صاحبة الملاليم

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 25 أكتوبر 2019 - 9:30 م بتوقيت القاهرة

تحية إلى روح المخرج الكبير عز الدين ذو الفقار فى عيد ميلاده المئوى هذا الأسبوع، ولذا نتكلم عن واحد من أفلامه الأولى «صاحبة الملاليم» إنتاح عام 1949، وهو من بطولة محمد فوزى وكاميليا وشادية وإسماعيل يس، وثريا حلمى، وصلاح نظمى».
الموضوع الأزلى فى الدراما العالمية، والسينما المصرية طوال عمرها، هو الفوارق الاجتماعية التى تفصل بين الناس، ويسعى الفقراء دوما إلى اللحاق بالأغنياء فييبذلون المستحيل كى يكونوا منهم، وكى يترفوا بأى طريقة..
هذا النوع من الحكايات محبب للغاية لدى الكتاب، فهو صالح لقصص المغامرات، لكن الموضوعات الكوميدية تفضل أن يقوم أحد الطرفين بالاحتيال، وممارسة الشطارة أو النصب، وقد تحدثنا هنا عن الكثير من أفلام الأربعينيات بصفة خاصة التى يحاول أبناء الفقراء إقناع الطرف الآخر بأنهم من أصحاب المال، الذى يرتبط بالضرورة بظروفه الخاصة، ومنها فيلم «على أد لحافك» إخراج فؤاد شبل فى العام نفسه، والذى قام ببطولته محمود المليجى وهاجر حمدى.
الفيلم الذى نشاهده اليوم باسم «صاحبة الملاليم» عام 1949، وهى السنة التى رأينا فيها الكثير من الأفلام التى يتلاعب فيها أبناء الأغنياء والفقراء على بعضهم البعض من أجل الحب والزواج، ومن أشهر هذه الأفلام «فاطمة وماريكا وراشيل» لحلمى رفلة، ثم فيلم «الزوجة السابعة فى العام التالى من إخراج ابراهيم عمارة وهى كلها من بطولة محمد فوزى.
فى «صاحبة الملاليم» نحن أمام واحد من الأفلام التى كانت البطولة المطلقة لكاميليا، أما شادية فإن كتابة اسمها يأتى فى مرحلة تالية، وببنط أصغر، على الرغم من أننا أمام ثلاثة أدوار نسائية متقاربة، كما أن الثلاثيات النسائية قليلة للغاية فى السينما المصرية، مثلما حدث بعد عشرين عاما فى فيلم «حكاية الثلاث بنات»، وذلك على الرغم من أن ظهور شادية على الشاشة فى الفيلم كان أكثر من كاميليا، وقد أمتعتنا شادية وهى تغنى لمدينة الإسكندرية.
كما نرى فإن الحدوتة متكررة، وتبقى الفاصيل بين كل هذه الأفلام هى السمة التى يمكن للمشاهد متابعتها، مثل كيف كانت الإسكندرية فى نهاية الأربعينيات، أما بالنسبة لى فإن المخرج حاول أن يؤكد أن فى مصر باليه مائى، وأن كاميليا هى المعادل المصرى للنجمة الأمريكية استر ويليامز، لكن مع الفارق أن التصوير لم يكن من تحت الماء مثلما شاهدنا فى «السابحات الفاتنات».
الفيلم حول قيام ثلاث شقيقات بالبحث عن العرسان المناسبين، وهن الفقيرات اللائى توهمن أنهن صرن من الأثرياء، لكن المبلغ الذى تركه العم لا يزيد على خمسمائة جنيه، فيقررن السفر إلى الاسكندرية والإقامة لفترة قصيرة جدا فى أحد الفنادق الفخمة بحثا عن العريس الثرى، وقد وضعن فى الحساب أنهن قد يقعن فريسات لشياب نصابين، ومنذ الوهلة الأولى فإن الثالثة التى تلعب دور الوصيفة تقع فى هوى عامل الفندق (إسماعيل يس) وهو الشخص الوحيد الذى لا يكذب فى الفيلم، أما الأخريان قتقعان فى شباك اثنين من الاصدقاء يتبادلان المقالب، ومن هنا تأتى التفصيلات..
تأتى أهمية الاحتفال بالمئوية الأولى لعز الدين ذو الفقار أن نتعرف على أفلامه الأولى قبل أن يقف سينمائيا بقوة مع زملائه من قادة ثورة يوليو، فقد بدأ المخرج بالعمل كمساعد للمخرج محمد عبدالجواد قبل أن يخرج فيلمه الأول «أسير الظلام» المأخوذ عن رواية تركية باسم «تحت ظلال الليل»، وهو الفيلم الذى أعاد اخراجه مرة أخرى فى نهاية حياته باسم «الشموع السوداء»، وفد تنوعت أفلامه الأولى ومنها «خلود» الذى تم إخراجه أيضا مرتين فى السينما المصرية، وفى تلك الفترة بدا أنه يجرب الكثير من الأنواع مثل الفيلم الكوميدى «اجازة فى جهنم» بطولة شرفنطح. عام 1949، وهى السنة النى قدم فيها فيلم «صاحبة الملاليم». وفى الخمسينيات عمل فى افلام الجريمة المحبوكة بشكل تفوق فيه على كل من سبقوه، فى «قطار الليل» الملىء بالعنف، ثم «رقصة الوداع»، و«الرجل الثانى»، كما برع فى وصف التفاصيل الرومانسية التى يعيشها العاشقون مع ما يسمى بالحب المستحيل، مثل «موعد مع الحياة» و«موعد مع السعادة»، وإذا كان الفيلم الأجنبى قد صور كيف ماتت المريضة الميئوس من شفائها فى «موعد مع الحياة»، فان عز الدين ذو الفقار منح بطلته العمر الطويل، ولكنه جعل البطلة تحرق الكوخ المطل على البحر وتموت مع جثمان حبيبها فى «إنى راحلة» مثلما أراد المؤلف يوسف السباعى، حيث لا يمكن قراءة خريطة المخرج دون الإعجاب الشديد بالأفلام التى استوحاها المخرج من السباعى زميل الدفعة فى الكلية الحربية فى أفلام هى «رد قلبى» و«بين الأطلال»، وقد تميز المخرج فى عمل الأجواء الرومانسية أيضا فى أفلام أخرى منها «أقوى من الحب»، وهى أعمال جمع فيها دوما نفس النجوم مثل عماد حمدى وفاتن حمامة، وشادية وشكرى سرحان، لتكتمل الرحلة القصيرة بأفلام مهمة منها «بور سعيد» و«امرأة فى الطريق»، ثم «نهر الحب» عن رواية للكاتب الروسى تولستوى، التى شغفت بها السينما كثيرا، وهو المخرج الوحيد فى السينما الذى سرعان ما قدمت السينما المصرية مسيرة حياته كفنان فى فيلم روائى بعد عامين فقط من رحيله باسم «القبلة الأخيرة» من إخراج شقيقه محمود ذو الفقار، وجسد
شخصيته الممثل رشدى أباظة الذى استعان به دوما فى اغلب افلامه وحوله من ممثل درجة ثانية إلى نجم من الطراز الأول، فهو الذى قدمه فى أدوار مساعدة فى «إنى راحلة»، و«بور سعيد». ثم البطولة المشاركة فى «طريق الأمل» إلى الدور الذى لا ينسى فى كل من «امرأة فى الطريق»، و«الرجل الثانى».
ياله من رجل وياله من تراث على الرغم من العمر القصير الذى عاشه عز الدين ذو الفقار.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved