مصداقية الثانوية العامة على المحك

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 25 أغسطس 2021 - 8:50 م بتوقيت القاهرة

لا يمكن لمنصف الاكتفاء بالصمت على تجربة الثانوية العامة الأخيرة، التى دفع ثمنها عشرات الآلاف من الطلاب ممن كانوا فى الثانوية العامة هذه السنة، وقد يدفع ثمنها عشرات وربما مئات الآلاف من طلبة السنوات المقبلة إذا لم يتم إخضاع هذه التجربة للمراجعة والتقييم من جانب خبراء وأساتذة التعليم والتربية.
زاد عدد المتظلمين من نتيجة الثانوية العامة عن 215 ألف طالب وفقا لآخر إحصاء صادر عن الوزارة يوم الأحد الماضى، وهو ما يعنى أن الرقم الحقيقى قد يكون أكبر من ذلك الآن، وهو ما يعنى أن أكثر من ثلث إجمالى عدد الطلاب الذين خاضوا الامتحان بينهم 118 ألف طالب ناجح، بحسب ما نشره الوزير على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، تظلموا من نتيجة الامتحان، مقابل تظلم حوالى 79 ألف طالب فى العام الماضى. معنى ذلك أن مصداقية امتحانات هذا العام تصبح على المحك ويصبح التعامل الشفاف والجاد مع هذه التظلمات أمرا واجبا إذا كانت الوزارة ومن ورائها الحكومة حريصة على إنقاذ عشرات الآلاف من الطلاب من الشعور بالظلم حتى لو كان بلا أساس حقيقى بالنسبة للبعض منهم.
وإذا كان الوزير ومعه رئيس مركز الامتحانات قد نشرا فيلما كاملا عن التصحيح الإلكترونى لامتحانات العام الحالى، وإذا كان مسئولو وزارة التعليم قد أغرقونا على مدى السنوات الثلاث الماضية بالحديث عن الطفرة التكنولوجية التى تمت فى العملية التعليمية وفى منظومة الامتحانات والتصحيح التى «لم تمسها يد بشر» ولا «يصل إليها الخطأ» فلماذا لا تنشر الحكومة نماذج الإجابات خاصة وأن نظام امتحان العام الحالى الذى اعتمد على أسئلة الاختيار من متعدد بالكامل وبالتالى لا ينطوى على أى اختلاف فى وجهات النظر ولا أى مساحة لتباين التقديرات؟.
ولماذا يقول الوزير إنه من المستحيل نشر الإجابة النموذجية التى تم على أساسها تصحيح أوراق الامتحان، ويرفض قيام الطلبة المتظلمين بمطابقة أوراق امتحانهم بالإجابة المعتمدة من جانب الوزارة كما كان يحدث من قبل؟
وما معنى التظلم وجدواه إذا كان الطالب يقدمه عبر الإنترنت ولا يرى ورقته ولا يعرف الإجابات المعتمدة والوزارة التى تظلم منها الطالب هى التى ستفصل فيه دون حضوره؟
المفترض فى «عصر التكنولوجيا» و«التابلت» و«منظومة الامتحانات الإلكترونية» أن تكون الشفافية هى الأصل، وأن يكون حصول الطالب على صورة من أوراق إجابته ونموذج الإجابة المعتمدة أمرا ميسرا ومتاحا، حتى يتأكد أنه لم يتعرض لأى ظلم ولا خطأ.
مصداقية الثانوية العامة وتنافسيتها ظلت على مدى عشرات السنين إحدى النقاط المضيئة فى مصر هذه المصداقية والتنافسية هى التى تعطى ملايين الشباب الأمل فى الترقى الاجتماعى والخروج من دوائر الفقر والعوز إلى آفاق أرحب من خلال الجد والاجتهاد. لذلك فالحفاظ على هذه المصداقية أمر واجب ولا يجب تركه لمسئول ولا لوزارة فقط تتخذ فيها ما تشاء من قرارات.
أخيرا لا يجب على المسئولين الذين يتحدثون طوال السنوات الماضية عن التعليم الجيد الذى يشجع على التفكير الإبداعى الحر، ويقضى على أساليب الحفظ والتلقين، أن يتجاهلوا حق الطلاب فى التأكد من أنهم لم يتعرضوا للظلم أو للخطأ، خاصة وأن تحقيق ذلك أمر ميسور فى عصر «الامتحان الإلكترونى».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved