استراتيجية حقوق الإنسان

جورج إسحق
جورج إسحق

آخر تحديث: السبت 25 سبتمبر 2021 - 11:15 ص بتوقيت القاهرة

،جاءت وثيقة إعلان حقوق الإنسان فى 78 صفحة تستهدف 5 سنوات مقبلة لتعزيز حقوق الإنسان والمعروف دوليا أن حقوق الإنسان فى كل العالم واحدة حيث وقّعت كل الدول على وثيقة حقوق الإنسان. وتعهدت الوثيقة فى بيانها على التزام مصر بالتعهدات الدولية، وشددت الوثيقة على تعزيز احترام وحماية جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتضمنة فى الدستور والتشريعات الوطنية والاتفاقات الدولية والإقليمية المنضمة إليها مصر تحقيقا للمساواة وتكافل الفرص دون تمييز. وشددت الوثيقة أيضا على ارتقاء أوضاع حقوق الإنسان... كل هذا كلام جميل، ولكن نتمنى أن لا يكون على الورق فقط، وأن نرى إجراءات فاعلة وواضحة لحماية حقوق الإنسان فى مصر وأهمها «إجراءات الحفاظ على كرامة المواطن».
وأكدت الوثيقة أيضا على التعاون مع المجتمع المدنى وهذا يتطلب إطلاق اللائحة التنفيذية للجمعيات الأهلية، وأيضا من المهم جدا أن نرى أدوات فاعلة لهذه الرؤية لتعريف أفراد المجتمع بالحقوق التى لهم وعليهم بتوسيع دائرة التدريب والتثقيف، وإصلاح هذه العملية بشكل فعال وواقعى، لأن هناك تدريبا حاليا فى الداخلية وغيرها مثمرا بشكل ضئيل للغاية.
ومن أهم ما جاء فى الوثيقة هو تعزيز المشاركة فى الشأن العام وحل المشاكل التى تتعرض لها مصر بشكل جماعى، والاستماع بعناية لآراء العلماء فى كل ما يخص أحوال الشعب المصرى، ومكافحة الفساد بشكل جاد بتطبيق المعايير الدولية والخاصة للحوكمة والشفافية.
وعلى الجمعيات الأهلية أن توفّق أوضاعها قبل نهاية العام حتى يكون لها دور فعال فى هذه الرؤية. نريد أن نرى شواهد لبداية تطبيق هذه الاستراتيجية بالإفراج عن كل الذين فى السجون بتهم لا تمت لهم بصلة ومعاملة السجناء بما يلزم من الاحترام لكرامتهم، ومن أدوات الوثيقة التعبير والتنظيم وتوفير الحياة من مسكن وصحة وتعليم وعمل بشكل يكفل كرامة المصريين.
ويجب أن تدمج هذه الدعوة وهذه الرؤية فى مراحل التعليم المختلفة والجهاز الإدارى للدولة، وهذه الرؤية تتمتع بالشفافية والرد على كل ما يثار فى الخارج من انتهاكات فى الداخل بالنسبة للمسجونين وأحوال السجون، وأن تكون هناك شفافية فى الرد وإصلاح ما ثبت أنه حقيقى. من المهم مثلا أن يدخل الدواء إلى المسجونين بشكل طبيعى؟! وأن يكون من حق المسجونين التواصل بأى وسيلة ممكنة طبقا للقانون.
•••
ومن الشواهد المطلوبة إلغاء كل القضايا المتعلقة بالجمعيات الأهلية وإطلاق حرية الحركة بموجب قانون 149 لسنة 2019، المجتمع المدنى إذا أعطيت له حرية الحركة يستطيع أن يعمل على أزمة زيادة السكان ويسمح للجمعيات بعقد المؤتمرات لحل هذه المشكلة.
ومن أهم القضايا التى تشغل الرأى العام هى الحبس الاحتياطى والعدالة الناجزة وتحسين الأوضاع الخاصة بالسجون واتخاذ الإجراءات التى تمنع التعسف فى الزيارات بتشريعات واضحة وعملية ومؤثرة. ووضع مبدأ الشراكة موضع التنفيذ بحيث يشعر المواطن أنه شريك حقيقى فيما يحدث فى المجتمع، وإتاحة الفرصة للشراكة أيضا مع القطاع الخاص، وقوة المجتمع المدنى تؤكد أن الدولة قوية، وأن المجتمع المدنى ليس دخيلا على ما تقوم به الدولة بل هو شريك حقيقى.
ومن جانب آخر يجب أن تهتم منظمات المجتمع المدنى بتطوير ذاته ورفع كفاءة العاملين، وإطلاق مبادرات تساعد على حل المشاكل وليس طرح المشكلات فقط.
نحن نتمنى فى الأيام القادمة أن نرى انفراجة حقيقية لهذه الرؤية بشواهد يلمسها المجتمع، ونتمنى فى الانعقاد الثانى لمجلس النواب أن تكون من أهم المسائل التى سوف تطرح وضع التشريعات التى تنفذ ما جاء فى الوثيقة، وأن يكون دور المجلس حقيقيا مخلصا شفافا! الدور التشريعى مهم للغاية وينتظره الناس بفارغ الصبر.
هل يتمكن هذا المجلس من تحقيق طموحات الإنسان المصرى فى قوانين تحفظ له كرامته وإنسانيته؟! نحن نتمنى وننتظر ما سيفعله مجلس الشعب فى دورته القادمة.
•••
الخوف كل الخوف أن تصبح هذه الرؤية التى نقدرها تماما فى طى النسيان بعد الاحتفالات والإشادة بهذه الرؤية، بل نتمنى أن نرى كل ما جاء فى الوثيقة على أرض الواقع وملموسة للمواطن العادى.
والمطلوب أن يكون كل القائمين على أمر السجون عناصر مدربة تدريبا جيدا، وتقوم بعملها باستقلالية دون الانتظار للأوامر التى تأخذ وقتا طويلا للتنفيذ.
وكل من يستخدم السلاح فى التعبير عن رأيه ليس له مكان بيننا، والمطلوب الإفراج عن كل من عبّر عن رأيه... فى كل هذا أين قيمة التسامح والعفو عند المقدرة؟! هذه المقولات التى يتشدق بها الناس ولا يطبقونها على أرض الواقع. نحتاج إلى مزيد من الحرية، مزيد من التعبير عن الرأى، مزيد من المشاركة، مزيد من التثقيف والتدريب، حتى نبنى مجتمعا نطمح فيه جميعا إلى الرؤية المتكاملة لكرامة الإنسان المصرى التى يستحقها. أما من يرتكب الجرائم فهذا له مكان آخر يحاسب عليه بالقانون بالإدانة أو البراءة، أليس من المعقول أن هناك فى السجون الآن أفرادا لم يعرفوا شيئا عن أسرهم لمدة خمس سنوات أو المحبوسين احتياطيا سنوات طويلة!
نحن نأمل فى نشر هذه الوثيقة أن تفتح الأبواب ويدلو كل المصريين بآرائهم بصراحة دون شتائم أو تخوين وخاصة أن مصر فى مرحلة تحيط بها الأخطار من كل جانب، وهناك من يتربص بها فى الداخل والخارج فهذه الدعوة لجميع المصريين عندما تتعرض مصر للخطر أن يكونوا على قلب رجل واحد.
هذا لا يأتى إلا بالوسائل التى قد ذكرناها، وأنا أعتقد أن الخمس سنوات التى حدتها الوثيقة فترة طويلة فيجب اختصارها إلى سنة واحدة نستطيع فيها أن نحقق ما نتمناه لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved