومؤثرة ولها قناعتها.
بلانشيت فنانة متعددة الأوجه على الشاشة، فمن ينسى فيلمها «الحقيقة» أمام روبرت ريدفود، دراما ساخنة فى غرفة الأخبار تعرض بالتفصيل قصة تقرير برنامج 60 دقيقة على قناة «سى بى إس» عام 2004 الذى يحقق من جديد فى قضية الخدمة العسكرية غير المكتملة للرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الأب، والتى أثارتها القناة التليفزيونية قبيل ترشح الرجل للانتخابات الرئاسية، وما تلاها من عاصفة النقد التى كلفت المذيع دان راذر والمنتجة مارى ميبس حياتهم المهنية.
وهيمن على الفيلم العلاقة بين ميبس، التى تلعب دورها فى كيت بلانشيت، وريذر الذى يلعب دوره الممثل المخضرم روبرت درفورد، وفى السياق يبدو الصراع للوصول إلى الحقيقة، سواء عبر تناول سلوك المراسلين والتدقيق فى دقة المصادر والهجوم الذى تلا التقرير وقضى على مستقبل ميبس.
وقالت بلانشيت «إن الفيلم يجسد المشكلة التى تواجه الجمهور فى محاولتهم للوصول إلى أى شىء قد يشبه الحقيقة».
وأضافت فى شهادتها «الفيلم يطرح سؤالا عما إذا كانت العقوبة التى أنزلتها سى.بى.أس (على ميبس) تتناسب مع ما وصفوه بالجريمة؟».
أصبح دور الملكة إليزابيث الأولى ملكة إنجلترا نقطة تحول فى مسيرة كيت بلانشيت المهنية بعد أن قدمتها فى فيلم «إليزابيث» عام 1998، حيث جلبت شهرتها العالمية وأول ترشيح لجائزة الأوسكار. قوبلت قصة صعود العرش وحكم أحد ألمع الشخصيات السياسية فى بريطانيا العظمى بحماس من قبل المتفرجين والنقاد، وأظهرت بلانشيت بسهولة النمو الشخصى لبطلتها، من مرحلة إلى أخرى تتحول من فتاة خالية من الهموم ذات شعر أحمر إلى حاكم مستبد وحكيم.. من معاناة من أزمات متعددة فى وقت متأخر من عهدها بما فى ذلك المؤامرات المحكمة، ومؤامرة الاغتيال وخيبات الأمل الرومانسية. وفازت عنه بـ 3 جوائز وهى: جائزة بافتا أفضل ممثلة، وجولدن جلوبو أفضل ممثلة لها من الأكاديمية البريطانية.
فى فيلم الإثارة والتشويق «زقاق الكوابيس» الذى يستند إلى رواية صدرت بنفس الإسم عام 1964، تلعب كيت دور محللة نفسية تتشابك حياتها مع قارئ أفكار يعمل فى سيرك، ويقوم بدوره برادلى كوبر، وهو الدور الذى شكل منحنى آخر فى الأداء، مع كون الفيلم ينتمى إلى موجة «نيو نوار» أى «الأفلام السوداء الجديدة». وقد وصفته «هوليوود ريبورتر» بأنه «متألق ومصنوع بإتقان، وأحد أكثر أعمال المخرج جيرمو ديل تورو سلاسة».
بلانشيت، التى رشحت لجوائز نقابة ممثلى الشاشة عن أدائها، تعتقد أن الفيلم على الرغم من أن أحداثه تجرى فى الأربعينيات، إلا أن موضوعه المتعلق بالخداع حديث للغاية.
وتقول «فى عالم اليوم، مواجهة الحقيقة أمر خطير للغاية ويشبه ألعاب السيرك». وتضيف «نحن مرعوبون من الحقيقة.. وبطريقة ما أصبحت فكرة الحقيقة مسيسة، وتستخدم ليس لإبعادنا عن بعضنا فقط، أو لإبعاد مجتمع عن آخر، ولكن لإبعادنا عن أنفسنا أيضا».
وتقول «أعتقد أن زقاق الكوابيس يتعامل مع اللحظة المرعبة التى تبدأ فيها بتصديق الكذبة، بدلا من أن تعيش فى الحقيقة العلمية الثابتة».
عام 2004 قدمت مع المخرج مارتن سكورسيزى فيلم «الطيار».
وحصلت كيت بلانشيت على أوسكارها الأول عن أدائها الرائع كأيقونة هوليوود كاثرين هيبورن فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين. كانت هيبورن عشيقة المليونير والمخرج هوارد هيوز، الذى ذهب دوره إلى ليوناردو دى كابريو. استعدادا للدور، شاهدت بلانشيت نحو 15 فيلما مع هيبورن من أجل تصوير الشخصية بأكبر قدر ممكن من الدقة على الشاشة. بالإضافة إلى الأوسكار، حصلت الممثلة على جائزة الأوسكار البريطانية وجائزة نقابة ممثلى الشاشة.
حالة خاصة من متعة الاداء قدمتها بلانشيت مع المخرج وودى ألن فى فيلم «ياسمين أزرق»؛ حيث الأداء الساحر لدور امرأة على وشك الانهيار العصبى إلى حصول الممثلة على عدة جوائز فى ترشيحها لأفضل ممثلة، بما فى ذلك جائزة الأوسكار الثانية فى حياتها المهنية، والثانية فى جولدن جلوب، وجائزة الأكاديمية البريطانية، وجائزة نقابة ممثلى الشاشة..
كان لبلانشيت دور بارز فى معركة النساء ضد العنف الجنسى فى السينما، لا سيما منذ قضية المنتج «الهوليوودى» هارفى واينستين. وخلال توليها رئاسة لجنة التحكيم فى الدورة الحادية والسبعين لمهرجان كان السينمائى، ظهرت على أدراج كان الشهيرة مع 81 امرأة أخرى يعملن فى مجال الفن السابع للمطالبة بالمساواة.
واختيرت بلانشيت سفيرة نوايا حسنة لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين، ومُنحت عام 2018 جائزة كريستال خلال منتدى دافوس الاقتصادى العالمى عن عملها وتفانيها.
وترفض بلانشيت فكرة أن هذا هو المسار الذى تتجه إليه السينما؛ حيث تجذب أفلام الحركة جماهير ضخمة، وأن الناس يفضلون الانتظار ومشاهدة كل شىء آخر تقريبا وهم فى غرف معيشتهم المريحة.
وتشرح ذلك قائلة «كانت الأمور متأرجحة بالنسبة للعديد من دور السينما المستقلة والانتاجات السينمائية الأصغر فى فترة ما قبل الجائحة. أعتقد أنها فرصة لصناعة السينما لإعادة النظر فى من هو جمهورها حقا، وكيف يمكن استعادة ذلك الجمهور وتنشيطة».
توقفت كثيرا أمام قول بلانشيت «أحاول أن أكون هادئة وأعتمد فقط على الحدس»
قال عنها جورج كلونى إنها «أفضل ممثلة فى جيلها».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved