علينا الاستعداد للثورة التكنولوجية 5G


قضايا المستقبل

آخر تحديث: الأربعاء 25 سبتمبر 2019 - 11:12 ص بتوقيت القاهرة

 نشرت جريدة Arab News مقالا للكاتب Nidhal Guessoum تناول فيه الطريقة التي تعمل بها تكنولوجيا الجيل الخامس وما سينتج عنه من مخاطر أمنية وصحية... ونعرض من المقال ما يلي.

 

أجرى Ren Zhengfei، الرئيس التنفيذي لشركة Huawei، الشركة الصينية العملاقة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مقابلة مطولة مع The Economist، صرح فيها أنه يرحب بفكرة بيع جميع تقنيات شركته من تكنولوجيا 5G لأي شركة غربية قد ترغب في شرائها.

انتشر هذا الإعلان في جميع أنحاء العالم بسبب أهميته الاستراتيجية. في الواقع، حظرت حكومة الولايات المتحدة الشركات الأمريكية، بما في ذلك شركة Google بوجه خاص (التي تنتج برنامج التشغيل Android لجميع الهواتف الذكية بخلاف أجهزة iPhone، ناهيك عن محرك بحث Google، وأداة خرائط Google، وغيرها من البرامج المهمة والمستخدمة على نطاق واسع)، من التعامل مع هواوي.. وكل هذا بسبب الشكوك في أن شركة هواوي قد تستخدمهم للتجسس.

هذه الشبكات الجديدة "شبكة الجيل الخامس- 5G"، التي بدأت الشركات الأمريكية والبريطانية في نشرها في العديد من الأجزاء في مدنها، يمكنها الاتصال بأي جهاز وبسرعة عالية. وهذه هي الإشكالية التي قد تخلق صراعا مع شركة هواوي: إذا كان لشبكة 5G أن تتصل بأجهزة مختلفة في الوزارات والجامعات والشركات والمطارات وغيرها من الأماكن المهمة، فمن الأفضل ألا يتم تثبيتها من قبل شركة قد تقوم بمسح المعلومات الحساسة لصالح الحكومة الصينية، أو على الأقل المنافسين التجاريين والتكنولوجيين.

تستخدم شبكات 5G ترددات راديو عالية (من 30 إلى 300 جيجاهارتز)، مقارنةً بشبكة 4G، التي تستخدم ترددات ذات نطاقات منخفضة" (من 1 إلى 6 جيجاهارتز) أو ترددات ذات نطاقات متوسطة (من 6 إلى 10 جيجاهارتز أو نحو ذلك). وتتيح هذه الترددات العالية للشبكات الجديدة ميزتين مهمتين وهما: أولاً، سرعات تحميل ورفع عالية جداً (أكثر من 1 جيجابايت في الثانية، وهي أسرع بـ 10 إلى 100 مرة مما توفره 4G)، و ثانياً، لديهم "زمن انتقال منخفض"، وهذا يعني أن الفاصل الزمني بين إرسال إشارة واستقبالها على جهاز آخر لتنفيذ الأمر قصير جدا (أقل من ملي ثانية وأسرع 10 مرات على الأقل من 4G). وأخيراً، هناك تطور تكنولوجي آخر، يُعرف باسم MIMO (multiple-input and multiple-output/ متعدد المدخلات والمخرجات)، يسمح لهوائيات 5G بالتواصل في وقت واحد مع عشرات الأجهزة.

ومع ذلك، فإن أحد العيوب المهمة في تقنية 5G هو أن هذه الترددات العالية ذات موجات قصيرة وتغلغل أقل في المباني، مما سيتطلب وجود العديد من "الهوائيات" في كل مكان حولنا. وستكون "الهوائيات" صغيرة ومن السهل إخفاؤها.

وهكذا يمكن للمرء تخيل ما يمكن لهذه التكنولوجيا السماح به مثل القدرة على التحكم عن بُعد في الآلات والأدوات عبر الإنترنت- حتى بين البلدان والمدن... سينطبق هذا التحكم على كل من المعدات سواء كانت كبيرة (في المصانع والموانئ وغيرها) أو الأجهزة الصغيرة في المستشفيات والمنازل... إلخ.

إلى جانب المخاطر الأمنية لهذه التكنولوجيا، هناك تهديدات ومخاطر صحية أثارها البعض حول تأثيرات هذه التكنولوجيا. في الواقع، في بعض المدن الأوروبية، نظمت بعض المجموعات احتجاجات مدعية أن الموجات اللاسلكية و"الهوائيات" عالية التردد من الجيل الخامس سيكون لها تأثير سلبي على صحة الناس، مما أجبر بعض البلديات على تأخير أو تغيير خطط شبكة 5G الخاصة بهم.

موجات الراديو و"الهوائيات" هي "إشعاع غير مؤين" (يشار إلى جميع الموجات الكهرومغناطيسية باسم "الإشعاع" في الفيزياء)؛ لأنها تحتل الجزء السفلي من طيف الطاقة الكهرومغناطيسية، وبالتالي لا يمكن أن تؤثر على الذرات والجزيئات في خلايا جسم الإنسان. ولكن يمكن لموجات الراديو أن ينتج عنها انبعاثات حرارية تكون مضرة عند التعرض لها لفترات طويلة ومستويات عالية.

يقول البعض أن التعرض الشديد للانبعاثات الحرارية يمكن أن تحدث لأولئك الذين يعيشون بالقرب من الأبراج الهوائية القوية. وأشاروا إلى إحدى الدراسات التي أظهرت أن الفئران الذكور ظهر عندها أورام سرطانية عندما تعرضت لجرعات عالية من تلك الموجات اللاسلكية عالية التردد. ولكن، كانت الكثافة في تلك التجربة أربعة أضعاف تلك المسموح بها في بيئتنا، ناهيك عن أنها كانت تجربة واحدة وفقط على الفئران.

وأشارت التقارير إلى أن العديد من الأشخاص اشتكوا من آثار صحية مختلفة من المرجح أنها كانت ناتجة عن هذه الموجات مثل الصداع، والدوار، والطنين، والتهاب العين، وارتفاع ضغط الدم، والتعب المزمن... إلخ. ويشير البعض إلى الآثار السلبية الناجمة عن هذه التكنولوجيا على الأطفال والحوامل وكبار السن ... إلخ، خاصة أن تكنولوجيا الجيل الخامس تتطلب وجود الأجهزة الهوائية تقريبا في كل مكان.

في حين أن عام 2020 غالبًا ما يتم ذكره على أنه "العام الذي سينتقل فيه العالم إلى الجيل الخامس"، وعلى الرغم من أن الشركات بدأت في نشر الشبكات والأجهزة اللازمة لاستخدامها، إلا أن الأمر سيستغرق عدة سنوات، وربما عقد من الزمان، حتى يتمكن الجميع من الشعور بثورة تكنولوجيا الجيل الخامس.

في غضون ذلك، سيكون من الحكمة إجراء البحوث حول جوانب هذه التكنولوجيا المختلفة وفي المقدمة دراسة التهديدات الصحية المحتملة لها، إلى جانب التأثير الاجتماعي الذي ستحدثه التكنولوجيا في كل من البيئات الخاصة وبيئات العمل. إن الثورة الرقمية، التي حولت العالم بأجهزة الكمبيوتر، ثم غيرتها مرة أخرى عبر الإنترنت، وشبكة Wi-Fi ، والهواتف الذكية، على وشك الانتقال إلى مستوى أعلى... نحن بحاجة إلى الاستعداد لذلك.

إعداد: ابتهال أحمد عبد الغني

النص الأصلي

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved