توقفوا عن فرعنة محلب

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 26 فبراير 2014 - 5:05 ص بتوقيت القاهرة

الإعلام بدأ مبكرا فى فرعنة المهندس إبراهيم محلب حتى قبل ان يتم تكليفه رسميا بتشكيل الحكومة الجديدة.

وبالتالى علينا ان ندعو بأعلى صوت قائلين: «ربنا يستر».

مساء الاثنين الماضى انشغلت غالبية برامج التوك شو فى الفضائيات بمحاولة تصوير الرجل باعتباره «السوبر مان» الذى سوف ينتشل مصر من كبوتها ويضعها فورا فى سلة واحدة مع الدانمارك والسويد وسويسرا.

ولسوء الحظ، صرنا منكوبين فى جزء كبير من إعلامنا، اصبح هذا الإعلام هو الخنجر الذى نطعن به أنفسنا كل لحظة.

لا أقصد التعميم، فهناك منابر إعلامية محترمة كثيرة كان لها دور ايجابى وفعال فى ثورة 25 يناير 2011 ثم دور أكثر ايجابية وفاعلية فى ثورة 30 يونيو 2013.

لكن ومنذ هذا التاريخ بدأ جزء من هذا الإعلام يتصرف بنفس طريقة إعلام جوبلز فى عهد هتلر، وهو لا يدرك انه لا يضر الإخوان المسلمين والتنظيمات المتطرفة، بل يقدم لهم أفضل هدية لم يكونوا يحلمون بها.

لا اعرف محلب معرفة وثيقة، قابلته فى أكثر من مناسبة عامة، وكان إنسانا ودودا ومهذبا ودمث الخلق.

لكن عندما نتحدث عن شخص مرشح لتشكيل الحكومة التى ستقود مصر فى المرحلة المقبلة، فعلينا ان نخضعه للنقد الموضوعى والدراسة الهادفة بدلا من الإغراق إما فى تصويره باعتباره ملاكا أو شيطانا وقبل ذلك وبعده ننتظر لنحكم على افعاله.

المؤكد ان سجل الوزير فى شركة المقاولين العرب لعب دورا مهما فى اختياره وزيرا للإسكان، والمؤكد أكثر ان أداءه فى الوزارة كان العامل الرئيسى لاختياره لتشكيل الحكومة. لكن الحديث عن الوصفة المضمونة للنجاح ربما يكون أكبر ضرر يلحق بالرجل وحكومته حتى قبل تشكيلها.

الذين بدأوا فى مدح ونفاق محلب لا يدركون حجم وخطورة التحديات التى تواجه حكومته وتواجه كل المجتمع المصرى. هذه التحديات أكبر من محلب ومن السيسى ومن كل الأحزاب والنقابات والقوى السياسية المجتمعية.

والأمر باختصار اننا نحتاج لمعجزة حقيقية كى نخرج من هذه الأزمة.

من يزعم أنه يحب محلب ويؤمن بأنه سيأتى بما لم تأت به الأوائل فعليه ان يقدم له نصائح عملية تعينه على أداء مهمته، وأفكار محددة بدلا من الكلمات المنمقة والشعارات الفضفاضة.

هؤلاء يبدو انهم لم يتعظوا من النهايات الدرامية التى انتهت إليها شخصيات سياسية لامعة كنا جميعا نظن أنهم مثل الآلهة. تذكروا وتأملوا قليلا فيما حدث للعديد من الذين تصدروا المشهد بعد 25 يناير وحتى 30 يونيو.

ستجدون قامات وهامات كانت تحلق فى السماء وفجأة هبطت إلى أسفل السافلين، سواء لأنه تبين أنها فارغة أو تم حرقها سياسيا أو انكشفت بعد ممارستها العمل العام.

وصفة النجاح على الأرض تختلف تماما عن مهارة الحديث فى الإعلام، وليس كل أستاذ جامعة يصلح لأن يصبح وزيرا ولنا عبرة فى كوادر جماعة الإخوان، وليس كل مستشار هو محافظ جيد بالضرورة. رئيس الوزراء الناجح هو «خلطة عجيبة»، رجل يجمع بين فن الإدارة وقيادة الفريق، ومعرفة وتشخيص المشاكل و«القبول الربانى»، والمناخ المواتى والاستقرار المجتمعى وقبل ذلك وبعده فن اتخاذ القرار الصحيح فى التوقيت الصحيح.

لو كنت مكان محلب لاتصلت بكل المنافقين ورجوتهم ان يساعدوه بأن يتوقفوا عن عملهم حتى يستقر هو فى عمله وينجح وبعدها يمكنهم العودة مرة أخرى لممارسة مهنتهم الاثيرة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved