متى يترك الإخوان الحكم؟

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 26 فبراير 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

ما الذى يدفع الإخوان وهم فى الحكم ليكونوا ديمقراطيين أو حتى يطبقوا الشورى فى جوهرها الصحيح؟!.

 

هل هو خوفهم من الله ام إيمانهم بالديمقراطية، أم تقديرهم للشعب الذى جاء بهم للحكم عبر صناديق الانتخابات؟!.

 

لا شىء مما سبق يجعلهم ديمقراطيين.. فقط وجود قوى سياسية حقيقية على الأرض قادرة على الحشد الجماهيرى المنظم والكبير سواء فى الاحتجاجات أو فى الانتخابات.

 

الإخوان ليسوا استثناء، الحزب الوطنى كان مثلهم، وأى حزب من الأحزاب القائمة لو كان قد وصل إلى السلطة فى مثل هذه الفترة الانتقالية كان سيفعل مثل الإخوان أيضا.

 

حسنى مبارك قال ذات يوم لمقربيه إنه لا ولن يتأثر بعشرات أو بمئات المحتجين يقفون، على سلالم نقابة الصحفيين ويهتفون ضده، سيقلق فقط إذا امتلأ ميدان التحرير. وربما كان ذلك هو أحد التوقعات القليلة التى صدق فيها مبارك.

 

نفس الأمر سيحدث مع الإخوان ومع غيرهم ومع أى قوة سياسية تصل إلى الحكم.

 

لن يترك الإخوان الحكم لمجرد أن هناك اعتصاما فى ميدان التحرير أو هناك مجموعة من المتظاهرين تذهب إلى ميدان الاتحادية تتظاهر سلما بالنهار ثم تبدأ فى إلقاء المولوتوف مساء على القصر الجمهورى، ولن يتركوا الحكم أيضا لأن جزءا من أهل بورسعيد أو مدن القناة قرر أن يبدأ العصيان المدنى.

 

عندما تكون لدينا مؤسسات ونقابات وهيئات مجتمع مدنى قوية، وعندما يكون لدينا أحزاب سياسية لديها كوادر وأعضاء يؤمنون بفكرها فعلا، وعندما يكون لدينا مجتمع رجال أعمال حقيقى وليس مجموعة من الطفيليين، وقتها سيكون هناك تبادل سلطة حقيقى، والأهم أن كل القوى السياسية ستحترم قواعد اللعبة ولن تشكك فى نتيجة أى انتخابات، لأنها ستكون ناتجة عن توافق وطنى.

 

وإلى أن يتحقق ذلك فسوف نظل لفترة نتخبط فى متاهات عميقة من السب والردح السياسى وصولا إلى أعمال عنف متفرقة تهدأ حينا وتنشط أحيانا.

 

تذكروا عندما امتلأ ميدان الاتحادية عن آخره قبل أسابيع، وقتها خرج الرئيس محمد مرسى ليلا ليخاطب الجماهير، ويبدى استعداده للوصول إلى حلول وسط.

 

وتذكروا أيضا أنه فى اللحظات التى كانت فيها جبهة الإنقاذ يدا واحدة، تحرك الإخوان باتجاهها.

 

هذا ليس ضعفا من الإخوان، بل تلك هى قواعد اللعبة، ولذلك فإن الكرة كانت وستظل فى يد المعارضة وليس الرئاسة أو الجماعة.

 

ويمكن صوغ المسألة فى قاعدة بسيطة هى أنه كلما كانت المعارضة قوية، وقادرة على إقناع جزء من الشعب ببرنامجها، كانت قادرة على إحراج الحكومة وإجبارها على الوصول إلى حل سياسى للأزمة.

 

الإخوان فهموا هذه القاعدة جيدا، ولذلك تحركوا بسرعة لتفكيك المعارضة،

 

وسيظلون يلعبون على هذا الوتر لفترة طويلة.

 

إذن أمام المعارضة تحد كبير يتمثل ببساطة فى أنها تحتاج جهدا هائلا وإرادة صلبة وصبرا طويلا كى تبلور تواجدا حقيقيا على الأرض يجعل الإخوان والتيار الدينى يقتنع أنه ليس وحده فى الميدان السياسى.

 

الإخوان مثل كثيرين لا يحترمون إلا القوة، سواء كانت هذه القوة سياسية كما كان الحال مع حزب الوفد قبل ثورة يوليو 1952، أو إذا كانت هذه القوة اجتماعية وأمنية كما حدث فى فترة جمال عبدالناصر، أو كانت أمنية فقط كما حدث مع حسنى مبارك.

 

مرة أخرى التحدى الأصعب الذى يواجه الإخوان الآن ولفترة طويلة هو الواقع الاقتصادى المتأزم، وليس المعارضة السياسية، فهل تستغل هذه المعارضة الظرف الاقتصادى كى تبدأ الهجرة من الأبراج العاجية إلى حيث يقيم الناس العاديون؟!!.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved