الصهيونية لا يمكنها أن تؤدى لسلام عادل

صحافة عالمية
صحافة عالمية

آخر تحديث: الثلاثاء 25 مايو 2021 - 7:55 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للكاتب رافاييل ميمون يقول فيه أن الإسرائيليين لا يمكنهم رؤية الظلم الواقع على الفلسطينيين أو الفصل العنصرى والاضطهاد الذى يعانون منه فيرى الإسرائيليون أن هذا حق اليهود الطبيعى فى الدفاع عن أنفسهم، ويشير الكاتب أن نظام الفصل العنصرى لا يمكنه تغيير نفسه من نفسه ولابد من وجود ضغط خارجى لإنهائه... نعرض منه ما يلى:

يقول الكاتب إنه نشأ فى منزل صهيونى، وقضى 12 عاما عضوا فى حركة شبابية صهيونية، وعاش أربع سنوات فى إسرائيل، ولديه أصدقاء خدموا فى الجيش الإسرائيلى، فى خضّم كل هذا يكون من الصعب رؤية واقع الفصل العنصرى. نشأ الكاتب فى فرنسا، وسط حب ودعم غير محدود لإسرائيل. لم يكن مصطلح الصهيونية يتم استخدامه ــ الحركة من أجل إنشاء ودعم دولة يهودية فى فلسطين ــ لأن هذا كان الطبيعى. فاليهود واجهوا المحارق والمذابح ووجود دولة يهودية كان السبيل الوحيد للحفاظ على سلامة اليهود.
الصهيونية متجذرة فى الخوف، وهى تتعلق بالبقاء وحب الشعب اليهودى. ولكن مثل أى قومية عرقية أخرى، تؤسس الصهيونية تسلسلا هرميا؛ يعطى الأولوية لسلامة اليهود ورفاهيتهم، حتى على حساب الآخرين. تعتمد على رواية تاريخية تبرر الاحتلال وتبرر الوضع الراهن. والصهيونية لا يمكنها أن تنتج سلاما عادلا.
الاحتلال الإسرائيلى للضفة الغربية، ببساطة، هو فصل عنصري؛ نظامان قانونيان لمجموعتين عرقيتين. إذا ارتكب يهودى وعربى نفس الجريمة فى الضفة الغربية، يواجه اليهودى محكمة مدنية أما العربى يواجه محكمة عسكرية. معظم الإسرائيليين لا يستطيعون رؤية ذلك على أنه غير عادل. إنهم يحاربون مصطلح «الفصل العنصرى» لأنهم يؤمنون أن التمييز أمر مشروع وأنه مسألة طبيعية للدفاع عن النفس.
المجتمع اليهودى الذى نشأ فيه الكاتب تغذى على سرد تاريخى منفصل عن الواقع؛ أن فلسطين كانت إلى حد كبير أرض صحراوية غير مأهولة بالسكان قبل أن يذهب إليها اليهود. وخلال ما يسمى حرب الاستقلال الإسرائيلية، لم يتم طرد الفلسطينيين من قبل الميليشيات اليهودية، ولكن اختار الفلسطينيون ترك منازلهم لإفساح المجال للجيوش العربية «لدفع جميع اليهود إلى البحر، أمواتا أو أحياء». وأنه لم يهتم القادة العرب بالوصول إلى تسوية، ورفضوا كل عروض السلام من إسرائيل والولايات المتحدة.
ولكن كل هذا تم فضحه؛ على سبيل المثال من خلال وزير إسرائيلى سابق روى دوره فى طرد الفلسطينيين خلال حرب عام 1948، ومن قبل المؤرخين الذين أظهروا أن معظم الأراضى فى فلسطين كان يزرعها مزارعون عرب قبل الهجرة الصهيونية. ولكن، كما يشير الكاتب، عندما يتبنى المجتمع اليهودى الذى تعيش وسطه هذا السرد التاريخى غير الواقعى، من أصدقاء وعائلة وإعلام ومنظمات، يصبح هذا واقعك. هو سرد خاطئ، منفصل عن الحقائق التاريخية، ولكنه يصبح واقعك.
ما زاد من تعقيد هذا الواقع هو الصراع المستمر لأكثر من مائة عام والذى أدى إلى تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم فى نظر اليهود. عندما قصف الجيش الإسرائيلى غزة وقتل أعدادا كبيرة من المدنيين، بمن فيهم الأطفال، رأى الإسرائيليون أن ما على الفلسطينيين إلا لوم أنفسهم؛ لأنهم لم يقبلوا عروض السلام السابقة، ولأنهم يتسامحون مع وجود جماعات مسلحة وسطهم، ولأنهم يعلمون أطفالهم كراهية اليهود. ولذلك، فى رأى الإسرائيليين، فإسرائيل تدافع عن نفسها وببساطة لا يوجد بديل آخر. نفس الفكر يبرر الحصار على غزة، ونقاط التفتيش العسكرية فى الضفة الغربية، وحائط الفصل، وإزالة البيوت فى الأحياء الفلسطينية. أما عن الألم الفلسطينى فهو إما زائف أو من صنع الذات، ولكنه ليس حقيقيا كألم اليهود.
بالطبع، يرفض بعض الإسرائيليين هذه الروايات ويطلقون حملات من أجل تحرير الفلسطينيين، لكنهم أقلية. لا يتعامل الإسرائيلى العادى مع ما يتعامل معه الفلسطينى كل يوم فى ظل الاحتلال؛ من الاضطرار للخضوع لنقاط التفتيش، وطلب تصريحات لتسيير جميع أموره من حكومة لا تمثله، مع إمكانية اقتحام الجنود لمنزله والاستيلاء على ممتلكاته بدون محاسبة.
سيتحقق تحرير فلسطين عندما تبدأ تكلفة الاحتلال تفوق فوائده. سيتطلب ذلك ضغطا خارجيا هائلا، كما حدث فى حالات الاحتلال والفصل العنصرى الأخرى. على سبيل المثال؛ فى جنوب إفريقيا أدت العقوبات الدولية وحظر الأسلحة والمقاطعة إلى انهيار النظام العنصرى. تم إنهاء الاحتلال الوحشى لتيمور الشرقية من قبل اندونيسيا بحركة تضامن عالمية وضغط دولى. فى جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، كان التشريع وقرارات المحكمة العليا هى التى فرضت حقوقا متساوية وأنهت الفصل العنصرى.
فى كل تلك الحالات، كانت الجماعة المهيمنة تعميها روايتها التاريخية ومنفصلة جدا عن إنسانية من يعتبروهم «أعدائهم»، لدرجة أن الضغط الخارجى فقط هو الذى أدى إلى حل عادل، وهذا صحيح بالنسبة لإسرائيل. لإنهاء الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، يمكن أن يتخذ هذا الضغط الخارجى شكل مقاطعة البضائع الإسرائيلية، ومقاطعة الشركات للتكنولوجيا الإسرائيلية، وعقوبات من قبل شركاء إسرائيل التجاريين والداعمين السياسيين؛ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى. لن تتغير دولة فصل عنصرى من نفسها. الضغط الخارجى هو الوحيد الذى يمكن أن يدفع إسرائيل نحو إنهاء الاحتلال.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved