أصحاب الجماجم الفارغة

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الخميس 25 نوفمبر 2010 - 10:42 ص بتوقيت القاهرة

 ظاهرة تغيير المدربين أصبحت عالمية. فما كان يصلح لزمن الهواية أو قبل أن يصبح المال شرسا، ومحركا للألعاب الرياضية كلها وفى مقدمتها كرة القدم ما كان يصلح قديما لا يصلح اليوم. الانتظار من أجل الإعداد والبناء بات مستحيلا. الرغبات بالفعل كلها شرسة. رغبات المشجعين واللاعبين والإعلام. بتأثير قوة المنافسة والاحتراف وتكلفة إنتاج اللعبة واللاعب... وعندكم أقرب مثال ما يجرى فى تشيلسى حاليا، فقد خسر الفريق للمرة الثالثة أمام برمنجهام صفر/1، وهى الهزيمة الثالثة فى أربع مباريات متتالية. وقد شنت الصحف هجوما على أنشيلوتى مدرب الفريق، وتتحدث عن إقالته..

إنها الرغبات الشرسة عند المشجعين واللاعبين والإعلام أيضا. وتلتهب الرغبات بسيادة المال. ويزيد من التهابها أن الأندية أصبحت أوطانا، وأن انغماس المشجع فى تأييد ناديه والحماس له، يعوض عنده غريزة العنف والحرب.. وكرة القدم صورة من صور الصراع الجماعى، وعن هذا الصراع يقول جورج زيفلير الصحفى الفرنسى والكاتب فى الفيجارو: «منذ الأزل والمظهر الذى يحكم العلاقات الإنسانية هو الكفاح، فعندما تهاجم جماعة ما جماعة أخرى فإن رد المجموعة الأخرى هو حتما المواجهة ومنها يأتى التصادم والعنف».

والعنف فى السلوك ينتشر وينمو حين تهبط القيادات من مواقعها وتتركها للغوغاء، وحين يصيب الضعف تلك القيادات فتعجز عن حكم أنصار أنديتها ومؤيديها، ومن أسف أن انتشار العنف فى شارع الكرة المصرية امتزج بانحطاط أخلاقى، وبلطجة غير معقولة، ومن أسف أكبر وأكثر أن تخلى الساحة للجهلاء والدخلاء.. هم الآن واجهة المحيط الرياضى..

منذ سنوات ونحن نرفض ونشجب سوء السلوك وسوء الأخلاق.. نرفض ونشجب، وندعو من يملك قرار البتر إلى اتخاذ هذا القرار، ومن يملك قرار العقاب أن يتخذ هذا القرار.. وهو ما ننادى به فى كل الوقائع، فلا إصلاح بلا ضحايا..ولا علاج للفوضى سوى بقوة القانون.. وظاهرة التجاوز وقلة الأدب فاقت الحدود. هؤلاء مشجعون يحرقون مشجعا وأتوبيسا لمشجعين، وهذا جمهور يحطم أتوبيس فريق وهذا جمهور آخر يحطم أو توبيس فريق آخر، وهذا جمهور يسب مدربا فاز بلا سبب، وهذا جمهور يشتم رئيس نادٍ بلا مبرر، وهذا لاعب يتهكم على نادٍ كبير، وتلك إدارة نادٍ تعلن الحرب على الاتحاد، وهذا جمهور يهاجم مدرب فريقه، وهذا إعلامى يهاجم زميله، وزميله يرد بسباب وهباب.

المسألة باتت تقليدا يوميا.. معارك وحروب وخلافات «ناس طول النهار متخانقة».. مجتمع يحب الكراهية.. صفحات الرياضة وبرامجها كلها حوادث وخطاب عنترى، وشجاعة موبوءة ومشكوك فى أسبابها، ولا أستطيع أن أتفرغ للتعليق على تلك البلطجة والفوضى يوميا..

....اللهم ارحمنا من أصحاب الجماجم الفارغة..!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved