لبنان أمام تحدى تشكيل «حكومة مهمة» للإنقاذ الوطنى

ناصيف حتى
ناصيف حتى

آخر تحديث: الإثنين 26 يوليه 2021 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

بعد اجتياز «حاجز» التكليف مع الرئيس نجيب ميقاتى سيصل قطار تشكيل الحكومة الذى انطلق من جديد بعد اعتذار الرئيس سعد الحريرى، إلى «حاجز» التأليف. البعض يحذر من أن هذه الرحلة كسابقتها لن تصل إلى «المحطة الأخيرة» التى يفترض أن تشهد ولادة حكومة فى محاولة قد تكون الأخيرة لإطلاق عملية إنقاذ «المركب اللبنانى» من الغرق. ويرى آخرون عن قناعة عند البعض أو تمنٍ عند البعض الآخر أن الأمور قد اختلفت الآن عما كانت عليه من قبل لأسباب يرجعها بعضهم إلى ما يسمونه العامل الشخصى السلبى الذى طبع العلاقة بين رئيس الجمهورية والرئيس الحريرى ويرجعها البعض الآخر إلى أنه لم يعد من الممكن الاستمرار من دون حكومة لأن ذلك سيعجل من انهيار الهيكل على الجميع. كما أن ضغوطات أطراف حليفة أو صديقة داخلية أو خارجية لهذا الطرف أو ذاك كفيل باجتياز «حاجز» التأليف بنجاح.
ويتحدث البعض عن فكرة لتسهيل ولادة الحكومة قوامها التخلى عن تشكيل حكومة التكنوقراط لمصلحة حكومة تكنوسياسية تضم ممثلين ستة لزعماء فدرالية المذهبيات السياسية الحاكمة، يكونون وزراء دولة، إلى جانب ثمانى عشر وزيرا من التكنوقراط. أصحاب هذا الرأى يعتبرون أن طمأنة ما أسميتهم فى مقالة سابقة بحراس الهيكل، يسمح للحكومة الجديدة بأن تنجح بتحقيق مهامها. أصحاب هذا الرأى يعتبرون أيضا أنه دون ذلك فإن الحكومة ستجد نفسها بالفعل مكبلة من خارجها وبالأخص من المجلس النيابى القادر أن يسقط أو يمنع عبر فدرالية المذهبيات السياسية وكيفية إدارتها اللعبة السياسية أى مشروع قانون تحاول أن تقدمه الحكومة أو محاصرتها بشكل مستمر عبر مختلف وسائل الضغوطات المعروفة. والحديث عن حكومة تكنوقراط كليا لا يعنى بالضرورة أنها محصنة من التأثير المباشر والمكبل للزعماء المشار إليهم سابقا، طالما أن التكنوقراطى قد يكون مرتبطا بمرجعية سياسية تقيد دوره وتحدد له مواقفه من جميع القضايا المطروحة. نعود بذلك إلى منطق تقاسم «جبنة السلطة» بلعبة واجهتها وأبطالها تكنوقراط: لعبة تقاسم «جبنة السلطة» فى فدرالية المذهبيات السياسية التى تجيد هذه اللعبة حفاظا على مصالحها كما نعرف ونشهد.
لعبة صراع المصالح الفئوية تجرى دائما باسم الصلاحيات المستعادة أو تلك التى يجب الحفاظ عليها بالنسبة للبعض أو تلك التى يجب استعادتها بالنسبة لآخرين. حكومة المهمة التى يتحدثون عنها، رفعت كشعار أفرغ من مضمونه. تشكيل حكومة مهمة يعنى اختيار فريق عمل متجانس ومن أصحاب المعرفة العلمية والتجربة العملية يعمل لتنفيذ خطة إنقاذ تقوم على برنامج واضح ودقيق للإصلاح الشامل والمتكامل، وليس لإصلاحات شكلية لا تفى بالمطلوب، وذلك ضمن إطار زمنى يتفق عليه. إن نجاح حكومة المهمة فى تنفيذ برنامجها الإصلاحى الشامل يفترض أن تمنح صلاحيات استثنائية لهذا الأمر، حتى لا تبقى رهينة اللعبة السياسية التقليدية التى تجيدها فدرالية المذهبيات السياسية حفاظا على مصالحها. شرط آخر لا بد من توفيره لإنجاح حكومة المهمة متى شكلت أو إذا شكلت؛ قوامه توفير شبكة أمان ومواكبة خارجية من الأطراف المؤثرة والمعنية، علما أن المضى فى مسار من هذا النوع، الذى نقر أن دونه صعوبات كثيرة وكبيرة، سيخلق دينامية وطنية داعمة له من جميع القوى التغييرية والإصلاحية توفر له فرصا كبيرة للنجاح وتمنع لبنان من أن ينزلق للتحول إلى دولة فاشلة لا سمح الله كما حذر كاتب هذا المقال منذ عام. جميع المؤشرات اليوم تدل على أننا صرنا على قاب قوسين من التحول إلى دولة فاشلة وباب الإنقاذ يبقى أمامنا إذا ما توفرت الإرادة لولوجه. فهل نكون على مستوى هذا التحدى؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved