حرب أوكرانيا... ومشاهدات مشاهد

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

آخر تحديث: السبت 26 فبراير 2022 - 9:20 م بتوقيت القاهرة

 

مشاهد الدمار التى نشاهدها على الهواء مباشرة والواردة من أوكرانيا تدعونا للتفكير والتأمل وترى كم هو هش هذا الإنسان فيكفى كلمة هنا أو هناك أو مصلحة هنا أو هناك حتى تندلع «حرب بلا معنى» كما يسميها الخبراء. فكان بإمكان المفاوضات حل هذه المشكلات، ولكن التعنت هو الذى أدى إلى وصول هذه المشاهد إلينا والتى تذكرنا فى الآن ذاته بالقتلى والجرحى الذين وقعوا فى صفوفنا وفى الشعب الفلسطينى من أجل قضية لم تحل بسبب التعنت ولعبة القوى، وعودة لما نشاهده الآن نستخلص الآتى:
1ـ مشاهد الدمار والقتلى والجرحى والنازحين والسكان المذعورين فى أوكرانيا مشاهد تحزن المرء وتؤذى القلوب ولا حول لنا إلا الدعاء لهم فهؤلاء هم الذين يدفعون الثمن غاليا بعيدا عن ميكروفونات الساسة كأن الأكاذيب فى السياسة حلال.
2ـ صدق البعض الأكاذيب الروسية بأن لا حرب وها هى أتت بل داهمت الرئيس الأوكرانى ذاته.
3ـ لعب الرئيس الأوكرانى فى أنف الدب الروسى بطلبه الانضمام للناتو ظنا أنهم سيحمونه ولكن ما جرى هو العكس تماما إذ اُستفزت روسيا، أما التحالف الغربى فقد تركه وحيدا هو وشعبه أمام الدب الروسى ليفترسه بحجة أن أوكرانيا ليست منضمة لهم لأنها ليست على معايير التحالف، واكتفوا بالخطب الرنانة والعقوبات المالية والاقتصادية على روسيا والتى لن تتأثر كثيرا بها فما هى فاعلية العقوبات أمام إزهاق الأرواح وتشريد الناس وإصابات الجرحى؟
4ـ الولايات المتحدة الأمريكية رغم الآلة الإعلامية وما تدعيه هى صاحبة المصلحة الأولى والعليا إذ إن مشروع نوردستريم 2 للغاز الذى كانت تعارضه أمريكا قد توقف أو علق إلى حين، هذا المشروع كان سيجعل روسيا وألمانيا مرتبطتين ومتعاونتين، أى كانت ستخلق كتلة قوية كبيرة، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة على مبدأ فرق تسُد فهى تريد أن تظل ألمانيا فى الفلك الأمريكى وبالتالى العودة إلى الحرب الباردة الجديدة بين المعسكرين الشرقى والغربى.
5ـ لم يتعلم الأوكرانيون الباحثون عن حماية الولايات المتحدة فما من حرب بعد الحرب العالمية الثانية انتصرت فيها الولايات المتحدة الأمريكية منها فيتنام وهايتى وكمبوديا والعراق وأفغانستان وغيرهم، ولم يستطيعوا فرض حل للقضية الفلسطينية وظنوا أن الغربيين سيدافعون عنهم ولكن لم يهتز منهم أحد فلا أحد منهم سيغامر ببلاده واقتصاده وشعبه من أجل أوكرانيا... فتكفى بعض المعونات.
6ـ ولمصر تساؤل لماذا لم يتم إجلاء المصريين الموجودين فى أوكرانيا إذ إن احتمالات الحرب كانت قائمة منذ عدة أسابيع فها هم 500 مصرى محاصرون فى هذه الحرب، ولكن كلنا ثقة أن مصر ستستطيع أن تُؤمنُ عودتهم سالمين.
7ـ قرار الحكومة المصرية استضافة السياح الأوكران والروس فى الفنادق قرار سخى وحكيم وإنسانى.. هذه هى مصر لم تتركهم للبهدلة.
8ـ هناك دول أفريقية كثيرة لها نفس الوضع فى رسم الحدود بينها بعد أن رسمها المستعمر ولكنها سكتت حتى لا تجلب حروبا فى المنطقة وقبلت بالوضع التى هى عليه... قرارات حكيمة.
ختاما، الشعبان الأوكرانى والروسى هم أصدقاء لمصر وتاريخهما مشترك ومعقد، وصعب علينا أن ننحاز لأحد الأطراف ولكننا ننحاز للقتلى والجرحى ووقف الدمار وعلينا أن تعمل دبلوماسيتنا على عدم تطور الأمور وكبح جماح كل تهور من تصعيد المواقف واستعمال الأسلحة النووية التى ستفتك ليس فقط بأوروبا ولكن العالم كله، وندعو بذلك من كل القلب إلى الله سبحانه تعالى.
الأب / رفيق جريش

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved