عصر التصريحات

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الأحد 26 يوليه 2015 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة

** تلقيت هذه الرسالة: «نحن الآن نعيش عصر التصريحات غير المحسوبة فى المجال الرياضى، وبخاصة فى كرة القدم وقد لاحظت الآتى: «حسام البدرى يصرح بعدم استطاعته رفض تدريب النادى الأهلى ويجتمع بمسئوليه وهو المدير الفنى للمنتخب الأوليمبى على حين أنه يعلم تماما ببنود عقده والشرط الجزائى.. ووائل جمعة مدير الكرة بالأهلى يصرح بأن فوز الأهلى كان رد اعتبار لرئيس النادى.. مع العلم بأن الفوز للنادى وليس لرئيس النادى .. والمستشار مرتضى منصور رئيس الزمالك يصرح بأنه تعاقد مع اللاعب إيفونا ويؤكد توقيع اللاعب والحقيقة أن اللاعب وقع للنادى الأهلى».

** ويضيف صاحب الرسالة: «هذا مثال بسيط جدا من التصريحات المحيرة.. وسؤالى هو ما هى احترافية التصريح وما هى الخطوات الصحيحة التى يجب على أى مسئول أن يراعيها قبل إصداره أى تصريح ؟!» (انتهت الرسالة والتوقيع عمرو فريد أبودومة ).

** هذه النوعية من التصريحات ليست وليدة اليوم، ولكنها قديمة وتعدت الحدود وأصبحت فوضى.. والآن أشعر باليأس، وأتمنى أن يكون حظ الأجيال الرياضية القادمة أفضل من حظنا، ويعيشون زمن الاحتراف الحقيقى فى العمل، والسلوك، والكلام.. فإذا كنت ضربت أنت أمثلة، فإن عندى عشرات الأمثلة لتصريحات «أى كلام»، من عينة تصريح يطلقه لاعب يقول فيه: «النادى الفلانى بيتى » ثم تجد هذه اللاعب متعاقدا مع الجيران أو مع النادى الأخر بعيدا عن ناديه الذى كان بيته . وهناك العديد من المدربين المتعاقدين مع فرق وأندية وتراهم يعلنون أنهم «تحت أمر ناديهم الذين لعبوا له وصاحب الفضل عليهم»، لكن هذا الانتماء لا يعنى الإخلال بالتعاقد مع ناد آخر، وعدم احترام الكلمة التى هى بمثابة عقد، وهذا بجانب تصريحات تضحك من نوعية: «التوقيع على بياض» تعبيرا عن الانتماء، وهذا عدم احتراف.. وأن اتحاد الكرة يخاطب الأمن قبل كل مباراة (كل مباراة) لتحديد مكانها، وهذا عدم احتراف.. اتحاد الكرة يعلن تطبيق دورى المحترفين الموسم القادم.. هكذا فجأة، وهذا عدم احتراف. لكن ماذا عن السب والقذف، وانتهاك الأعراض، واختراق القانون ؟

** الموضوع يتعلق بمجتمع وليس بمجال واحد.. ومن أسف أنه مجتمع النجوم والشخصيات العامة، فى شتى المجالات، من السياسة إلى الرياضة، ومن الفن إلى الثقافة.. هو مجتمع النخبة على وجه الدقة.. فإذا منحت جائزة مهرجان فنى إلى نجم ترى النجوم فى عز الظهر وهى تحتج وتغضب وتثور لأن كل منهم يرى أنه الأحق. وحين يفوز فريق بمباراة، ترى المهزوم رافضا لانتصاره . وفى الثقافة يعلو التنظير على النظر. ويظن المثقف أن من هم خارج عالمه جهلاء وهو لا يدرى أن أبسط تعريفات الثقافة أنها أسلوب حياة.. ولن أحدثك عن الاصطناع، وعن التعالى، وعن غرور الأغبياء. وعن هذا المجتمع الذى لا يوجد فيه صاحب مركز ثان فى أى مجال لأن الجميع أوائل.. لن احدثك «الكذب الابيض المتوسط »، وعن انتشار الهلفطة وعن المحاضرات الإعلامية ودروسها الموجهة إلى التلاميذ من الشعب والناس فى المنازل والسيارات والشوارع..

** رسالتك فتحت جرحا عميقا.. لأن ذلك كله وبعضه وغيره هو ما صنع جيلا رافضا جدا وغاضبا جدا من الشباب لأنه يفتقد الصدق والقدوة والحقيقة..

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved