شباب كوريا الجنوبية يتحولون لليمين المتطرف.. والسبب فقدانهم الامتياز الذكورى!

دوريات أجنبية
دوريات أجنبية

آخر تحديث: السبت 26 يونيو 2021 - 6:50 م بتوقيت القاهرة

نشرت مجلة فورين بوليسى مقالا للكاتب ناثان بارك، يقول فيه إن الذكور فى عمر العشرينيات تحولوا للتيار اليمينى المتطرف فى كوريا الجنوبية بسبب فقدانهم التفوق الجنسى على المرأة، هذا التيار يعادى النسوية ويعارض الحكومة الليبرالية الحالية التى تبذل الكثير لتقليل الفجوة بين الجنسين.. نعرض منه ما يلى.

يُفترض فى العديد من البلدان، بما فى ذلك كوريا الجنوبية، أن الناخبين من الشباب والشابات يميلون إلى الليبرالية. لكن فى السنوات القليلة الماضية، اتخذ الناخبون الكوريون الجنوبيون من الذكور فى عمر العشرينيات انعطافًا حادًا نحو اليمين. ففى الانتخابات لرئاسة بلدية سيول التى أجريت فى أبريل الماضى، صوت 72.5٪ من الناخبين الذكور فى العشرينيات للتيار المحافظ، وهى نسبة أعلى حتى من الناخبين الذكور فى الستينيات من العمر. وبذلك، يبشر الشباب الكوريون بفصل جديد ينذر بالسوء فى السياسة المحافظة فى كوريا الجنوبية.
بداية، كان للناخبين ــ شباب وشابات ــ حضور قوى فى وقفة احتجاجية على ضوء الشموع بين عامى 2016ــ2017. أدت الاحتجاجات إلى عزل رئيسة كوريا الجنوبية المحافظة «بارك كون هى» فى مارس 2017. الخطاب السياسى الكورى الجنوبى فى ذلك الوقت كان يحركه سوء تعامل إدارة بارك مع الفساد وكارثة العبّارة سيول، حيث لقى أكثر من 300 راكب وراكبة ــ العديد منهم من طلبة المدارس الثانوية ــ حتفهم. انتقل دعم الشباب والشابات إلى الإدارة الليبرالية التى أعقبت عزل بارك. وفى أول استطلاع شهرى للإدارة الجديدة، أيد 90 % من الشباب والشابات الرئيس الجديد مون جاى إن.
لكن بعد أربع سنوات فقط، انقلب الناخبون ــ شباب وشابات ــ تمامًا على الإدارة الليبرالية. حيث بلغت نسبة تأييد النساء فى العشرينيات من العمر للإدارة 37%. بينما وصلت نسبة تأييد الرجال فى العشرينيات من العمر للإدارة لـ17 %ــ وهو أدنى مستوى بين جميع الفئات مقسمة حسب العمر والجنس. بعبارة أخرى، يعرب الرجال الكوريون الجنوبيون فى العشرينيات من العمر عن آراء أكثر تحفظًا من الرجال الذين يبلغون من العمر 60 عامًا أو أكثر، حيث يوافق 24% منهم على الرئيس!.
•••
يُرجع خبراء كوريا الجنوبية انعطاف الشباب نحو اليمين المتطرف إلى اتجاهين: النخبوية/الأفضلية، وكراهية النساء. بالنسبة للاتجاه الأول (النخبوية)؛ كان الشباب الكورى الجنوبى، الذين ولدوا فى أواخر التسعينيات، لا يملكون سوى القليل من الإحساس بالنضالات التاريخية التى ميزت الأجيال الأكبر سنا، مثل الحرب الكورية أو القتال ضد الديكتاتوريين من أجل الديمقراطية. بدلا من ذلك، كان صراعهم يدور حول امتحانات القبول للمدارس الثانوية، وامتحانات القبول للكليات، وامتحانات القبول لوظائف آمنة عالية الأجر. ونتيجة لذلك، استوعب الشباب الكورى الجنوبى هذه الصراعات وتحولت المسألة إلى حساسية أخلاقية، ملقين باللوم على الفقراء فى معاناتهم؛ فلو أنهم اهتموا ببذل مجهود أكبر فى مسيرتهم التعليمية لكانوا فى مصير أفضل.
للتوضيح أكثر، تغيرت البوصلة الأخلاقية لجيل الشباب فى كوريا الجنوبية، فهم يسيرون فى طريق التمييز. وليس أدل على ذلك من حادثة اندلاع حريق فى مبنى لأصحاب الأعمال الصغيرة أثناء احتجاجهم على نزع ملكية المبنى، أسفر الحريق عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 28 آخرين. وبدلا من التركيز على المصاعب الاقتصادية الأليمة لأصحاب هذه الأعمال أو الاستخدام المفرط للقوة من جانب الشرطة، كان الشباب يقولون إن أصحاب الأعمال «طلبوا الكثير» ووافقوا على نزع الملكية مبررين منطقهم بأن أصحاب الأعمال كان يمكنهم القيام بأداء أفضل فى المدرسة والحصول على وظيفة مختلفة تحميهم من إنهاء سبل عيشهم بشكل مفاجئ. بكلمات أخرى، جيل الشباب فى كوريا الجنوبية يعبدون النخبوية ويغمضون أعينهم عن محددات أخرى مثل الجهد والتحفيز بصرف النظر عن الطبقة الاجتماعية والاقتصادية.
أما الاتجاه الثانى لانعطاف الشباب الذكور نحو اليمين المتطرف فهو كرههم الشديد للمرأة. معروف أن التحيز الجنسى كان مشكلة طويلة الأمد فى كوريا الجنوبية. ومع ذلك، فإن نسخة هذا الجيل من التحيز الجنسى قد اتخذت طابعًا مختلفًا عن نسخة آبائهم. فإذا كان الرجال الكوريون الأكبر سنًا يرون أنفسهم آباءً يشرفون على النساء، فإن الرجال الكوريين الأصغر سنًا يعتبرون أنفسهم ضحايا للنسوية. حيث أشارت نتائج استطلاع إلى أن الشباب يتميزون بالعداء المفرط ضد النسوية: قال 58.6% من الرجال الكوريين فى العشرينيات من العمر إنهم يعارضون بشدة النسوية.
باختصار، الشباب ينظرون إلى الشابات على أنهن تهديد لهم يحصلن على معاملة تفضيلية على الرغم من تحقيقهن للمساواة، مما يسيء إلى إحساسهم بالتفوق الجنسى. بعبارة أخرى، لم يصبح الشباب محافظين بشكل حقيقى بمعنى أنهم دعموا السوق الحرة. لكن القضية الرئيسية التى حركتهم لليمين المتطرف هى «نقطة التقاء الجنس والسلطة»، أو المناطق التى اعتقد الرجال أنهم يواجهون عيوبًا هيكلية فيها على أساس الجنس.
من المنطقى أن نجد هذه المجموعة من أشد المعارضين للحكومة الليبرالية. حيث رفض 83.3% من الشباب الذكور فى عمر العشرينيات إدارة الرئيس الليبرالى مون، التى يرون أنها صديقة للغاية للنسوية لأنها حاولت تحسين أوضاع النساء وتقليل التمييز بينهن وبين الذكور، مثل تحفيز الشركات على زيادة عدد مديراتها التنفيذيات أو التعهد بتعيين نساء فى 30% على الأقل فى مناصب بمجلس الوزراء.
•••
هذه المجموعة من الشباب لديها الآن بطل سياسى. ففى 11 يونيو الجارى، انتخب حزب سلطة الشعب، الحزب المعارض المحافظ الرئيسى فى كوريا الجنوبية، لى جون سوك البالغ من العمر 36 عامًا كرئيس للحزب. وبتحليل انتصار حزبه فى الانتخابات الأخيرة لرئاسة بلدية سيول، كتب سوك مقال رأى يقول فيه إن التيار الليبرالى خسر لأنه «ذهب بكل شيء إلى النسوية مع التقليل من قوة التصويت للرجال فى العشرينيات والثلاثينيات من العمر» وانتقد «النسويات الراديكاليات» والمبادرات الحكومية التى تعين المزيد من النساء فى مجلس الوزراء أو تمنحهن فرصا فى سوق التوظيف.
من خلال اختيار «لى» كرئيس له، ينتهج الحزب المحافظ سياسة التظلم ضد المرأة لتجديد شبابه وبدون شك هى علامة لا تبشر بالخير على مستقبل السياسة فى كوريا الجنوبية.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى: هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved