مرسى.. مرشحًا ورئيسًا

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الثلاثاء 26 يونيو 2012 - 8:20 ص بتوقيت القاهرة

أمام الرئيس محمد مرسى فرصة تاريخية لكى يعيد ترتيب البيت المصرى من جديد، بعد أن شهد خلال الشهور الأخيرة معارك سياسية طاحنة وانقسامات حادة، رأى الكثيرون أنها وضعتنا على أعتاب فوضى عارمة، تواتر الحديث خلالها عن تهريب شحنات ضخمة من الأسلحة الثقيلة عبر الحدود الليبية، لحساب جهات غامضة تخطط لدخول ربما فى حرب عصابات ضد السلطة العسكرية الحاكمة.

 

وأتصور أن المدخل الوحيد لكى ينجح مرسى فى نزع فتيل أزماتنا الراهنة، هو اعترافه بحقيقة أساسية وهى أن أكثر من نصف المصوتين له، لم يعطوا له شيكا على بياض، ولم يؤيدوا برنامج الإخوان، ولكنهم صوتوا له رفضا لمنافسه الفريق أحمد شفيق وخوفا على الثورة من الضياع على يديه. كما أن مرسى بالضرورة يدرك ما يعنيه أن 25 مليون مصرى قاطعوا الانتخابات، وأن أكثر من 12 مليون آخرين صوتوا لمنافسه، أى أن 27 مليون مواطن يتوزعون بين خنادق رافضة لتوجهات رئيسنا الجديد بدرجات متفاوتة، وأخرى معادية له بشكل جذرى، وثالثة ربما تقف على الحياد دون أن تحسم توجهاتها حتى الآن، وكل هذه الملايين لم تفوض مرسى الصلاحيات لتنفيذ برنامج الاخوان السياسى ولا برنامجه هو حتى الانتخابى!

 

أنا شخصيا أتفهم أن هناك فرقا كبيرا سيظهر بين مرسى المرشح للرئاسة الذى قال فى مزايدة انتخابية صارخة وساذجة منذ عدة أسابيع خلال احتدام معاركه الانتخابية مع منافسيه، انه سيقود الفتح الإسلامى الثانى لمصر بعد فتح عمرو بن العاص، وبين مرسى الرئيس الذى قال إنه رئيس لكل المصريين، بعد أن قدم استقالته من الإخوان حزبا وجمعية، وأحله مرشد الجماعة من بيعته له، إلا أن هذا الفرق بين مرسى المرشح ومرسى الرئيس لا ينبغى أن يقتصر على إطلاقه التصريحات الوردية بضمان حقوق الأقباط والنساء والأقليات، ولكن ينبغى ان يستند إلى مرجعية دستورية واضحة، بتخليه عن نهج الجماعة فى التكويش على كل مفاصل الدولة، وسعيه لإقرار دستور ديمقراطى يرتضيه الجميع، لا أن يكون دستورا على مقاس الاخوان، أو على مقاس هذه الأصوات المنفرة التى تسىء لديننا الإسلامى الحنيف وهى تتصور ــ جهلا وغرورا ــ أنها تدافع عنه، متناسية أننا بلد الأزهر الذى حمى الاسلام فى مصر والعالم كله، قبل ظهور الاخوان او هذه الأصوات بأكثر من عشرة قرون!.

 

يستطيع مرسى أن يثبت فعلا انه رئيس لكل المصريين، بتبنيه مبادرة للمصالحة الوطنية، وتشكيل حكومة ائتلافية واسعة ببرنامج انقاذ وطنى تنحل مشاكل الأمن والاقتصاد، ترأسها شخصية غير حزبية وتتمتع بصلاحيات تنفيذية مطلقة.. وساعتها فقط سيضع مرسى قدمه على بداية الطريق الصحيح لمصر.. وللإخوان أيضا!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved