غسان سلامة وستيفاني وليامز يكتبان عن تجربتهما في ليبيا

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الإثنين 26 أبريل 2021 - 7:15 م بتوقيت القاهرة

نشرت مجلة Newlines مقالا للمبعوثين الأمميين السابقين إلى ليبيا، غسان سلامة، وستيفانى وليامز، يرويان فيه كيف ساعد تفكك النظام الدولى فى تدمير ليبيا الممزقة بالفعل، وكيف يمكن لإجماع دولى متجدد أن يساعد فى عودة الدولة... نعرض منه ما يلى.

جاء فى المقال أنه «لأول مرة منذ سنوات عديدة، يحتفل الليبيون بشهر رمضان المبارك بسلام نسبى. البنادق حتى الآن صمتت. هناك حكومة وطنية موحدة نتجت عن انتقال سلمى للسلطة وتسليمها من قبل الحكومتين المتنافستين اللتين حكمتا البلاد منذ عام 2015. ومن المقرر إجراء الانتخابات الوطنية فى ديسمبر».
وذكر المبعوثان السابقان أنهما لم يكونا يتخيلان مثل هذه التطورات فى الأيام المظلمة بين إبريل 2019 ويونيو 2020 عندما كانا يعملان فى الأمم المتحدة، وحددا أحد التواريخ المهمة لأنه استحوذ على الحالة المزاجية لتلك الفترة المضطربة.

مؤتمر برلين
يروى المبعوثان السابقان فى مقالهما المشترك تفاصيل مؤتمر برلين، وقالا: «كان الوقت متأخرا بعد ظهر يوم 19 يناير 2020 فى برلين. بعد خمسة أشهر من الاجتماعات على مستوى كبار المسئولين فى البلدان والمنظمات المشاركة، قمنا نحن ومضيفينا الألمان بإعداد مؤتمر برلين، بحضور كوكبة من قادة العالم، بما فى ذلك من البلدان التى تدخلت بشكل مباشر فى الصراع الليبى. كنا مستعدين للمراجعة والموافقة ــ بحضور الجانبين الليبيين المدعوين للحضور فى اللحظة الأخيرة ــ البيان المؤلف من 55 نقطة والذى تم صياغته بشق الأنفس فى العديد من الاجتماعات التحضيرية.
لكن أين كان الجنرال خليفة حفتر؟ لقد كان حفتر، الذى شن هجومه على طرابلس فى إبريل 2019 هو الدافع للتجمع فى العاصمة الألمانية حيث اجتمع عدد من قادة العالم. على النقيض من ذلك، كان رئيس المجلس الرئاسى فائز السراج يقف بأدب، ومستعدا لحضور الجلسة الختامية. ولم يحضر حفتر.

مشهد «مثير للدهشة»
وصف المقال المشهد فى برلين بأنه «مثير للدهشة». ومن الواضح أن زعماء العالم، بما فى ذلك غالبية الأعضاء الخمسة الدائمين فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، كانوا غير قلقين من أن حفتر قام برفضهم. لكن أنصار حفتر الأجانب، لم ينزعجوا لدرجة أنهم كانوا مستعدين لإعادة النظر فى استثمارهم الاستراتيجى فى مشروعه.
ويرى المقال أن سلوك حفتر استند إلى افتراض أنه سينتصر عسكريا فى سعيه لحكم ليبيا بالقوة. فى العام السابق، كان قد جمع دعما دوليا ماديا وسياسيا مثيرا للإعجاب لهجومه، وكان قد تلقى مكالمة هاتفية بمثابة «الضوء الأخضر» من مستشار الأمن القومى الأمريكى جون بولتون قبل أيام فقط من الهجوم.
وجاء فى المقال: «شن حفتر الهجوم فى 4 إبريل 2019، بينما كان جوتيريش فى ليبيا لدعم مؤتمر وطنى شامل تحت إشراف الأمم المتحدة. وطلب منه إلغاء الهجوم وسحب قواته. لكن تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة قوبلت بالرفض. إن قيام حفتر بشن مثل هذا الهجوم الجرىء بينما كان جوتيريش لا يزال فى البلاد كانت مظاهر أخرى للاضطراب العالمى».
وأضاف المقال أنه «ليس من المستغرب أن هجوم حفتر قتل أيضا العملية السياسية للأمم المتحدة التى قضينا أكثر من عام فى بنائها. كنا على علم بأطماع حفتر وتهديداته بحكم البلاد بالقوة وتطهير طرابلس من الميليشيات والقضاء على «الإسلام السياسى».

عجز مجلس الأمن
جاء فى المقال إن «هجوم أبريل 2019 غير كل ذلك. لقد كشفت الاختلافات الحادة حول السياسة تجاه ليبيا فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والتى تم تغطيتها حتى الآن ببيانات جوفاء بشكل انعكاسى لدعم الممثل الخاص للأمين العام والعملية السياسية للأمم المتحدة. خلال الأسابيع والأشهر التالية، أصبح مجلس الأمن عقيما تماما، ولم يتمكن من إصدار بيان بسيط يدين هذا الانتهاك المذهل للنظام الدولى. كانت الصدمة الأكبر هى صمت الولايات المتحدة، وهو انعكاس مذهل لسياسة الولايات المتحدة القديمة تجاه ليبيا. لن نعرف أبدا ما الذى كان سيحدث لو اختار كبار القادة الأمريكيين بدلا من ذلك تحذير حفتر من هجومه، أو حتى ذهبوا إلى حد تهديده باستخدام القوة الجوية. لقد كنا ممتنين للموقف المبدئى الذى اتخذه الدبلوماسيون الأمريكيون المحترفون فى واشنطن وفى الميدان لتصحيح السياسة ودعمهم القوى لعمل بعثة دعم الأمم المتحدة فى ليبيا خلال العام الماضى».

خطة لوقف الحرب
قررنا أن هناك حاجة إلى استراتيجية جديدة، استراتيجية من شأنها أن تنهى الحرب وتعيد فتح الطريق للمحادثات السياسية. فى حين أن خطتنا السابقة كانت خطة داخلية، مع التركيز الأساسى على جمع الليبيين على الأراضى الليبية، بعيدا عن الأجانب المتدخلين، كانت الخطة الجديدة من الخارج إلى الداخل.
وهكذا وُلد ما أصبح يُعرف باسم عملية برلين. أمضى غسان ساعتين مع ميركل فى منتصف أغسطس 2019، متوجها إلى برلين فى أعقاب هجوم إرهابى مروع أودى بحياة ثلاثة من زملائنا فى الأمم المتحدة فى بنغازى فى علامة أخرى على استمرار تفكك ليبيا.
وأضاف المقال: «كانت ألمانيا اختيارا منطقيا لقيادة العملية. اعتبرها الليبيون جهة فاعلة محايدة وامتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (1973) الذى تم تبنيه فى مارس 2011 وشكل الأساس القانونى للتدخل العسكرى الدولى اللاحق».

نجاح عملية برلين
أكد سلامة ووليامز أنه على الرغم من التشكك والسخرية اللذين أبداهما العديد من المراقبين والمحللين الليبيين، فقد أثبتت عملية برلين أنها جديرة بالاهتمام. إنه دليل واضح على أن «الروح» الدولية مستعدة لفعل الشىء الصحيح حتى لو كان «الجسد» الوطنى ضعيفا.
يجب أن يكون الحفاظ على هذا التجمع الدولى أولوية قصوى للأمم المتحدة والجهات الفاعلة الدولية الرئيسية. لقد وفر مظلة للأمم المتحدة لإطلاق المسارات الليبية الثلاثة ــ العسكرية والسياسية والاقتصادية ــ بالإضافة إلى مسار شامل يركز على حقوق الإنسان والقانون الإنسانى الدولى. ألزمت عملية برلين المجتمع الدولى بدعم العملية الشاملة من خلال آلية متابعة مدروسة على جميع المستويات ــ العمل، وكبار المسئولين، والوزراء. وهى لا تزال واحدة من المنتديات الدولية الوحيدة التى يلتقى فيها الإماراتيون والمصريون مع الأتراك، وفق نص المقال.

القوة أوقفت القوة
ذكر المقال أن «الحماقة التى بدأت باستخدام القوة توقفت عن طريق استخدام القوة».
فى خريف عام 2019، لجأت حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، خشية سقوط طرابلس فى غضون أسابيع، رسميا إلى أنقرة طلبا للمساعدة. كانت المساعدة التركية، مقترنة بأكبر تعبئة للجماعات المسلحة الليبية منذ ثورة 2011، هى التى قلبت المد. بعد أن تقدمت حتى بوابات طرابلس، اضطرت قوات حفتر إلى الانسحاب من غرب ليبيا بحلول يونيو 2020. ثم توقفت الأعمال العدائية فى وسط ليبيا، مدعوما باتفاق وقف إطلاق النار الذى تسهله الأمم المتحدة والموقع فى أكتوبر 2020، والذى لا يزال صامدا حتى اليوم.
سمح توقف الأعمال العدائية والهدوء الذى أعقب ذلك على الأرض لبعثة الأمم المتحدة بالعمل مباشرة مع الليبيين على المسارات الليبية الثلاثة التى تم إنشاؤها فى يناير 2020 تحت مظلة برلين».

مسارات الحل
تابع المقال: «فى استعراض لافت للروح الليبية وافقت اللجنة العسكرية المشتركة بالإجماع فى أكتوبر على وقف إطلاق النار ودعت إلى انسحاب القوات الأجنبية».
كما عمل المسار الاقتصادى بهدوء وفاعلية نحو توحيد المؤسسات المالية والاقتصادية الليبية السيادية. وانعقد مجلس إدارة البنك بعد غياب خمس سنوات لتعديل سعر الصرف.
اجتمعت القوى السياسية فى منتدى الحوار السياسى الليبى (LPDF)، للاتفاق فى البداية على موعد الانتخابات، وفى وقت لاحق، فى فبراير من هذا العام، لاختيار مسئول تنفيذى مؤقت. لقد عملنا على ضمان عملية اختيار وتصديق شفافة للمديرين التنفيذيين تمت مشاهدتها على الهواء مباشرة من قبل ملايين الليبيين، مما أضاف شرعية وشعورا بالقبول الذى كان يفتقر إلى حد كبير فى الجهود الدولية السابقة. وبعد ذلك تمت الموافقة على السلطة التنفيذية التالية، حكومة الوحدة الوطنية، بأغلبية أعضاء مجلس النواب ورحب بها المجتمع الدولى على نطاق واسع».

خطوات الحل
قال المبعوثان السابقان أنه «على السلطات الليبية المكلفة بتسهيل الانتخابات الوطنية أن تنتبه. لقد تجاوز المجلسين ــ مجلس النواب الممزق والمجلس الأعلى للدولة ــ مدة صلاحيتهما منذ فترة طويلة. تم انتخاب الأول فى عام 2014، والثانى فى عام 2012. لقد تحدث الشعب الليبى مرارا وتكرارا، موضحا مطالبته بإجراء انتخابات جديدة للدخول فى برلمان جديد، وتجديد الشرعية الديمقراطية لمؤسساتهم. يجب على المجلسين الإسراع فى إنشاء الأسس التشريعية والدستورية اللازمة لتمكين الليبيين من الذهاب إلى صناديق الاقتراع فى نهاية هذا العام».
ودعا سلامة ووليامز حكومة الوحدة الوطنية إلى احترام العقد الذى وقعته مع منتدى الحوار والشعب الليبى والمساءلة والمجتمع الدولى لاحترام خارطة الطريق التى وافق عليها المنتدى فى تونس، وتتضمن إجراء انتخابات فى 24 ديسمبر، وتوفير الاحتياجات الفورية للشعب الليبى، وتعزيز تدابير الوقاية من كورونا، والإصلاح العاجل لقطاع الكهرباء.
وشدد المقال على ضرورة أن يركز المجلس الرئاسى على المصالحة الوطنية وعودة النازحين والعدالة الانتقالية. كما يجب أن تكون حماية ثروة الشعب الليبى ــ عائدات النفط فى البلاد ــ من خلال حوكمة فعالة ومحاربة الفساد على جميع المستويات أولوية قصوى لئلا يفقد أولئك فى هذه الحكومة ثقة المحكومين.

دور المجتمع الدولى
دعا سلامة ووليامز المجتمع الدولى إلى إرسال إشارة قوية إلى الجهات الفاعلة الداخلية الليبية مفادها أن العالم هذه المرة لن يقف مكتوف الأيدى إذا سعوا، مرة أخرى، إلى خيار عسكرى.
وختم سلامة ووليامز مقالهما بالقول إن «الاضطراب العالمى سمح بانقلاب عملية السلام السابقة للأمم المتحدة فى ليبيا فى عام 2019؛ يمكن أن تساعد إعادة التأكيد الصارمة والالتزام بالمعايير العالمية على ضمان أن تتمتع العملية الحالية بمصير أسعد ــ وهو مصير يستحقه الشعب الليبى بكل وضوح».
النصان الأصليان:
https://bit.ly/3tSbfNE
https://bit.ly/3sPUKR0

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved