مبارك فى آخر رحلة له فى أمريكا

محمد المنشاوي
محمد المنشاوي

آخر تحديث: الجمعة 25 أبريل 2014 - 6:30 ص بتوقيت القاهرة

نشر آخر مقال للرئيس السابق حسنى مبارك فى صحيفة نيويورك تايمز يوم 2 سبتمبر 2010 بعنوان «خطة سلام فى متناول يدنا» ذكر فيه أن تدخل الرئيس باراك أوباما وتصميمه على تفعيل مسار السلام الفلسطينى الإسرائيلى قد جددا أملنا فى السلام، وينبغى علينا اغتنام هذه الفرصة. فالإطار العام لتحقيق التسوية الدائمة بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى واضح ويتمثل فى إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضى التى احتلتها إسرائيل عام 1967 على أن تكون القدس عاصمة لكلتا الدولتين فلسطين وإسرائيل.. كما أن جولات المفاوضات السابقة قد حسمت الكثير من التفاصيل الخاصة بالتسوية النهائية لقضايا اللاجئين والحدود والقدس والامن. أكد مبارك إلى أن العقبة الأكبر التى تقف الآن فى طريق النجاح هى عقبة نفسية، إذ إن الأثر المتراكم لسنوات من العنف، وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية افضت إلى انهيار الثقة بين الجانبين وأنه فى سبيل إنجاح المفاوضات لابد من استعادة الثقة والشعور بالأمان.

•••

وجاء نشر المقال خلال زيارة مبارك الأخيرة للولايات المتحدة. فبعد توقف خمس سنوات، قام الرئيس الأسبق حسنى مبارك بزيارتين أخيرتين لواشنطن فى أغسطس 2009 وسبتمبر 2010. وكان الرئيس مبارك قد أعتاد على زيارة العاصمة الأمريكية مرة واحدة على الأقل سنويا، إلا أنه توقف عن عادته السنوية بعد زيارته الشهيرة لمزرعة الرئيس الأمريكى جورج بوش فى كروافورد بولاية تكساس عام 2004. ناقش الرئيسان هناك بصورة أساسية قضيتى التطور الديمقراطى فى مصر، والقضية الفلسطينية. وحدثت جدالات عديدة بين الجانبين المصرى والأمريكى بسبب ملف الدكتور سعد الدين أبراهيم، وملف الانتخابات المصرية. كما حصلت القضية الفلسطينية على نصيب الأسد من المباحثات بسبب ما تم التوصل إليه قبل الزيارة من قبول مبادرة رئيس الوزراء الإسرائيلى أرييل شارون بالانسحاب من جانب واحد من مدينة غزة. وجاء تقديم الرئيس بوش بخطاب الضمانات الشهير إلى رئيس الوزراء الإسرائيلى أرييل شارون عقب لقائه مع الرئيس مبارك ليسبب حرجا بالغا للرئيس المصرى الذى عبر بوضوح عن غضبه لعدد من المسئولين الأمريكيين. كما أضاف ما سببه مطالبات مسئولى الإدارة الأمريكية للرئيس مبارك بتسريع وتيرة الإصلاح السياسى والديموقراطية، ما اعتبرته القاهرة تدخلا فى شئونها الداخلية حسبما يذكر أليوت أبرام من مجلس الأمن القومى والذى شارك فى نقاشات مع الجانب المصرى فى زيارة تكساس.

•••

ودائما ما أثارت أى زيارة يقوم بها الرئيس حسنى مبارك، ونجله الأصغر جمال إلى العاصمة الأمريكية نقاشا واسعا فى مصر حول قدرة واشنطن على التأثير فى مستقبل الحكم فى مصر وهوية خليفة الرئيس مبارك، إلا أن النقاش كان يمتد فى مبالغة كبيرة إلى حدود الدور الأمريكى وموافقة أو رفض الإدارة الأمريكية لمرشح بعينه. وتعكس هذه المبالغة شيئين مهمين، الأول هو الجهل الكبير بسياسة وأهداف واشنطن تجاه مصر ومستقبل الحكم فيها، وفاعليات صنع القرار فى واشنطن، والثانى عدم فهم لحدود الدور الأمريكى المنحسر فى عالمنا اليوم بصورة عامة.

ولم تكن زيارة الرئيس مبارك ونجله فى 2009 و2010 استثناء. وخلال الزيارة نشر مجلس العلاقات الخارجية، وهو من المراكز البحثية المرموقة فى العاصمة الأمريكية، دراسة للباحث المتخصص فى الشأن المصرى ستيفن كوك أشار فيها إلى احتمال حدوث فوضى كبيرة فى مصر، وتوقع أن تشهد مصر حالة زعزعة فى الاستقرار خلال السنوات القليلة المقبلة. وذكر كوك أن مصر « تدخل حاليا فترة من الانتقال السياسى، مع توقع انتهاء قريب لحكم الرئيس حسنى مبارك والذى دام ثمانى وعشرين سنة تقريبا. ستضعف هذه النقلة، وبشكل أكبر، من قدرة الحكومة المصرية على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتلك الخاصة بالسياسة الخارجية، وستزيد بالتالى من احتمال حدوث عدم استقرار سياسى فيها».

من جانبها، كتبت ميشيل دان، الخبيرة فى شئون حركات الاصلاح العربية فى مؤسسة كارنيجى للسلام الدولى عن الزيارة قائلة «على إدارة اوباما أن تصحح الفكرة السائدة فى القاهرة بأن الولايات المتحدة لم تعد تهتم بنشر الديمقراطية فى مصر... لماذا تتراجع إدارة أوباما عن الترويج للديمقراطية فى وقت تقف فيه مصر على عتبة انتخابات مهمة واحتمال تغير فى القيادة؟ يبدو أنها تخشى من أن يمتنع مبارك عن التعاون على صعيد السلام الاقليمى والاستقرار فى ما لو ازعجته واشنطن بالتعبير عن مخاوف على حقوق المصريين».

•••

خلال الزيارة أراد الجانب المصرى التركيز على قضايا الأمن الإقليمى فى الزيارة، إلا أن بيانا صدر يوم 1 سبتمبر من البيت الأبيض أشار بوضوح إلى أن الرئيس أوباما أكد خلال لقائه بمبارك على «أهمية وجود مجتمع مدنى نشط، ومنافسة سياسية مفتوحة، وانتخابات شفافة وعادلة فى مصر»، وهو ما أغضب مبارك وأربك الوفد الرسمى المصرى المرافق للرئيس.

إلا أن أهم لحظات الزيارة جاءت خلال مقابلة تليفزيونية أجراها المذيع الشهير تشارلى روز مع الرئيس مبارك الذى صرح بأن «الناخبين المصريين هم الذين سيختارون خليفته» وأضاف مبارك «لا أحد يعلم من سيكون خليفتى، فإن لدينا انتخابات.. وعند الانتخابات الناس هم الذين سيقررون». ولم يكشف الرئيس مبارك ما إذا كان ينوى ترشيح نفسه فى الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها عام 2011، وقال «لا أفكر فى ذلك فى الوقت الراهن»، وبشأن ما إذا كان على خليفته أن يضمن أولا دعم الجيش المصرى قال مبارك «لا.. لا أوافق على هذا القول».

من جهة أخرى أكد الرئيس مبارك عدم شعوره بالقلق من تصاعد نفوذ جماعة الإخوان المسلمين وعلاقاتهم بجماعات أخرى فى المنطقة. وقال «سواء كانوا جيدين أم سيئين، طالما أنهم لا يرتكبون جرائم إرهابية، فإن الأمر سيان بالنسبة لى».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved