عودة إلى المربع الأول

وسام أبوبكر باسندوه
وسام أبوبكر باسندوه

آخر تحديث: الثلاثاء 27 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

عندما قبل صالح بعد أشهر عديدة التوقيع على المبادرة الخليجية التى كان يستنكف عن توقيعها بعد كل التعديلات التى طالب بإدخالها والتى أفرغتها بالفعل من مضمونها وجعلها تصب فقط فى مصلحته. حينها هرول الجميع من الداخل والخارج لالتقاط هذه اللحظة التى تنازل فيها صالح وقبل بالتوقيع خشية أن يتراجع عن هذا الموقف كحاله فى العادة.

 

وبالفعل وقع الاتفاق، لنكتشف فيما بعد أن صالح ومن معه حرصوا على أن يحدد كل بند يصب فى مصلحتهم بدقة، بينما كان شركاؤهم فى هذه الاتفاقية مع الأسف معنيين فقط فى تلقف أى تنازل من قبل صالح وحسب.

 

هذا ما أكدته الشواهد لاحقا يكفى أننا ندخل المرحلة الانتقالية الثانية التى بدأت بتنصيب الرئيس الجديد، والتى كان من المفترض أن تُستهل بإعادة هيكلة القوات المسلحة حتى تنجح كل الخطوات اللاحقة، فكيف يمكن أن يعقد الحوار الوطنى ــ وهو الحوار المخلص الذى ينتظره الشعب اليمنى لوضع كل المشكلات والتحديات على طاولة البحث والنقاش ــ فى ظل استمرار سيطرة أسرة صالح على مقدرات القوة؟

 

الواضح أن أحزاب المعارضة الرسمية «سابقا» كانت قد وقعت على هذا الاتفاق دون أن تحصل على ضمانات واضحة وجدول زمنى محدد لإعادة الهيكلة، وكانت التجربة قد كشفت من قبل عن مثال آخر وهو أنهم وقعوا على بند الحصانة الذى ثبت أيضا أنه لم يكن قد حدد المشمولين بها؟ وإلى أى مدى تتسع هذه الحصانة؟ الأمر الذى سبب مشكلة عند المصادقة عليه فى مجلس النواب كادت تفضى بالفعل إلى نسف الاتفاقية منذ البداية.

 

واليوم تشكل عودة صالح التحدى الأكبر لهذه الاتفاقية، بل وعودته رئيسا لحزب المؤتمر الشعبى يأتمر نصف أعضاء حكومة الوفاق بإمرته، بل وصل الأمر إلى حد قدرته على الإيعاز لوزرائه بالامتناع عن حضور جلسة الحكومة. كما أنه مستمر فى عقد الاجتماعات وتنظيم المؤتمرات وإلقاء الخطب وكيل السباب إلى معارضيه، تماما كما كان فى السابق.

 

الإشكالية الكبرى أن هذه التحركات التى يقوم بها صالح كشفت عن الخطأ الأكبر الذى وقع فيه ممثلو المعارضة سابقا عند توقيعهم على الاتفاقية فى أنهم لم يشترطوا عدم ممارسة صالح لأى دور سياسى، أو حتى على الأقل ربط تفعيل بند الحصانة بهذا الشرط، وهو الأمر الذى يحتج به صالح وأعوانه.

 

مع الأسف أن حجج أنصار صالح صحيحة، فلا يوجد فى المبادرة أو الآلية التنفيذية ما ينص على ذلك، وإذا كان الموقعون قد اعتبروا أن هذا أمر حتمى ومفهوم ضمنا فهذه مشكلتهم فى الحقيقة وليست مشكلة  صالح، ويعنى فشلا فى إدارتهم للمفاوضات وهم الآن مطالبون بتحمل مسئوليتهم التاريخية على الأقل والاعتراف بهذا الخطأ.

 

نعم نجحت هذه الاتفاقية الهشة فى إزاحة صالح عن كرسى الرئاسة هذا صحيح، لكنها لم تنجح فى انتزاع صلاحياته، وهل منصب الرئاسة سوى حزمة صلاحيات!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved