صرخة من مسلمى ميانمار

سيد قاسم المصري
سيد قاسم المصري

آخر تحديث: الأربعاء 25 يوليه 2012 - 9:35 ص بتوقيت القاهرة

رسالة إلى السيد الرئيس

عفوا فليس الغرض من هذه الرسالة إضافة أعباء جديدة إلى أعبائك العديدة «أعانك الله عليها» فكل المطلوب ان تقتنع بأهمية التحرك المقترح فى هذه الرسالة ثم تصدر تعليماتك إلى وزارة الخارجية التى تعرف طريقها تماما بقدرات ومهارات أبنائها المشهود لهم عالميا.

 

المشكلة يا سيادة الرئيس تتلخص فى أن هذا النفر من مسلمى ميانمار الذين يطلق عليهم الروهينجيا، وهم مواطنون مسلمون فى منطقة تعرف باسم أركان كانت فى الماضى سلطنة إسلامية مستقلة لها علاقات تجارية خارجية شأنها شأن سلطنات الملايو أو سلطنة بروناى. ثم اجتاحتها بورما المعروفة الآن باسم ميانمار وضمتها إلى أراضيها، واليوم لا تريد أن تعترف بسكانها كمواطنين للدولة بل وتعتبرهم أجانب مقيمين إقامة غير شرعية، وقد وصل الأمر بأن يطلب رئيس الجمهورية من المفوض السامى الدولى للاجئين بالمساعدة فى إجلائهم إلى معسكرات تشرف عليها الأمم المتحدة لحين وجود دولة تقبلهم بالرغم من أنهم هم سكان البلاد الأصليون، وأن بورما هى الوافدة عليهم. وقد تعرض هؤلاء المسلمون إلى صور من الاضطهاد والقتل والتشريد والمعاملة المهينة والقاسية واللاإنسانية يصعب تصورها، لقد قتل الأيام الأخيرة فقط أكثر من ألفين من المدنيين المسلمين على يد العصابات البوذية «التى يُقال إنها مدعومة من الحكومة»، ونزح ما يقرب من الثلاثة أرباع مليون إلى بنجلاديش وتايلاند..

 

وما زالت المذابح مستمرة ويحاول الدكتور/ أكمل الدين إحسان أوغلو أمين عام منظمة التعاون الإسلامى أن يحشد العالم الإسلامى وراء خطة تحرك داخل الأمم المتحدة وخارجها للضغط على حكومة ميانمار للاستماع إلى صوت العقل وموازنة سياستها فى ضوء مصالحها مع العالم الإسلامى، لكن لابد من دولة ذات وزن من مساندة هذا التحرك بل وقيادته. ولا أرى إلا أن مصر هى أفضل المرشحين لهذا الدور فبعد غياب دام اكثر من أربعين سنة عن الساحة الإسلامية. أى منذ إنشاء منظمة التعاون الإسلامى (المؤتمر الإسلامى سابقا).. أصبح الوضع مهيئا الآن لاستعادة مصر لدورها الطبيعى فى قلب العالم الإسلامى.. لقد نأى الرئيس السابق مبارك بنفسه وبمصر عن الساحة الإسلامية لمدة ثلاثين عاما..

 

ولم يشارك فى أى قمة إسلامية سوى تلك التى تعقد فى السعودية إجلالا لملك السعودية وليس من منطلقات سياسية، كما فعل نفس الشىء الرئيس/ جمال عبدالناصر (لعدائه للسعودية والنظم التى يعتبرها رجعية) والسادات لظروف القطيعة مع الدول العربية.. أما الآن فلا يوجد ما يحول دون تبوء مصر لمكانتها الطبيعية سوى اتخاذ القرار من جانبنا الذى سيكون محل ترحيب شعبى ورسمى من الجميع، ومن مفارقات القدر أن الله سبحانه وتعالى قد مهد الطريق لإعادة دخولنا من أوسع الأبواب.. حيث جعل مبارك فى أواخر أيام حكمه ولأسباب غير مفهومة يوجه الدعوة رسميا لعقد القمة الإسلامية التالية فى مصر، ورحب العالم الإسلامى بذلك وتحدد شهر مارس 2011 موعدا لانعقادها فى شرم الشيخ ثم قامت الثورة، ومع ذلك فلم يعدل العالم الإسلامى عن قراره بل أجل انعقادها لحين انتخاب رئيس للجمهورية فى مصر.. واعتقد أنها ستعقد بعد عيد الفطر المبارك إن شاء الله.. وسترأس مصر بموجبها القمة الإسلامية لمدة ثلاث سنوات مقبلة.

 

•••

 

لذلك فإننى أقترح أن تتولى مصر بالتشاور مع الدول الإسلامية الرئيسية مبادرة تحرك دولى يهدف إلى التقدم بشكوى جماعية إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مطالبا بتشكيل لجنة تحقيق دولية وعلى ضوء تقرير اللجنة تجرى دراسة إمكانية إحالة الملف إلى مجلس الأمن للمطالبة بإحالة الأمر إلى المحكمة الجنائية الدولية إذا توافرت عناصر تشير إلى ارتكاب جريمة إبادة الجنس وأعتقد أنها متوافرة بكثرة فى تحقيقات المنظمات غير الحكومية. كما يجب على العالم الإسلامى إشعار ميانمار بأن استباحة دماء المسلمين لن تذهب هباء وأن علاقتها بالعالم الإسلامى على المحك، وعليها أن توازن بين هذه العلاقات وبين استمرار سياستها الحالية.

 

والأبواب منفتحة يا سيادة الرئيس والفرص مهيأة وما علينا إلا الإمساك بها لنفتح آفاقا جديدة فى السياسة الخارجية ونعين إخوتنا فى الإسلام ونؤكد المفاهيم الإنسانية والإخلاقية.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved