وأخيرًا.. سلفيون يزورون أمريكا

محمد المنشاوي
محمد المنشاوي

آخر تحديث: الجمعة 26 أبريل 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

بعد عدة أيام سيصل إلى واشنطن عدة قادة حركات وأحزاب سياسية سلفية بأول زيارة من نوعها، وعلى رأسهم الداعية الدكتور ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية.

 

ومنذ تأسيس عدة أحزاب سياسية سلفية أعلنت احترامها لقواعد العملية السياسية الديمقراطية، والتى تنبذ العنف ولا تدعو لاستخدام السلاح لتحقيق أهدافهم السياسية، وبعد فوز القوى السلفية بنسبة تقترب من 25% من مقاعد مجلس الشعب الذى تم حله بقرار قضائى أصبح موضوع الزيارة مسألة وقت.

 

ورغم أن الزيارة تعد حدثا طبيعيا، اختار الكثيرون أن يخرج الزيارة من سياقها الطبيعى! الدكتور ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية، من جهته نفى أن يكون ضمن جدول زيارته المرتقبة إلى الولايات المتحدة لقاء عدد من السياسيين والمسئولين الأمريكيين، مشيرا إلى أن الزيارة حال القيام بها ستكون دعوية وليست سياسية.

 

وأضاف دكتور برهامى فى تصريحات لـ«الشروق» أن احتمالية إلغاء السفر باتت كبيرة نظرا لتأخر إصدار التأشيرة الخاصة بالسفر لما يقرب من شهر، لافتا إلى أن الزيارة جاءت بناء على دعوة من مركزين إسلاميين فى أمريكا وهما المنهال والتوحيد، ويقوم على المركزين أشخاص يتبعون الدعوة السلفية.

 

ولفت برهامى إلى أن حزب النور سيقوم بزيارة إلى أمريكا خلال الفترة المقبلة، فى إطار حملته للتواصل مع الجاليات المصرية هناك، مؤكدا عدم الترتيب بشكل كبير لتزامن زيارته مع وفد حزب النور، نظرا لاختلاف الارتباطات بينهم.

 

تحدثت مع مسئول مصرى ممن يعتقدون بدور كبير لواشنطن وراء كل ما يحدث داخل مصر وذكر أن الزيارة تعد استعدادا من جانب واشنطن لاستبدال تحالفها مع جماعة الإخوان المسلمين بالحركات السلفية خاصة بعد سوء الأداء الذى أظهرته الجماعة منذ بدء الرئيس محمد مرسى مهامه منتصف العام السابق.

 

ثم تحدثت مع قيادى ليبرالى مصر ممن يزورن واشنطن باستمرار فقال إن الرئيس باراك أوباما والسفيرة آن باترسون «يستميتون دفاعا عن المشروع الإسلامى الإخوانى ــ السلفى».

 

ثم تحدثت مع مسئول أمريكى سابق عن الزيارة، فلم يبد الرجل أى اندهاش وذكر «من الطبيعى أن يزور السلفيون أمريكا، مثلهم فى هذا مثل الإخوان والليبراليين».

 

•••

 

ويرى كثيرون فى واشنطن أن فرص حدوث تواصل مباشر مع ممثلى التيار السلفى المصرى قد زادت، إلا أنه لم يكن من المتصور منذ أشهر قليلة حدوث حوار مباشر بين الطرفين. ويشهد على ذلك عدم إجراء أى مناقشات أو لقاءات بين كبار المسئولين الأمريكيين ممن توافدوا على مصر خلال الأشهر الماضية مع قادة السلفيين المصريين على غرار ما تم مع كبار قادة جماعة الإخوان المسلمين والليبراليين.

 

ويواجه السلفيون معضلة كبيرة خلال زيارة واشنطن، فقد سبقهم الإخوان فى تقديم أنفسهم كممثل شرعى للإسلام المعتدل، ونال هذا الطرح قبولا عاما من الدوائر الأمريكية والغربية. أما السلفيون فلا أحد يدرى كيف سيسوقون أنفسهم فى العالم الغربى! هل سيقدمون أنفسهم كبديل لجماعات العنف السياسى، هل سيقدمون أنفسهم كبديل لتنظيم القاعدة، أم أنهم سيقبلون بتمثيل الأصولية الإسلامية فى صورتها المحافظة.

 

•••

 

إلا أنه من الأسهل أن يذكر السلفيون المستمعون الأمريكيين من مسئولين أو مواطنين بما قاله الرئيس الأمريكى باراك أوباما من فوق منبر جامعة القاهرة، إذ أكد احترام رغبات واختيارات الشعوب، بقوله إن «الولايات المتحدة سترحب بكل الحكومات التى تنتخب ديمقراطيا وبطريقة سلمية». السلفيون فى مصر يمثلون أقصى درجات اليمين الدينى السياسى المصرى، ولكل دول العالم يمينها السياسى. وهم بذلك يمثلون شريحة مهمة من الواقع المصرى الذى لا يجب تجاهله أو تهميشه.

 

سيواجه السلفيون حال زيارتهم المرتقبة لواشنطن بسيل جارف من الهجوم على مواقفهم التى يصعب فهمها أمريكيا، ويصعب تبريرها باستخدام ذريعة «الخصوصية الثقافية المصرية»! ولم يعد سرا أن بعض قادة التيار السلفى رفضوا فى السابق «العملية الديمقراطية» برمتها، ولم يشجع شيوخ كبار منهم المشاركة السياسية سواء التصويت أو الترشح فى الانتخابات، أو حتى التظاهر، ويرى بعضهم أن الديمقراطية مجرد وسيلة وأداة يمكن أن تستخدم فقط لتطبيق الشريعة؟

 

وستسأل واشنطن عن موقف السلفيين من قضايا المرأة، وستستفسر عما ذكره بعض الشيوخ من أن مكان اهتمام المرأة يجب أن ينحصر فقط فى المنزل والأسرة ويرفضون خروجها للعمل، وسيسألون عن طلب البعض منهم فرض زى إسلامى على كل نساء مصر.

 

أما قضية الأقلية القبطية، فلا أعتقد أن لدى السلفيين أى إجابات مقنعة لشعب مصر ولا لبقية العالم يمكن لهم من خلالها تبرير مواقفهم الحادة والطائفية ضد تولى مسيحى منصب الرئاسة، أو حتى توليهم مناصب مرموقة فى الدولة، أو مطالبة بعض كبار شيوخهم بضرورة فرض «الجزية» على أهل الكتاب من غير المسلمين.

 

أما المعضلة الحقيقية فتتمثل فى عدم قبول التيار السلفى للتعددية السياسية بمعناها الواسع. لم يجد التيار السلفى حتى الآن إجابة واضحة ناهيك عن كونها مقنعة لقضية التعامل مع «الآخر». ويرتبط بذلك مفهوم المواطنة وحقوق وواجبات المواطن السياسية وغير السياسية بغض النظر عن دينه ودرجة تدينه وجنسه.

 

مطالبة السلفيين المستمرة بالإفراج عن الشيخ الضرير عمر عبدالرحمن لن تجد لها آذانا صاغية فى واشنطن. فالشيخ متهم فى قضايا تتعلق بالإرهاب، وأدين فى قضية محاولة تفجير برج التجارة العالمى عام 1993، والتى نتج عنها مقتل مواطنين أمريكيين، ومن المستحيل أن يتوقع السلفيون إمكانية الإفراج عنه بترتيبات أو صفقات سياسية من أى نوع.

 

•••

 

عقد اتصالات مباشرة بين واشنطن والتيار السلفى يخدم أيضا مصالح أمريكا، وستحقق هذه الاتصالات مكسبا كبيرا لواشنطن، فهى تستطيع أن تقول بصوت مرتفع إنها منفتحة على كل القوى السياسية المصرية، خاصة تلك التى لا تقترب معها فكريا وثقافيا، كذلك يدعم مثل هذا الإعلان من قوى المفاوض الأمريكى عندما يجلس مع نظيره المصرى للبحث فى أى من ملفات العلاقة الثنائية، والمتوترة فى بعضها، بين الدولتين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved