مجازفة الجزائر بالعودة إلى الماضى

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الأربعاء 26 مارس 2014 - 6:54 ص بتوقيت القاهرة

كتبت رئيسة قسم الأبحاث عن الشرق الأوسط وأفريقيا فى المعهد الألمانى للشئون الدولية والأمنية إيزابيل ورنفلز مقالا على الموقع الإلكترونى صدى التابعة لمركز كارنيجى لدراسات الشرق الأوسط، تتحدث خلاله عن الانقسامات فى صفوف الطبقة السياسية ومراكز النفوذ بالجزائر. حيث ترشّح الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة، 77 عاما، لولاية رابعة، ما يؤشّر إلى أن النخب السياسية الجزائرية لا تسعى، أقلّه فى الوقت الحالى، إلى سلوك مسار يقود نحو إصلاح المنظومة الداخلية. وقد انطبعت ولاية بوتفليقة الثالثة (2009 ــ 2014) فى شكل أساسى بالجهود الآيلة إلى إبعاد تداعيات الربيع العربى. ولهذه الغاية، لجأ الرئيس إلى التصدّق على الناس اقتصاديا على طريقة الإسلوب التقليدى المتّبع فى الدول الغنية بالنفط والغاز. ستظل آفاق الإصلاح قاتمة فى حال استمرار بوتفليقة فى الحكم لولاية رابعة؛ ولا يُتوقَّع سوى حدوث تعديلات ضئيلة، مثل إقرار تعديل دستورى ينص على استحداث منصب نائب الرئيس من أجل حدوث انتقال سلس للسلطة إلى الشخص الثانى فى التراتبية القيادية فى حال وفاة بوتفليقة فجأة. ونظرا إلى وجود العديد من مراكز النفوذ المتنافسة فى الجزائر ــ الرئاسة والجيش، فى ظل انقسامات داخلية فى صفوف الجيش.

•••

وتساءلت الكاتبة عما إذا كان النظام الحالى قادرا على إنتاج مسار إصلاحى من الداخل، وتحديدا هل يمكن التوصّل إلى إجماع حول خطوات أساسية مثل تعزيز القضاء ومكافحة الفساد من خلال إجراءات جدّية وفعلية؟ وتشير الديناميات الحالية على مشارف الانتخابات إلى أن احتمالات التوصّل إلى إجماع أو إجراء إصلاحات فعلية ضئيلة جدا، وذلك لأسباب متعدّدة. حيث تزداد الانقسامات بين السياسيين الجزائريين على الساحة العامة. وكان مرشّحو المجتمع المدنى ذوو الميول الديمقراطية مجرّد متفرّجين، وقد انسحبوا من السباق أو لم يتمكّنوا من استيفاء الشروط الرسمية للترشّح. كما تدفع الديناميات العلنية وتلك التى تدور خلف الكواليس، فى اتجاهات مختلفة. استطردت ورنفلز، فى الوقت الذى تخوض فيه الطبقة السياسية والنخب الاجتماعية مواجهة علنية، يبدو أن صانعى القرارات البارزين فى الجيش وجبهة التحرير الوطنى وسواها من الأحزاب التى تدور فى فلك النظام، وكذلك فى الميدان الاقتصادى، توصّلوا إلى إجماع خلف الكواليس حول إبقاء بوتفليقة فى الرئاسة لولاية رابعة. فقراره بالترشّح يعنى ضمنا أنه واثق من الحصول على دعم واسع فى صفوف القياديين العسكريين الكبار الذين يعتبرون أنه الوحيد القادر على إبقاء المشهد السياسى على ما هو عليه، والحفاظ على مصالحهم الشخصية. أخيرا، أظهرت ديناميات الانتخابات أن الطبقة السياسية ــ وشرائح مهمّة من السكّان ــ تَقبل على نطاق واسع بأن يكون الجيش العمود الفقرى للنظام.

•••

وفى نهاية المقال أوضحت الكاتبة أنه انطلاقا من هذه الديناميات، حتى لو وصل إلى الرئاسة شخص ملتزم بالإصلاح، سيجد صعوبة فى بناء إجماع من أجل إطلاق العملية الانتقالية على المسار الصحيح. الناخبون الجزائريون قلقون بشأن الاستقرار، ويخشون عودة أعمال العنف كما فى التسعينيات. ويُستبعَد أن يدعموا أى توجّهات من شأنها أن تخلّ بالاستقرار، حتى ولو كان ذلك يعنى التخلّى عن فرصة سانحة لتحقيق الإصلاح. تتراوح التحدّيات المطروحة على الجزائر من النزاع الإثنى والتململ الاجتماعى والتهديدات الأمنية إلى الزيادة الهائلة فى استهلاك الطاقة فى الداخل والتغييرات فى أسواق الطاقة العالمية، والتى تُهدّد بصورة متزايدة السياسة الحكومية القائمة على شراء الولاء وتهدئة التململ الاجتماعى عن طريق توزيع الريع. وهكذا فإنّ صانعى القرارات الجزائريين يواجهون، عبر الإحجام عن المجازفة لرفع هذه التحدّيات، خطرا أكبر بكثير بتجدّد عدم الاستقرار فى البلاد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved