قضايا الحوار الوطني

عمرو هاشم ربيع
عمرو هاشم ربيع

آخر تحديث: الخميس 26 مايو 2022 - 7:25 م بتوقيت القاهرة

كثيرة هى القضايا التى سيعنى بها الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى.
فى الحوارات المشابهة والتى ترأسها عادة لجان مستقلة ومحايدة لا تنتمى إلى السلطة التنفيذية بأى وسيلة، تعد قضايا الحوار بشكل جيد على الموائد. وعادة ما تكون تلك القضايا من الضيق الذى يجعل الحوار مثمرًا ومغلقًا على ثلة محدودة من القضايا، مرد المجتمع والدولة أن يدخلا فى سجال كبير بشأنها لفترة طويلة مضت، وذلك كله حتى يكون الحوار نوعا من الأخذ والرد حول تلك القضايا، إلى أن يحدث اتفاق بين القوى الفاعلة فى الحوار حول مخرجات الحوار وآليات تنفيذ ما اتخذ من مواقف وآراء.
النوع الثانى من الحوار، وهو ما يتصور أننا مقبلون عليه، هو اتساع دائرة الحوار ليشمل قضايا كثيرة ومتشعبة، وهنا تكون هناك آلية محددة للتفاعل داخل موائد الحوار، بحيث لا يؤدى إثارة كل تلك القضايا إلى تمييع الحوار، ومن ثم عدم وجود جدوى منه على الإطلاق.
هذا النوع الأخير من الحوار لكى يكون مثمرًا، يجعل القائمين عليه، والذين يفترض أن يكونوا محايدين، وواقفين على مسافة واحدة من كل المشاركين وهو ما يعتقد أنه يحتاج إلى إعادة نظر اليوم، (يجعل هؤلاء) يقسمون العمل داخل لجان كثيرة تكفى لمناقشة كل تلك القضايا، وهنا من المهم أن يقسم العمل إلى عدة محاور. محور سياسى، ومحور اقتصادى، ومحور اجتماعى، ومحور ثقافى.
المحور السياسى، سيرتبط بالتأكيد بما هو متصل بتأسيس جمهورية جديدة حقيقية، بمعنى نمط جديد من العلاقة بين الحاكم والمحكوم غير الذى هو قائم الآن. بعبارة أخرى، هذا النمط من الحوار عادة سيرتبط بقضايا جوهرية ستفضى ــ حال كان الحوار جادًا ــ إلى تعديلات دستورية وقانونية ولائحية تغير من شكل العلاقة بين الفواعل الرئيسة فى المجتمع والدولة. وهذا بالطبع فى ظل النمط السائد فى نظام الحكم الجمهورى المؤسس منذ يوليو 1952.
ولعل السبب الرئيس فى كون هذا المحور من أبرز وأهم المحاور، والتى تؤدى إلى تغيير وليس مجرد إلى إصلاح للأوضاع، هو أنه سيرتبط بتأسيس شكل جديد داعم لحرية الرأى والتعبير وسيادة نمط معتبر من العلاقات الديمقراطية بين الحاكم والمحكوم. فملف المحتجزين أو المعتقلين أو سجناء الرأى، ومدة الحبس الاحتياطى، ومدى إمكانية خلق بديل وفق التجارب الدولية للحبس الاحتياطى خلف جدران السجن، وقانون الانتخابات بالقوائم المطلقة المفضى إلى تعيين أو تزكية الأشخاص للوصول لموقع نيابة الشعب، وحرية الإعلام، واستقلال القضاء خاصة فى مسألة الموازنة وقواعد الندب (حيث ذكر دستورر 2012 المعدل عام 2014 م239 بضرورة سن تشريع يخص الندب لم يقر إلى اليوم)، وكيفية عمل الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى، وحق التظاهر...إلخ كلها قضايا شائكة وتحتاج إلى لجان فرعية منبثقة من المحور السياسى، كى تخرج بقرارات مهمة.
المحور الاقتصادى، هذا المحور وفى ظل المشكلات الكثيرة التى ألمت بمصر والعالم فى الأونة الأخيرة، كالحرب الروسية الأوكرانية، وجائحة كوفيد 19، وغيرها، كلها أمور أفضت إلى مشكلات كثيرة أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة الدين الخارجى بشكل غير مسبوق (ما فوق 150 مليار دولار بمعدل تجاوز 30% من الناتج المحلى الإجمالى)، وما تلى ذلك من ارتفاع الأسعار الظاهر على وجه الخصوص فى أسعار الطاقة والغذاء، وعدم مواكبة الأجور والرواتب لهذه الارتفاعات المتتالية، وكل ذلك أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر، لا سيما مع اتجاه الدولة للحد من الدعم السلعى والتموينى.
المحور الاجتماعى، وبه قضايا شائكة، على رأسها التعليم والصحة. ففى ظل الارتباك الحادث فى العملية التعليمية على المستوى التعليم ما قبل الجامعى والجامعى والفنى والأزهرى ومحو الأمية، وما يواكب كل ذلك من أزمات تخص المناهج (القيم) والمدرس (الأعداد والتدريب والرواتب) والأبنية (الجودة وإتاحة مقعد لكل طالب بلا تكدس) والدروس الخصوصية (انتشار التعليم المواز والسناتر). كل ما سبق يحتاج بالفعل إلى نقلة نوعية. أما الصحة التى فر الأطباء من البلد إلى الخارج، وحدث عجز فى التمريض، وجودة وتدريب الخريجين فى ظل انتشار التعليم الطبى الخاص، وأزمة منظومة التأمين الصحى.. إلخ كل ذلك إلى جانب ملفات أخرى متصلة بالزيادة السكانية والعشوائيات والمياه والمرأة والشباب وغيرها تحتاج إلى وقفات.
المحور الثقافى، رغم كون هذا المحور لا يمس هموم وحياة المواطن اليومية، إلا أنه من أبرز المحاور التى تحمل القيم. فمن خلاله يتحتم وضع النقاط على الحروف فى مسألة الهوية، وعمليات التنشئة السياسية والاجتماعية للمواطن، وهو ما يفضى إلى مخرجات مهمة تتصل بسلوك المواطن ومدى احترامه للقانون والمساواة بغض النظر عن الطبقة أو الدين أو اللون أو النوع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved