اللى يجامل (نسيبه)

أميمة كمال
أميمة كمال

آخر تحديث: الأحد 25 يوليه 2010 - 10:26 ص بتوقيت القاهرة

 تعاطفت كثيرا مع السيد رئيس هيئة السكة الحديد مصطفى قناوى الذى أصدر قرارا بتعيين «صهره» نائبا لرئيس الهيئة، وقرارا آخر بترقية «عديله»، واللذين يعملان فى الهيئة ذاتها التى يرأسها، لأنه فوجئ قبل أن تحتفل العائلة بهذه الترقية التى من المؤكد أنها ستزيد العلاقات الأسرية متانة، بأن وزير النقل، المهندس علاء فهمى، قد أصدر قرارا بإلغاء ترقيتهما (الصهر، والعديل)، ربما تخوفا من أن تكون هناك شبهة محاباة «لا سمح الله».

والحقيقة أننى أتعاطف مع رئيس الهيئة، لا من باب أننى أفضل المحاباة أو أدعو لها، أو أننى أنتصر للمحسوبية، وأتحيز لأصحابها، ولكن من باب أننى أؤمن بالعدل، ولدى يقين بأن المساواة هى عين العدل. وبأنه ليس عدلا فى مناخ يتساهل مع الفساد ويشرع له أن نحاسب مسئولا لمجرد أنه يحابى نسيبه.

والحقيقة أننى لو كنت مكان السيد قناوى لما كنت قد سكت على قرار إلغاء الترقية. ولكن كنت قد أرسلت للسيد الوزير على الفور خطابا رقيق اللهجة، أفهمته فيه أن هذا القرار يتنافى مع روح الدستور الذى ينص فى مادته (40) على أن المواطنين متساوون فى الحقوق والواجبات،ولا تمييز بينهم لا بسبب الجنس ولا الأصل أو الدين أو اللغة.

فلماذا يتم إذن التمييز بينهم فى المحاباة؟. فقوانين المجتمع كلها تم تعديلها للتصالح مع المتهربين من الجمارك، ومع سارقى أموال البنوك، والمخالفين لقوانين سوق المال ومستغلى دعم الصادرات. أشمعنى أنا؟

لو كنت مكان رئيس الهيئة لكنت قد قلت للسيد الوزير فى خطابى إنه فى مناخ يتم فيه تعديل قانون البنك المركزى من قبل بعض المنتفعين فى مجلس الشعب لتبرئة من ثبت عليهم بأحكام قضائية (وليس مجرد اتهامات) أنهم استولوا على أموال البنوك بدون وجه حق. ويخرجون ليس فقط لينعموا بالبراءة، ولكن ليوجهوا شتائمهم لمن أراد محاسبتهم. فى هذا المناخ لا يجب أن يحاسب مسئولا قرر أن يرقى نسيبه أو قريبه، بل يحمد له أنه لم يعين ابنه.

وسأقول فى خطابى ألا يرضيك ياسيادة الوزير أنه فى الوقت الذى يتم فيه السماح لأحد المسئولين فى بنك، كان قد سبق إدانته فى قضية تسهيل استيلاء أحد كبار رجال الأعمال على أموال بنكه. ثم بفضل القانون المتساهل يخرج من القضية مثل الشعرة من العجين. ويكافأ بالتعيين فى منصب رفيع فى ذات البنك ليقوم مرة أخرى بمتابعة ملف جدولة ديون نفس رجل الأعمال. وبعدين تقولى رقيت نسيبى ياسيادة الوزير؟.

وساقول للوزير كيف أرتاح ضميرك لقرار إلغاء الترقية فى وقت نشرت فيه الجرائد التصالح مع رئيس شركة أوراق مالية فى البورصة قام بالتلاعب فى أسهم شركته، بحيث يظهر وكأن هناك طلبا متزايدا على أسهمها فى السوق. مما أوحى للمستثمرين بالشراء وبالتالى ارتفعت أسعارها. وبالرغم من ثبوت كل مخالفاته إلا أنه استخدم النص الذى يسمح بالتصالح مع المخالفين وهو الوارد فى قانون سوق المال. وأغلق ملفه.

وبالتأكيد يا سيادة الوزير إنك لم تسمع عن الحكم الذى ألزم وزير المالية بالتصالح مع نائب القمار الذى ثبت أنه تهرب من دفع الرسوم الجمركية على 550 جهاز موبايل، تحت دعوى أن قانون الجمارك يعطى الحق للتصالح مع المتهربين. يعنى ياسيادة الوزير التهريب أهون، ولا حكاية نسيبى؟

وحتى لا أطيل عليك سيادة الوزير أختم كلامى بسؤال أليس من المحاباة (قبل تعيين الأصهار) أن يتم التغاضى عن أن يكون نائب رئيس مجلس الدولة ذلك المجلس الذى أفتى بعدم قانونية عقد مدينتى هو ذاته المستشار القانونى لوزير الإسكان الذى سيكون من أهم مقتضيات الإبقاء على منصبة نجدة الوزير من هذا المأزق القانونى؟

واسمح لى ياسيادة الوزير بسؤال أخير. بذمتك أليست محاباة ما بعدها محاباة أن يتم تعيين أعضاء مجلس الشعب كرؤساء وأعضاء مجالس إدارات لهيئات ولشركات تقع ضمن إطار مساءلة هؤلاء النواب ذاتهم؟.

وإلى أن ينصلح حال هذا البلد، ويتم تعديل تشريعاته لمحاربة الفساد وليس تشجيعه، لازم نسيب كل مسئول يجامل نسيبه، أو قريبه بشرط أن يكون من الدرجة الأولى أوالثانية. ولكن بلاش الثالثة درءا للشبهات. يعنى باختصار اللى يجامل نسيبه لازم نسيبه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved