من أشعل حرائق الأمازون؟

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 25 أغسطس 2019 - 10:15 م بتوقيت القاهرة

منذ 15 أغسطس الجارى اندلع 9500 حريق فى حوض غابات الأمازون. وفى يوم الخميس الماضى فقط اندلع 700 حريق، ومن اول يناير الماضى حتى 22 أغسطس الجارى اندلع 76.7 ألف حريق، بنسبة تزيد على 85% مما سجل عام 2018. هذه الحرائق طالت 52%.
وفى شهر يوليو الماضى فقط، تم تسجيل أكبر نسبة تصحر تشهده الغابات منذ بداية التسجيل بشكله الراهن، حيث اختفى نحو 1345 كيلومترا من الغابات التى تبلغ مساحتها ٥٥٠ مليون هكتار، والرقم الأخير أخبرنى به بالأمس الدكتور نادر نور الدين، والذى يقول إن الدمار أصاب ١٨٪؜ من الغابات العام الماضى، واذا وصل إلى ٢٥٪؜ فستكون النهاية، للمناخ العالمى وللغابة، التى يعتبرها كثيرون «رئة العالم»، حيث تتيح أكثر من ٢٠٪ من الأكسجين الذى نتنفسه، وبالتالى فهى خط الدفاع الرئيسى أمام ظاهرة الاحتباس الحرارى التى تهدد كوكب الأرض.
تقول التقارير الدولية ان الحرائق طالت أيضا 2.5 مليون شجرة، أى نصف مساحة الغابة، ودخان الحرائق غطى مساحة تقدر بنحو 3 ملايين كيلومتر. تصاعد الأدخنة جعل نهار مدينة ساوباولو معتما، وانقطعت عنها الكهرباء رغم أنها بعيده عن مركز الحريق بـ١٧٠٠ ميل، وطبقا لتقرير بثته قناة سى إن إن الأمريكية، فإن الحرائق تدمر مساحة تعادل حجم ملعب ونصف لكرة القدم كل دقيقة يوميا. الأدخنة صارت تغطى نصف البرازيل، وتسربت إلى دول مجاورة مثل بوليفيا وباراجواى، وانتشر الضباب عبر قارة أمريكا الجنوبية وعلى طول ساحل المحيط الأطلسى الشرقى، لدرجة ان دخان الحرائق يمكن رؤيته من الفضاء عبر وكالة ناسا أو محطة الفضاء الدولية!!.
السؤال الذى يشغل الجميع هو: من الذى أشعل الحرائق، وهل هى قضاء وقدر أم بفعل فاعل؟
الرئيس البرازيلى جايير بولسنارو يقول إن الجفاف الطبيعى هو السبب الأساسى فى الحرائق، وإن حكومته لم تتقاعس، وسخر من الذين اتهموه بالقول: «خصومى يصوروننى وكأننى نيرون الذى يريد حرق العالم، وليس فقط الغابة»!!.
صحيح أن الحرائق شائعة فى مواسم الجفاف فى البرازيل لكنها لم تكن أبدا بمثل هذه الضخامة الموجودة حاليا. لكن الأصح هو أن الحكومة البرازيلية لا تتخذ إجراءات حازمة ضد إزالة الغابات للتوسع فى زراعات الوقود الحيوى وفول الصويا، أو توسيع مساحة المراعى لتربية الماشية، أو بناء السدود والطرق الكهرومائية وصناعة التعدين وتجارة الأخشاب، أو بيع الأرض الفضاء لمطورين عقاريين لبناء مساكن تدر أرباحا أعلى.
تقول الأرقام الموثقة إنه فى مايو الماضى كانت إزالة الغابات فى البرازيل أعلى بأربعة أضعافها، عما كانت عليه قبل عام، طبقا لنظام الكشف عن إزالة الغابات الذى يستخدمه المعهد الوطنى البرازيلى لأبحاث الفضاء.
وتبين أيضا تدمير ٢٢٥٤ كيلومترا مربعا من الغابات فى البلاد خلال الشهر الماضى فقط مقارنة بـ٥٩٦ كيلومترا فى يوليو ٢٠١٨ أى بزيادة قدرها ٢٧٨٪.
ثم إن كل الجهات المختصة بما فيها وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، وعلماء البيئة ومنهم ريكاردو ميللو رئيس برنامج الأمازون العالمى للطبيعة يقولون إن هناك علاقة مباشرة بين اندلاع الحرائق وبين إزالة الغابات، وزيادة نسبة الجفاف، وتغيير المناخ بسبب الأنشطة البشرية الجائرة.
وبعد أن بدأ العالم يدرك خطورة الحرائق على مستقبل الكوكب عمت المظاهرات والاحتجاجات عدة مدن برازيلية، وكذلك فى العديد من مدن العالم أمام سفارات وقنصليات البرازيل بالخارج، واضطر بولسنارو، أن ينحنى قليلا أمام العاصفة والغضب الدولى المتصاعد، ويأمر بنزول الجيش للمساعدة فى إخماد الحرائق.
السؤال مرة أخرى: من هو المتهم الرئيسى فى هذه الحالة؟!.
بالطبع وبعد متابعة دقيقة للأزمة فمن الواضح أن هناك أسبابا كثيرة للحرائق، لكن أحد الأسباب الأساسية، هو أن بولسنارو، لا يعارض إزالة الغابات. وموقفه من اتفاقية باريس للمناخ، خير شاهد على ذلك مدعوما من مواقف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى لا يرى علاقة للدور البشرى والتلوث الذى تسببه الشركات والمصانع الكبرى وبين زيادة الاحتباس الحرارى وتغير المناخ للأسوأ.
السؤال الأخير هو: إلى أى حد يمكن للمجتمع الدولى أن يرغم بولسنارو وحكومته، على مواجهة الحرائق بصورة جادة وإخمادها، حماية للكوكب الذى نعيش عليه؟!!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved