تذكرة ذهاب بلا عودة..

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الثلاثاء 27 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

●● «انت مع المصرى أم مع الأهلى».. هكذا يدور الحوار حول كارثة إنسانية ورياضية شغلت الرأى العام بجهل وتسطيح على كل المستويات.. هكذا نفكر، فريق مع وفريق ضد،.. وهناك من هو أهم من الأهلى ومن المصرى. أنه الحق والعدل والقانون والوطن، ومعاقبة كل من ساهم وشارك فى ارتكاب جريمة قتل. وأهل بورسعيد مثل جموع الألتراس وأهل الشهداء يطالبون بالقصاص، وبمحاسبة كل من أجرم.. إلا أن إسلوب الحوار وإدارته مجتمعيا وإعلاميا بطريقة: «انت مع المصرى أم مع الأهلى» أهدر الحقوق، بما فيها حق المجتمع نفسه فى معالجة جذور الاحتقان والتعصب المريض، فلا أحد كان يتصور أن تصل الكراهية إلى حد القتل العمد مع سبق الإصرار كما جاء فى قرار اتهام النيابة.. ترى هل فكر المجتمع فى جذور المشكلة وكيفية معالجتها..؟

 

●● كانت الجريمة مدبرة، واختيرت المناسبة كمناخ يتوقع له أن يفرز هذا العنف الأسود فلا تثور الشكوك فى مرتكبيه أو فى أسبابه، ومن سوء حظ العقول المدبرة الحمقاء أن المصرى يومها حقق فوزا كبيرا، فلم يكن العنف مبررا، إلا أن التخطيط كان قد مضى، وأدوات الجريمة جاهزة والمجرمون متحفزون والخطة دارت والعصابة لن تتراجع وكل الشواهد تقول إن الاغتيال، مارسه البعض بإحتراف، ومارسه البعض بعنف، فيما أسفر التدافع والترويع عن سقوط كثير من الضحايا.

 

●● المشهد العام مثل حفر بئر فى الرمال، فكلما سحبت من قاعه، يعود ويمتلئ بالمزيد ويضيع الجهد والوقت فى الحفر، وأنت فى الواقع لاتحفر شيئا، ولا تبنى حجرا واحدا.. وهناك من يدفع الجموع إلى مزيد من الاحتقان، كأنه لا يكفى تشويه الثورة وشبابها، وكأنه لا يكفى تشويه مدينة بالكامل، وكأنه لا يكفى الحرائق التى تشتعل فى كل موقع..

 

●● البلد فى موقف صعب، وربما تلاحظون أن الأزمات تتركز فيما يستخدم من القاعدة العريضة من جانب الناس.. البوتجاز، البنزين، السولار.. الحمى القلاعية. وعندما يتاجر فرد أو جماعة بحاجات الناس الضرورية فى سوق سوداء، يكون الحل هو قانون شديد، وعندما تقتل سيدة مصرية فى ميدان كبير لمجرد أنها حاولت إنقاذ نفسها وسيارتها، فإنه يجب أن يصدر فورا هذا التشريع الخاص بسرعة محاكمة من يستخدم السلاح ومن يسطو ومن يخطف ومن يقتل ويروع المواطنين. وعندما تتجلى الانتهازية بحجة الثورة، وعندما تنتشر الفوضى بحجة الفوز بالحقوق، وعندما تسرق الأرض الزراعية للبناء، وعندما، وعندما وعندما، وعندما يسقط 75 ضحية فى ساحة رياضة، وعندما يكون الشغب ملازما لكل نشاط، وعندما تنهش الشائعات فى جسد الوطن، وعندما تنشر خزعبلات فى صحف بما يؤثر على الرأى العام وجهات التحقيق يكون الحل هو تشريع واحد يتعامل مع تلك المخالفات والجرائم بمنتهى الحسم والقوة وبمحاكمات سريعة وبما يتناسب مع الحالة الطارئة التى تمر بها البلد.. وتذكروا أن حقول الألغام تذكرة دخول بلا عودة.. نسأل الله ألا تدخل مصر هذا الحقل..؟  

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved