قضية المصريين هذه الأيام

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 26 يوليه 2019 - 10:20 م بتوقيت القاهرة

ما هى أهم قضية تشغل غالبية المصريين هذه الأيام؟!

هناك قضايا كثيرة، لكن فى تقديرى الشخصى، فإن القضية الأهم هى سعى وحيرة ٤٨٣١٦٣ طالبا وطالبة، نجحوا فى الثانوية العامة فى الالتحاق بالمعاهد والجامعات المختلفة.

منذ إعلان نتيجة الثانوية العامة يوم السبت قبل الماضى، بنسبة نجاح ٧٨،٦٪، ثم الإعلان عن الحد الأدنى لتنسيق المرحلة الأولى. فإن الشغل الرئيسى للطلاب الناجحين صار هو: أى كلية أو معهد يمكننا الالتحاق به؟!
بطبيعة الحال المتفوقون جدا والذين حصلوا على مجموع أعلى من الحد الأدنى، لن يواجهوا أى مشكلة فى الالتحاق بالكلية التى يريدونها.

والملاحظة المهمة هى ارتفاع عدد من حصلوا على مجاميع مرتفعة. على سبيل المثال فإن ٣٦٪‏ من الناجحين حصلوا على أكثر من ٩٠٪‏، منهم ١٧٪‏ حصلوا على مجاميع أكثر من ٩٥٪‏، بارتفاع نحو ٦٪‏ عن العام الماضى. وبالتالى فالنتيجة المنطقية هى ارتفاع الحد الأدنى للقبول بالكليات التى يطلق عليها «القمة».

من التحق بالكلية التى يريدها، فى نعمة كبيرة لا يشعر بها، لأنه يتلقى تعليما مجانيا تقريبا فى حين أن زميله الذى يقل مجموعه عن هذا الحد الأدنى ولو بواحد من عشرة فى المائة فقط، ويريد الالتحاق بنفس الكلية فى الجامعات الخاصة، مطلوب منه، أن يدفع مبالغ لا تقل عن سبعين ألف جنيه وقد تتضاعف للسنة الواحدة.
ليس كل المصريين أغنياء، بل نسبة صغيرة جدا منهم، والغالبية «تطفح الكوتة فعلا وتكح تراب»، من أجل توفير الأموال اللازمة لإلحاق أولادهم بالجامعات.

أعرف حالة اضطرت فيها الأسرة إلى بيع شقة كانوا يدخرونها لمواجهة تكاليف زواج البنت أو أى شىء طارئ!
أسرة ثانية اضطرت للحصول على قرض بـ ٥٠ ألف جنيه لتسديد القسط الأول من رسوم كلية طب أسنان بالجامعات الخاصة، علما أن هذه الكلية وصيدلة وغالبية الكليات الطبية ارتفعت رسومها بنسب وصلت إلى أكثر من ٧٠٪.

أسر أخرى فى الريف والصعيد تبيع أغلى ما تملك وهى الأرض، كى تؤمن للأولاد تعليما مختلفا يقودهم إلى الترقى الاجتماعى.

نموذج ثالث لرجل صار عمله فى الخليج قاصرا فقط على تمويل عملية تعليم الأولاد، هو يريد العودة لمصر منذ فترة طويلة لكن أى عمل يلائم مؤهلاته فى مصر لن يكون كافيا لتعليم خمسة أولاد فى مراحل التعليم المختلفة منهم اثنان فى الجامعات الخاصة.

من حق كل طالب وأسرته أن يأملوا ويحلموا بالالتحاق بكلية مرموقة تؤمن لهم مستقبلا جيدا.

لكن مع هذه الحلم، ينبغى أن يكون هناك نظرة إلى الواقع. ومرة أخرى لا يمكن للجميع أن يدخل كليات القمة فقط، لأن المجتمع يحتاج لكل التخصصات من أول عامل النظافة نهاية بعالم التكنولوجيا النووية.

قبل أيام قابلت الدكتور خالد عبدالغفار، خلال حفل تخريج الكليات الحربية، وتحدثنا عن عملية القبول، والرجل وجّه لى عتابا مهذبا، لأننى كتبت أن بعض أصحاب الجامعات الخاصة يحتاجون زيادة أعداد المقبولين، خصوصا فى الصيدلة وطب الأسنان.

هو قال لى إن هذه المطالبة غير منطقية لأن عدد الخريجين صار أكبر من حاجة المجتمع وحاجة السوق، وبالتالى فإن الوزارة تنظر للأمر من كل جوانبه، وليس فقط من زاوية أصحاب الجامعات.

ظنى الشخصى أن من حق أى شخص أن يحلم بالكلية التى يريدها، ويسعى فى ذلك بكل السبل، لكن ماذا لو كان عدد الراغبين فى الالتحاق بطب الأسنان أو الصيدلة مثلا أعلى من حاجة السوق، إذا كان الامر كذلك، فمن حق المجلس الأعلى للجامعات، أن يرفع الحد الأدنى أو يلزم به الجامعات، حتى لا نلقى بالخريجين فى سوق البطالة.

التحدى الأكبر هو تغيير ثقافة المجتمع بكل فئاته نحو التعليم الفنى الحقيقى، وليس هذا النوع الموجود فى الدبلومات الفنية الثلاثة الزراعة والصناعة والتجارة.

تعليم فنى يقوم بتخريج صنايعية بجد مثل صنايعية زمان، وليس خريجين لا يعرفون أى شىء عن أى مهنة، ويكون مصيرهم المحتوم هو قيادة التوك توك!

كل التوفيق لجميع الطلاب وكان الله فى عون أى أسرة مصرية خصوصا لو كانت فقيرة أو متوسطة الحال وتريد أن تلحق أحد أبنائها بجامعة خاصة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved