ارتفاع النفط إلى 80 دولارًا مع ترقب نتائج العقوبات على إيران

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الثلاثاء 25 سبتمبر 2018 - 9:40 م بتوقيت القاهرة

نشر الموقع الإلكترونى لصحيفة الحياة اللندنية مقالا للكاتب العراقى «وليد خدورى» – متخصص فى شئون الطاقة ــ وجاء فيه:
تتزامن الذكرى الـ58 لتأسيس منظمة «أوبك» فى بغداد فى سبتمبر 1960، فى ظل ازدياد الحذر فى الأسواق من التطورات النفطية خلال المرحلة المقبلة، مع ترقب بدء تنفيذ العقوبات الأمريكية النفطية على إيران فى 4 نوفمبر المقبل. وانعكس هذا الجو الحذر خلال الأسابيع الماضية ارتفاعا فى أسعار نفط «برنت» من ما بين 70 و75 دولارا للبرميل إلى ما بين 75 و80 دولارا.
وترجح التوقعات تراجع صادرات إيران النفطية بعد تنفيذ العقوبات 1.4 مليون برميل يوميا من 2.5 مليون برميل يوميا من معدل صادرات النفط الإيرانى، كما يتوقع مراقبون انعكاسات جيوسياسية للحصار. فهل ستستطيع الولايات المتحدة منع مرور الناقلات المحملة بالنفط الإيرانى عبر مضيق هرمز؟ وإذا نجحت فى ذلك، فكيف سترد إيران؟ فهل تلجأ فعلا إلى منع مرور النفط من الخليج العربى، وهو ما يعنى حجب ما بين 15 و20 مليون برميل يوميا عن الأسواق العالمية؟ أو تلجأ إلى تحريك مجموعاتها المسلحة فى المنطقة لخلق جو مضطرب جديد فى الشرق الأوسط؟ أو هل يمكن أن تبدأ مفاوضات بين طهران وواشنطن لتعديل الاتفاق النووى الإيرانى؟ هذه بعض التكهنات المتداولة، ولكل منها آثارها الجيوسياسية. كما يجب مراقبة مدى نجاح الضغط الأمريكى على الدول المستهلكة الآسيوية الكبرى، التى تستورد معظم النفط الإيرانى.
ويزداد التعاون والتنسيق السعودى ــ الروسى النفطى خلال هذه الفترة الحرجة. وتمثل ذلك فى الاجتماعات والاتصالات المستمرة بين وزير الطاقة السعودى خالد الفالح ونظيره الروسى ألكسندر نوفاك، آخرها فى 15 الجارى فى موسكو، حيث بحثا، كما ذكر بيان صحافى صادر عن وزارة الطاقة السعودية، خطوات «أوبك» وحلفائها من المنتجين غير الأعضاء فى المنظمة، أى مجموعة الـ24، للتأكد من استقرار الأسواق.
والأهم من ذلك إمكان التوصل إلى تنظيم جديد يشمل المنتجين مع «أوبك» للعمل على المدى الطويل وليس فقط خلال الأزمات، كما هى الحال مع مجموعة الـ24 التى تشكلت فى يناير 2016. لربما اللقاءات الأهم للدول المصدرة هى لقاءات وزير الطاقة الأمريكى ريك بيرى مع كل من الفالح ونوفاك فى واشنطن. والسعودية وروسيا والولايات المتحدة تعتبر أكبر ثلاث دول منتجة للنفط فى العالم، ولديها طاقات إنتاجية فائضة يمكن ضخها فى الأسواق العالمية عند الحاجة لتوازن الأسواق. وهذا مطلوب فى حال حجب الصادرات الإيرانية، لمنع اختلال ميزان العرض والطلب.
وأعلن بيرى بعد اجتماعه بالفالح ونوفاك ترحيبه بمحاولات السعودية وروسيا كبح ارتفاع الأسعار بسبب الحصار على إيران. وأبدى بيرى ــ وهى المرة الأولى لمسئول أمريكى ــ «إعجابه» بمنظمة «أوبك» التى ما دأبت الأوساط الأمريكية على نعتها بالمنظمة «الاحتكارية». ويتم التحضير لاجتماع مشترك لوزراء الطاقة فى أقطار «أوبك» والدول المصدرة غير الأعضاء فى الجزائر فى 25 الحالى، حيث يتوقع مشاركة 20 وزيرا للبحث فى كمية الطاقة الإضافية المتوافرة لمجموعة الدول الـ24 والتى يمكن ضخها فى الأسواق. ويُذكر أن الوزير الإيرانى أعلن عدم مشاركته فى الاجتماعات.
وتهدف هذه الاجتماعات إلى طمأنة الأسواق لجهة توافر الإمدادات اللازمة للتعويض عن النقص الذى سيحصل فى الصادرات الإيرانية. وعلى الرغم من كل هذه المحاولات، يستمر القلق والشك حول التزام كل الدول بتعهداتها، كما أن هناك تساؤلات حول قدرة وصول كل الإمدادات التى تم التعهد بها فى الوقت المحدد، خصوصا فى حال تصاعد الصدام بين الولايات المتحدة وإيران ومعه المواجهة العسكرية. وماذا لو حاولت إيران فعلا إغلاق مضيق هرمز أمام كل الناقلات؟ وبالنسبة للنزاع العسكرى، فى حال تصاعده، فهل ستتبنى الولايات المتحدة الاستراتيجية ذاتها التى نفذتها فى العراق عام 2003، أم سيكون رد الفعل محدودا بضرب منشآت المفاعلات النووية والصواريخ الباليستية فقط.
ومن السابق لأوانه توقع السيناريو الذى سيحصل بعد 4 نوفمبر. وإضافة إلى ذلك، فإن الأسواق تُدرك أن هناك خشية لدى المصدرين من زيادة الصادرات إلى مستوى يفوق حاجات السوق خلال الربع الرابع من العام الحالى، خصوصا بعد توقعات بانخفاض الطلب على النفط عام 2019 نظرا إلى احتمال تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتى ستؤدى إلى انخفاض استهلاك الطاقة.
وكما هو متوقع، غضبت طهران من التصريحات فى واشنطن. وقال مندوب إيران لدى «أوبك» حسين أردبيلى لوكالة أنباء وزارة النفط الإيرانية «شنا» إن الولايات المتحدة تنوى حجب كل الصادرات النفطية الإيرانية من خلال الحصار الجديد.
وتتخوف الأسواق من المرحلة المقبلة بسبب زيادة المتغيرات والعوامل الجديدة، فعلى سبيل المثال، ما مدى نجاح إيران فى تصدير النفط إلى الدول الإقليمية المجاورة، مثل تركيا وباكستان وبعض الجمهوريات السوفيتية السابقة على حدودها الشمالية؟ وما مدى امتناع الدول الآسيوية المستهلكة الكبرى، أى الصين والهند وكوريا الجنوبية، عن استيراد النفط الإيرانى؟ وتستورد هذه الدول معظم النفط الإيرانى، ما يعنى أن امتناعها عن ذلك سيشكل ضربة موجعة لإيران. وما مدى انخفاض الصادرات النفطية من دول أخرى، تحديدا فنزويلا وليبيا؟ إذ تشير المعلومات إلى أن الإنتاج الفنزويلى انخفض إلى نحو 2.2 مليون برميل يوميا، ويمكن أن يستمر فى التدهور ليصل إلى نحو مليونى برميل يوميا خلال النصف الأول من عام 2019. وفى ليبيا، لا تزال النزاعات مستمرة، خصوصا فى المناطق الشرقية حيث يوجد حقل «سرت» العملاق وحقول أخرى.

الحياة ــ لندن

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved