الدفاع المتجدد عن «المرأة»

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 25 أبريل 2017 - 9:05 م بتوقيت القاهرة

اللبنانيون شعب ظريف، ومبتكر فى احتجاجه، والأساليب التى يلجأ إليها فى التعبير عن امتعاضه أو رفضه لسياسة أو قانون أو وضع ما تشع بمظاهر حب الحياة. حملة تقودها منظمة غير حكومية ضد نص قانونى موجود ليس فى لبنان فقط بل فى دول عربية أخرى، مفاده أن تتوقف الملاحقة القضائية ضد المغتصب الذى يتزوج من ضحيته. زواج لا يخلو من شبهة إذعان، لا يجب أن يكون المجتمع فى صف المغتصب إلى هذا الحد، يغض الطرف عن جريمته إذا تزوج من الفتاة التى اعتدى عليها. نص غير مقبول، علق اللبنانيون فساتين فرح على الشاطئ بهدف لفت الانظار تجاه هذا القانون الذى ينضح ذكورية مقيتة. واحد وثلاثون فستانا علقوا على النخل المواجه للشاطئ فى بيروت دلالة على أن الشهر به واحد وثلاثون يوما يمكن أن تغتصب فتاة كل يوم. الخلاصة المغتصب تزوج أم لم يتزوج من ضحيته ينبغى أن يحاسب بالقانون.
الحملة التى انطلقت فى بيروت لها مثيلات، وتحاكى حوارات فى أماكن عديدة من المنطقة العربية، التى ابتليت بكل صور انتهاك حقوق المرأة. هناك جهود برلمانية لتغليظ عقوبة التحرش فى مصر، قدمتها نائبات فى البرلمان مثل الدكتورة سوزى عدلى ناشد التى قدمت مقترحا بتعديل بعض مواد قانون العقوبات فى اتجاه تغليظ العقوبات على المتحرش، وتوسيع مفهوم التحرش ليشمل الفعل والقول والمراسلة والملاحقة. نأمل أن يتجه مجلس النواب إلى هذا التعديل أو غيره لأن التحرش تحول إلى ظاهرة عامة، ويحتاج إلى روادع قانونية توقفه بعد أن ثبت أن النداءات الاخلاقية والدينية، وإثارة الشهامة والهمة لا تؤتى بثمار كافية فى المجتمع.
فى أوقات كثيرة تسمع أصواتا فى المجتمع تشكك، وترفض الحركات «النسوية»، وترى فيها تطرفا فى الدفاع عن حقوق المرأة، لكن لا أحد يتصدى لانتهاكات حقوق النساء، أو يتحدث عنها بصوت خفيض، ويكفى متابعة عالم الجريمة لنرى كم الانتهاكات العارمة التى تصادف المرأة المصرية خاصة فى ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة، فهى المرأة التى تعمل، وتواجه التحرش، وتخوض مغامرة التعامل فى المجال العام، أو حتى السير فى الطريق العام، وقد تكون عائلة أسرتها لأن الزوج لا يعمل أو تركها هى وأولادها ولم يعد ينفق عليهم، أو تتعرض إلى عنف على يد زوجها أو والدها أو اشقائها.
المجتمع مهما بلغ رقى الناس فيه، متعلمون، وربما يدعون التحضر، لكنهم فى أعماقهم ذكوريون، ينظرون نظرة أدنى للمرأة سواء كانت حسية أو مادية، ولا يعتبرونها مساوية للرجل. ومن غير المقبول أن نرد ذلك إلى موروثات ثقافية، أو ندعى بأن الثقافة العامة محافظة. هناك موروثات ايجابية فى حق المرأة، يمكن أن نستدعيها، ولكن الغالب الآن هو تفضيل ثقافة فيها انحطاط، وغياب للشهامة، والانفلات الاخلاقى.
المطلوب هو الضرب بيد القانون الرادعة، وأن تكون مؤسسات العدالة بالفعل مؤمنة بحقوق المرأة، تدافع عنها، وتحققها فى الواقع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved