حكايتان عن المثليين جنسيا

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 26 سبتمبر 2017 - 10:20 م بتوقيت القاهرة

فى ديسمبر ٢٠١٤ زرت دولة أوروبية كبرى بدعوة رسمية، ووقتها قابلت أكثر من ١٥ مسئولا كبيرا فى وزارة الخارجية ومراكز الأبحاث والإدارات المسئولة عن العلاقات مع مصر والمنطقة العربية.

الموضوعات المتفق عليها للنقاش كانت العلاقات الثنائية والارهاب وليبيا ومستقبل ظاهرة الاسلام السياسى، لكنى فؤجئت وقتها بأن الموضوع الأول الذى كانوا يتكلمون فيه هو «قضية حمام الأزبكية»، حينما قبضت الشرطة على شبكة اتهمتهم بأنهم يمارسون اللواط داخل حمام بلدى فى منطقة الأزبكية، تضم 26 شخصا.

وجهة نظر المسئولين الاوربيين أن مصر تنتهك حقوق الإنسان حينما تقبض على المثليين جنسيا وتقمع نشاطهم، وتضطهدهم مجتمعيا.

أذكر يومها أننى سألت أحدهم: لماذا تنشغل دولة أوروبية كبرى بأن تكون قضيتها الأساسية مع مصر هى المثليون جنسيا وليس الإرهاب أو التنمية أو حتى الديمقراطية وحقوق الإنسان؟!. وسألته أيضا ألا تدركون خطورة التركيز على مثل هذه القضايا فى البلدان الاسلامية؟.

هذا المسئول قال لى وقتها إن المجتمعات الأوروبية حسمت أمرها، تتعامل مع القضية باعتبارها حرية شخصية، هذا أولا أما ثانيا، فهناك جماعات ضغط مؤثرة تدافع عن المثليين، وبالتالى فإن غالبية الحكومات الغربية ترى بأن ما يحدث فى مصر ضد المثليين مقلق جدا.

قضية حمام الازبكية انتهت ببراءة المتهمين، لكن قضية المثليين ظلت كالنار تحت الرماد.

وقبل أسابيع قليلة كنت ومجموعة صغيرة من رؤساء التحرير فى زيارة لدولة أوروبية كبرى أيضا، والتقينا مسئولا مهما فى وزارة خارجيتها، وخلال النقاش كان هذا المسئول يتحدث بصورة شاعرية مؤثرة عن وزير خارجية سابق لهذه الدولة توفى قبل شهور، وكان الجميع يعرف أنه مثلى الجنس.

حينما كان هذا الوزير الراحل فى منصبه، كان يعيش مع رفيقه أو «زوجه» فى بيت واحد، ووضع تمثالا لرجل عارٍٍ تماما فى باحة الوزارة. هذا التمثال شاهدناه عندما زرنا الوزارة قبل حوالى خمس سنوات، وبالطبع كان مثار تندرنا.
من يتابع هذا الملف فى الغرب فلن يندهش، لأن العديد من هذه المجتمعات سمحت بزواج المثليين، بل أن الأمر وصل إلى بعض رجال الدين فى الكنائس.

هولندا هى أول دولة تسمح بزواج المثليين منذ عام ٢٠٠١ تحت مسمى «الزواج المدنى والشراكة المنزلية»، وتلاها فرنسا وبلجيكا وكندا وإسبانيا والنرويج والسويد والدانمارك والبرتغال وإيسلندا والأرجنتين والمكسيك والبرازيل ونيوزلندا. فى حين تعارض كل من روسيا والهند والدول العربية والإسلامية هذا الزواج وتجرمه.

وقدم الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما دعما كبيرا للمثليين، وأقرت ولاية واشنطن هذا الحق أيضا، وناشد أوباما بابا الفاتيكان ليغير رأيه من المثليين، لكن البابا فرنسيس لا يزال يصف زواجهم بأنه خطر يهدد النظام التقليدى للأسرة ويقوض مستقبل البشرية. ورأيه أن الأسرة الطبيعية بين رجل وامرأة، وكل ما يخالف ذلك يهدد كرامة الإنسان. ورغم ذلك فإن البابا طالب الكنيسة بإظهار الاحترام للمثليين والاعتذار لهم بسبب الطريقة التى تم التعامل بها معهم، وقال: «إذا كان أحدهم مثلى الجنس ويبحث عن الرب بنية حسنة فمن أنا لأحكم عليه؟!!.لكن البابا تواضروس بابا الكنيسة الأرثوذكسية أكد أن زواج المثليين مرفوض تماما من الإيمان المسيحى ومن المؤمنين ومن الله.

السؤال هو: ما الهدف من كل ما سبق؟
الإجابة ببساطة هى الحفل الغنائى للفريق اللبنانى «مشروع ليلى» مساء السبت الماضى، حيث ثم رفع علم قوس قزح «رينبو» وهو شعار المثليين، وللمرة الأولى نرى جهرا من المثليين فى مصر بحالتهم، بل ظهر بعضهم فى أجهزة الإعلام، وذلك هو التطور الأهم.

هل ما حدث مفاجأة؟
الإجابة لا، لأن أى مراقب يدرك أن وباء المثليين يتفشى بصورة خطيرة عالميا، وكأن هناك تنظيمات سرية تدعمه. هو موجود فى مصر وفى المنطقة العربية، لكن لا توجد معلومات دقيقة موثقة عنه. ونسمع منذ سنوات عن شخصيات بارزة بالمجتمع يقال إنها مثلية الجنس، من دون التأكد من صحة هذه الاقاويل.

السؤال الآن:
هل نعالج هذا الملف الشائك والحساس جدا بالإجراءات الأمنية فقط كالعادة، أم أن هناك جهدا مفقودا، ينبغى أن تقوم به جهات ومؤسسات أخرى كثيرة فى الدولة؟!. سؤال يحتاج إلى المزيد من النقاش.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved