طلاق أم مساكنة؟

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

آخر تحديث: السبت 25 يونيو 2016 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

ها وقد حطت حملة الاستفتاء البريطانية أوزارها وصوّت البريطانيون لترك الاتحاد الأوروبى بنسبة 52% أى بهامش ضئيل إلا أن ردود الأفعال تتوالى سواء فى بريطانيا أو خارجها وظل السؤال ماذا يعنى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى وهى دولة أوروبية بل جزيرة أوروبية وما حولها وعلى حدودها دول أوروبية؟

الاتحاد الأوروبى (42 سنة) كان نتيجة لما مرت به أوروبا من الحربين الأولى والثانية وأيضا حروب داخل أوروبا وما بين دولها وممالكها وإماراتها، فتعدى الأوروبيون خصوماتهم ومعاركهم واتفقوا على خلق كيان سياسى واقتصادى واحد على شبه الولايات المتحدة الأمريكية مع بعض الاختلافات، منها الحفاظ على هوية وخصوصية ونظام حكم كل دولة وأيضا خلق كيان سياسى ما بين الاتحاد السوفييتى الشيوعى (فى ذلك الوقت) وما بين الولايات المتحدة الأمريكية كرمز للحرية والليبرالية والرأسمالية.

ولكن بريطانيا كان لها دائما نوع من الاستقلالية حتى لا نقول نظرة فوقية على بقية الدول الأوروبية والدليل على ذلك أن بريطانيا احتفظت بالجنيه الإسترلينى ولم تعتمد اليورو مثل بقية الدول الأوروبية المشتركة وأيضا لم تنضم لمنطقة «تشينجن» مثل بقية الدول الأوروبية المشتركة فى اتفاقية «تشينجن» الخاصة بفتح الحدود بين دول أوروبا. كما لها سياسة خاصة للسيطرة على الإسلام السياسى نجحت لحد ما فيها ولكن آوت كثيرا من الإرهابيين ومن الإخوان المسلمين وسمحت لهم بالتواجد على الساحة السياسية ومخاطبة الوزراء وأعضاء البرلمان إلخ..، خلافا لسياسة دول أوروبية أخرى.

بريطانيا كان لها مطالب إصلاحية تجاه الاتحاد الأوربى وكذلك دول أخرى مازال لها نفس المطالب.. على سبيل المثال فرنسا ولكن على استحياء ومع صعود تيار أقصى اليمين المُطالب بإصلاحات اقتصادية جذرية وكذلك سياسية أكثر شدّة وحزما تجاه المهاجرين وخصوصا من دول الشرق الأوسط حفاظا على هوية بلادهم وأصولهم وتقاليدهم إزاء سياسة رخوة من الأحزاب الوسطية والإشتراكية.

كثير من الخبراء أطلقوا على نتيجة الاستفتاء بأنه «طلاق» ولكن هل بريطانيا وبلاد أوروبا الأخرى تستطيع أن تُطلّق.. كيف ذلك وهناك مشتركات كثيرة مثل.. الأمن الأوروبى.. السياسة الخارجية.. مقاومة الإرهاب.. حلف الأطلنطى.. العلاقة تجاه روسيا وتوسعها بل تدخلها؟ فى الكثير من الأحيان.. كذلك الزراعة والثروة الحيوانية ناهيك عن الارتباطات الاقتصادية التى لم تعد تعرف حدودا بل عابرة للدول والقارات.

ففى تقديرنا المتواضع، ستكون علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبى مشابهة لعلاقة رجل وامرأة نالا الطلاق ولكن مازالا يسكنان معا فى نفس البيت وأغلب الأشياء بينهما مشتركة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved