الحل ليس الحل

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 26 سبتمبر 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

أصرت جماعة الإخوان المسلمين بعد تجربتها الفاشلة فى حكم البلاد على أن تصبح مشكلة كبيرة تهدد مستقبل الشعب المصرى عقابا له على رفضه لحكمها الفاشل. فى المقابل لا يبدو أن السلطة الحالية أفضل من سلطة الإخوان البائدة ولا أكفأ منها فى التعامل مع المشكلات وفى القلب منها مشكلة الإخوان.

فالحكم القضائى الذى اتفق الكثير من شيوخ القضاء وفقهاء القانون على غرابته وفساد استدلاله والقاضى بإعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة محظورة ومصادرة أموالها وأموال من له بها صلة لن يحل أبدا مشكلة الإخوان لأننا ببساطة أمام جماعة «محلولة» منذ حوالى ستين عاما.

ليس هذا فقط فإصرار السلطة ومن والاها من كارهى جماعة الإخوان على سياسة الملاحقة والمطاردة يقدم طوق النجاة لهذه الجماعة التى شارفت بالفعل على الغرق فى بحار الفشل والرفض الاجتماعى لأن تاريخ الإخوان يقول إنها تتغذى على المحنة وتقمص شخصية الضحية دائما من أجل ضمان تماسك أفرادها تحت وطأة الشعور الدائم بالخطر.

لقد خسرت الجماعة خلال عامين ونصف العام من العمل العلنى وشبه الرسمى بعد ثورة 25 يناير ما لم تخسره طوال ستين عاما من العمل فى ظل الحظر والحل منذ قرار مجلس قيادة ثورة 23 يوليو حلها فى 1954. فبعد ثورة 25 يناير انتقلت الجماعة من مقر متواضع فى المنيل إلى قصر منيف فى المقطم وخرجت قياداتها من السجون والمخابئ إلى قصور الحكم ومراكز قيادة الدولة. فى المقابل تراجعت شعبية هذه الجماعة بشدة خلال تلك الفترة القصيرة فتتحول مشاعر التأييد والتعاطف التى سادت قطاعات واسعة من المصريين طوال سنوات «حظر الجماعة» إلى مشاعر رفض لها بعد أن أظهرت رغبة قوية فى استغلال آليات فساد الحكم الذى ثار عليه المصريون فى 25 يناير لتحقيق مآربها السياسية والاقتصادية بدلا من أن تسعى إلى القضاء على هذه الآليات.

وبعد أن كان الإخوان يهربون من ملاحقات السلطة إلى أحضان المجتمع الذى كان يتعاطف معهم أصبح عليهم الآن مواجهة مطاردات السلطة ورفض المجتمع لهم. فلم يعد الإخوانى يحظى بحماية وتعاطف جاره الآن بل إن العكس هو الصحيح فقد بات يخشى من أن يبلغ عنه جاره السلطات بعد أن تبدلت المشاعر وتغيرت الموقف.

غير أن الوسائل التى تتبناها السلطة الحالية فى التعامل مع ملف الجماعة لا يبشر بخير لأنها عادت إلى نفس الوسائل والأساليب التى تأكد فشلها على مدى عقود طويلة. فمنذ ظهور الإخوان عام 1928 والسلطات تسعى إلى تشويهها وشيطنتها دون جدوى. وقد شاهدنا جميعا كيف حشدت دولة حسنى مبارك كل قواها الإعلامية من أجل شيطنة الجماعة قبيل انتخابات 2005 فكانت النتيجة فوزا عريضا لها. فى المقابل فإن خروج الجماعة إلى النور وانفرادها بالسلطة فى البلاد وفتح منافذ الإعلام أمام رجالها أظهر وجهها الحقيقى السيئ للشعب فانقلب عليها ورفضها.

إذن فحل الجماعة أو حظرها ليس هو الحل الأمثل للتعامل معها. الحل هو تركها للشعب يتعامل معها بما تستحق بعد أن انهارت كل الأساطير التى أحاطت بها لسنوات وسنوات من العمل تحت الأرض وعلى هوامش المجتمع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved