لقاء بين المجرمين؟

بسمة قضماني
بسمة قضماني

آخر تحديث: الأحد 25 سبتمبر 2011 - 9:05 ص بتوقيت القاهرة

يسعى السوريون إلى استصدار قرار من مجلس الأمن فى الأمم المتحدة يدين نظام بشار الأسد ويعملون على إقناع روسيا والصين بعدم تعطيل هذا القرار من خلال ممارسة حقهم بالفيتو.

 

فى الوقت نفسه قرر الفلسطينيون التوجه إلى مجلس الأمن للحصول على اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين كعضو كامل فى المنظمة وإذا أفشلت الولايات المتحدة هذا القرار من خلال ممارستها حق الفيتو كما هو متوقع فسوف يتوجه الفلسطينيون إلى الجمعية العامة، حيث أصبح شبه مؤكد أنهم سيحصلون على موافقة أكثرية الثلثين لتحصل فلسطين على عضوية منتقصة الحقوق شبيهة بالوضع الذى يحظى به الفاتيكان.

 

المهم فى الحالتين هو ما يأتى بعد قرار الأمم المتحدة أى ما جهزه كل من الشعبين من خطوات لتفعيل القرار كى لا يكون مجرد دعم رمزى ومعنوى يسهل تجاهله. وقد أصبح معروف انه فى كلتا الحالتين سيستخدم المسئولون الفلسطينيون والمعارضة السورية قرار الأمم المتحدة ليتوجهوا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

 

لقد قامت منظمات حقوق الإنسان السورية والعربية والمتوسطية والدولية بجهد كبير فى الأشهر الماضية لتجهيز الملفات الموثقة عن المسئولين فى النظام السورى المتورطين فى جرائم وصفتها عدة دول بالجرائم ضد الإنسانية وأصبحت هناك أدلة كافية لمحاكمة أفراد عائلة الأسد وأقاربهم بدءا بالرئيس نفسه.

 

أما الفلسطينيون فلديهم ملفات ضخمة ضد قادة إسرائيليين بالدلائل المتراكمة عبر السنين لكنهم أخروا هذه الخطوة حتى الآن ليعطوا الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة كل الفرص من أجل التوصل إلى حل مع إسرائيل من خلال المفاوضات. واليوم لقد قررت القيادة الفلسطينية أن تخطو هذه الخطوة وان تضع القانون الدولى فى صلب استراتيجيتها لجر نتنياهو ووزرائه ومسئولين من الحكومة السابقة إلى محكمة لاهاى لمحاكمتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

 

المواطن السورى يحزن كل الحزن لأنه مضطر إلى التعامل مع حكامه كما لو كانوا أعداء للشعب ومضطر إلى التوجه إلى جهات دولية فى الوقت الذى يستنجد فيه الفلسطينيون بالمجتمع الدولى لينقذهم من العدو المحتل ومن الاستيطان اليهودى على أرضهم.

 

ذلك لأن النظام السورى كان قد بنى لنفسه صورة حامى موقف الصمود والتصدى العربى لإسرائيل عبر السنوات رغم ضلوعه المباشر فى جرائم ضد الشعب الفلسطينى فى لبنان فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى.

 

إذا باشرت المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق فى ملفات المسئولين السوريين كما فعلت بالنسبة للمسئولين الليبيين فربما يساعد ذلك فى تسريع معالجتها لملفات المسئولين الإسرائيليين حتى لا تُتهم بالكيل بمكيالين كما هو معتاد فى مواقف الدول الكبرى من القضايا العربية.

 

فهل تكون سخرية القدر أن يجتمع القادة السوريون والإسرائيليون فى لاهاى لا للتفاوض على شىء بل لتقاسم الأماكن فى زنازين السجن الدولى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved