ما يجب على قادة الشرق الأوسط توقعه من حكومة بايدن

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الثلاثاء 26 يناير 2021 - 8:40 م بتوقيت القاهرة

نشر مركز Atlantic Council مقالا للكاتب David Mack يرى فيه أن العلاقات بين دول الشرق الأوسط والولايات المتحدة التى قامت على علاقات شخصية بين قادة تلك الدول وترامب لن تكون موجودة فى ظل إدارة بايدن المنتخبة، ولذلك على تلك الدول إعادة النظر لشكل العلاقة مع الولايات المتحدة الذى سيعتمد على المؤسسات... نعرض منه ما يلى:
بخلاف ما حدث فى السنوات الأربع الماضية، سيكون على قادة دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تدعيم علاقاتهم بالدبلوماسيين وكبار الضباط العسكريين خلال حكم إدارة بايدن. وسيتعين عليهم التوقف عن البحث عن طرق مختصرة للوصول إلى البيت الأبيض، فهذه الاستراتيجية لن تنجح فى ظل وجود إدارة منتخبة وذات خبرة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على حكومات تلك المنطقة أن تدرك تغير الأولويات والأجندة السياسية إذا كانت ترغب فى الحفاظ على علاقتها بواشنطن.
الرئيس بايدن لا يعتمد على حدسه أو يحمل تحيزات تجاه المؤسسات السياسة أو التجارية فى واشنطن، ويسعى إلى إعادة النظام إلى عملية صنع السياسة فى واشنطن وتنفيذها. هذا لا يعنى أن التحيزات الشخصية والأجندات السرية ستختفى، ولكن على الحكومات الأجنبية أن تأخذ تلك التغيرات فى الحسبان.
سيمثل هذا أخبارا سيئة للبعض، فسيصعب ذلك من الوصول إلى اتفاقيات ولكن الاتفاقيات التى سيتم التوصل إليها ستكون جديرة بالثقة... العلاقات فى البيت الأبيض ستعتمد على الثقة والخبرة، لذلك على المسئولين الأجانب التشكك فيمن يدعى إمكانية الوصول إلى بايدن والبيت الأبيض بأسعار باهظة.
***
أظهرت تعيينات بايدن تقديره لخبرات المعينين. فاختار المستشارين الذين كانوا مقربين منه فى حكومة أوباما والخبراء الذين كانوا معه فى مجلس الشيوخ، واختار لمجلس الوزراء ووظائف أخرى رفيعة المستوى ضباط عسكريين ودبلوماسيين محترفين متقاعدين. هذه إشارة إلى أن البيت الأبيض تحت إدارة بايدن سيعطى المناصب لمن يستحقها، وفقا لأدائهم ونصائحهم وليس وفقا لولائهم الشخصى.
إلى جانب التغييرات فى السلطة التنفيذية، من المحتمل أن يصبح الكونجرس المنقسم حازما. سياسات الأمن القومى والتحالفات التى تستمر من رئيس إلى آخر ضرورية ولكن يصعب تنفيذها، وعادة تتطلب درجة عالية من التسوية بين الإدارات التنفيذية وكبار القادة من الأغلبية والأقلية فى الكونجرس. لذلك، فالحكومات الأجنبية التى وجدت أنه من الآمن تجاهل آراء الكونجرس ستخيب آمالها.
***
لن يكون من الآمن بعد الآن أن تتحدث إدارة بايدن والكونجرس بشأن القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان بأنها قضية وقتية أو غير مهمة. الاتهامات الموجهة للولايات المتحدة بازدواجية المعايير صحيحة، إلا أن قضية حقوق الإنسان أمر يهم الرأى العام... من غير المرجح أن تقوم إدارة بايدن باستبدال الأنظمة الاستبدادية الموجودة حاليا، فبايدن يدرك المساوئ التى أعقبت التغيرات السياسية فى العراق والدول العربية لأخرى... ولكن، على قادة دول الشرق الأوسط إدراك أن الحفاظ على سلطتهم كجزء من تحقيق الاستقرار الإقليمى لن يبرر التجاهل الصارخ لحقوق الإنسان. عندما تقوم الناشطات فى المملكة العربية السعودية أو الناشطات الكرديات فى العراق أو تركيا بانتقاد حكوماتهم، سيكون على الحكومات احترامهن، ومنظمات حقوق الإنسان التى تتخذ من الدول الغربية مقرا لها ووسائل الإعلام الأمريكية يراقبون الوضع وبإمكانهم الضغط على الكونجرس.
هناك مهلة أمام الحكومة الإسرائيلية قبل أن تلتفت واشنطن مرة أخرى لمعضلة السلام فى القضية الفلسطينية، والتطبيع مع الحكومات العربية لا يعنى سلاما ولا يعد حلا لمعضلة إسرائيل الوجودية. مثل معظم الأمريكيين، نشأ بايدن مع فكرة أن إسرائيل كانت دولة ديمقراطية ذات أغلبية يهودية، ولكن لم يعد هذا يعكس الواقع الديموغرافى فى الأرض الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الأردن. فى الوقت الحالى، ترى إسرائيل والولايات المتحدة أن هناك قضايا أخرى ملحة. لكن فى نهاية المطاف، سيتعين على إسرائيل التعامل مع الكارثة الإنسانية فى قطاع غزة وحقوق الفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها.
سيفضل بايدن عدم الانخراط فى عمليات عسكرية على الأرض، مستمرا فى توجهات إدارة أوباما وترامب، وهو النهج الذى يحظى بدعم شعبى واسع... نتيجة لهذا ستنزعج واشنطن من سياسات بعض الدول العربية وتركيا التى تعمل على إدامة الصراعات والمعاناة الإنسانية فى اليمن وليبيا وسوريا، أضف إلى ذلك الضغط الموجود بسبب حالة الفوضى بين دول مجلس التعاون الخليجى والذى يعيق تعاون دول مجلس التعاون الخليجى مع الولايات المتحدة، بينما يهيئ الوضع لإيران لإثارة المشكلات. كانت المملكة العربية السعودية حكيمة فى اتخاذ خطوات أولية لحل النزاع الخليجى، ومن الحكمة أيضا أن تحافظ قطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر على استمرار تبنى هذه الخطوات. ستواجه السعودية عقبات فى واشنطن تحت إدارة بايدن، بسبب الأزمة الإنسانية فى اليمن وملف حقوق الإنسان، أما بالنسبة للإمارات فاستطاعت تحسين صورتها عن طريق عدة طرق مثل تقليص دورها فى اليمن وتحقيق اتفاقات التطبيع إلى جانب دورها البناء فى ليبيا الذى من شأنه أن يساعد فى ضمان علاقة أفضل مع واشنطن وتحقيق المصالح الاستراتيجية الأساسية للإمارات.
***
لا يمكن لإدارة بايدن أن تدير ظهرها ببساطة عن الشرق الأوسط... السلام بين إسرائيل والدول العربية، والتعاون ضد الإرهاب الدولى، وسياسة تأمين تدفق النفط والاستثمارات، قضايا لن تصبح يوما غير مهمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن قائمة القضايا الرئيسية فى العقد الثالث من القرن الحادى والعشرين تتغير بالفعل وتتصدرها الاهتمامات البيئية والتعاون الدولى للتعامل مع ما قد يحدث من أزمات وأوبئة أخرى. الحكومات التى قد تنجح فى إيجاد مناهج تتعامل مع القضايا الجديدة إلى جانب القضايا القديمة ستحظى باحترام واشنطن.
يجب الأخذ فى الاعتبار أن الولايات المتحدة لم يعد لديها عائلة حاكمة، والآراء التى عبر عنها وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء الإدارات الأخرى لن تقوض بتغريدة أو بإشارات أخرى من داخل البيت الأبيض. سوف يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تتم التعيينات الجديدة فى السفارات الأمريكية وتطبق السياسات الجديدة. وأكثر من أى وقت مضى، أصبح السفراء من دول الشرق الأوسط فى وضع يسمح لهم بتحذير حكوماتهم أو تنبيههم على الفرص الناشئة فى علاقتهم مع الولايات المتحدة.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى:من هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved