كيف يمكن لمجلس الأمن أن يستعيد الثقة والشرعية

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: السبت 26 سبتمبر 2020 - 7:35 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب Tobias Scholz، تناول فيه اقتراحا لإصلاح هيكل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حتى يكون قادرا على مواجهة التحديات الراهنة كفيروس كورونا والحرب التجارية والدول الكبرى التى تتصرف وكأنها فوق القانون الدولى.. نعرض منه ما يلى.

يصادف أن تتزامن الذكرى السنوية الخامسة والسبعين للأمم المتحدة مع أخطر جائحة فى العالم منذ مائة عام، بالإضافة إلى حرب تجارية شرسة بعيدة المدى. ونتيجة لهذه التطورات العالمية ــ والتى زادت من المشاكل التى يواجهها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ــ ينبغى علينا معالجة هيكل هذا الجهاز وتتبع الهدف التاريخى من وراء إنشائه والتفكير بعناية فى المخاطر المتعلقة بالقرارات المرتقبة بشأن الإصلاحات المستقبلية.

الإيمان المشترك «بعدم التكرار»
اتفقت القوى المنتصرة على أن حربًا عالمية أخرى يجب ألا تتكرر، مع ما يقرب من 85 مليون حالة وفاة فى الحرب العالمية الثانية، ولتحقيق السلام والاستقرار المستدامين فى العالم، تم إنشاء الأمم المتحدة لتكون قلب نظام أمنى عالمى جديد. وكانت المرونة المؤسسية للأمم المتحدة متجذرة فى دعم الولايات المتحدة لإنشاء نظام قائم على القواعد الليبرالية. كما أصبح مجلس الأمن جهاز الأمم المتحدة الذى ينتج استجابات سريعة لمواجهة انعدام الأمن الدولى.
وكانعكاس للسياسة الواقعية، اتفق واضعو ميثاق الأمم المتحدة على الصين وفرنسا وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى ليكونوا أصحاب عضوية دائمة لا تنتهى أبدًا بينما الأعضاء العشرة الآخرون يتم انتخابهم من قبل الجمعية العامة. ومنذ إنشاء النظام فى عام 1945، حدث تغييران هامان: الحرب الأهلية الصينية التى أدت إلى نقل العضوية من جمهورية الصين إلى جمهورية الصين الشعبية وتفكك الاتحاد السوفيتى مما أعطى الاتحاد الروسى تلك العضوية الدائمة. وفى حين حصلت الدول الخمس دائمى العضوية P5 على حق النقض، حافظ الأعضاء المنتخبون E10 على القوة المحتملة لبناء الأغلبية. ومن ثم، لا يمكن لـ P5 وE10 قبول القرارات إلا إذا تعاونا بشكل فعال.

الصلابة المؤسسية
على الرغم من أن جائحة COVIDــ19 كشفت عن العديد من أوجه القصور الهيكلية داخل مجلس الأمن، إلا أن بعضها يرجع إلى الخمسينيات. ففى ذلك الوقت، أجبرت الحرب الباردة العالم على الدخول فى تحالفات. حتى الدول مثل الهند ومصر ويوغوسلافيا، التى لم ترغب فى الدخول فى تحالف، كان عليها أن تبنى منصة ليتم الاعتراف بها على أنها دول عدم الانحياز. وأدى صعود القومية حول العالم إلى تراجع فى القيم الديمقراطية الليبرالية وصعود سياسة الاعتماد المتبادل. وهذا واضح بشكل خاص فى مجالات السياسة الجديدة نسبيًا مثل الأمن الإلكترونى والفضاء. ومن جانبه، شكك رئيس الولايات المتحدة فى هدف الأمم المتحدة ومدى جدواها، ويتجه الآن إلى نزع الشرعية عن مجلس الأمن.
لذلك يحتاج جميع قادة الدول، ليس فقط دونالد ترامب، إلى إعادة تقييم موقفهم فى عالم ما بعد الحرب الباردة. ففى السنوات الثلاثين الماضية، كان إعلان فرانسيس فوكوياما «نهاية التاريخ» له صدى فى آذان العديد من المسئولين الحكوميين الغربيين، حيث شعر قادتهم السياسيون أن الوقت قد حان لإنشاء حوكمة عالمية قوية مع إعمال حقوق الإنسان. مثال على ذلك، أدى عجز الأمم المتحدة عن إيجاد استجابة منسقة تجاه الإبادة الجماعية فى رواندا وصربيا، إلى إنشاء معايير جديدة مثل مسئولية الحماية (R2P). والسياسة الجديدة كانت ناجحة فى نظر كل من رغب فى أن يكون المجتمع الدولى مراقبًا عالميًا لانتهاكات حقوق الإنسان. ورأى آخرون فى ذلك تجاوزا لاختصاصات مجلس الأمن. مثل الصين والتى عارضت جعل تغير المناخ جزءًا من حقيبة مجلس الأمن.
ومع ذلك، فإن المعضلة التى تواجهها الأمم المتحدة تتطلب إلقاء نظرة أوسع على الأمور: فمع إضفاء الطابع الأمنى على المعاناة الإنسانية، أصبح العثور على استجابة مشتركة لـكوفيدــ19 أو الصراع فى سوريا أمرًا مستحيلًا. وبالمثل، استغرق الأمر من ميشيل باشليت، وكيلة وزارة حقوق الإنسان فى الأمم المتحدة، شهرًا تقريبًا لإصدار بيان حول المظالم التى تحدث حاليًا فى بيلاروسيا. الفشل فى معالجة أكثر المشاكل الأمنية إلحاحًا اليوم فى كل من مجلس الأمن واللجنة الفرعية لحقوق الإنسان يشير إلى فقدان غير مسبوق لقدرات مؤسساتنا المتعددة الأطراف.

مسئولية الإصلاح
إن قرارات مثل 2250 و2419 تظهر الفهم العام لمجلس الأمن لقضايا السلام والأمن بما يتماشى مع جدول أعمال الأمم المتحدة. ومع ذلك، فإن تعدد القرارات منذ نهاية الحرب الباردة لم ينص على شيء جديد، بل على العكس كشف عن التهجين الجديد لمجلس الأمن فى الحكم على القضايا العالمية والمحلية، وأصبح العثور على حلول مشتركة أمرا ليس بهين. لذلك يجب على مجلس الأمن الاستمرار فى تنفيذ القرارات بما يتماشى مع جدول أعمال الأمم المتحدة العام، بجانب الحاجة إلى تفويض أقوى لمسئولياته الأساسية.
وخلافا للاعتقاد السائد، سيستفيد الأعضاء الخمسة الدائمون فى مجلس الأمن إذا أضيفت مقاعد أخرى دائمة بحيث لا يمكن لأى عضو فى مجلس الأمن أن يكسب أى فائدة اقتصادية أو سياسية طويلة الأجل فى ظل عالم مليء بالفوضى. مثال على ذلك، الصين وروسيا اللتان نظرتا إلى نفسيهما على أنهما فوق القانون الدولى فى السنوات الأخيرة. فسلوك روسيا فى شبه جزيرة القرم وكذلك سلوك الصين تجاه هونج كونج عمل على تقويض سلطة مجلس الأمن فى إدانة انتهاكات القانون الدولى. لذلك يمكن إشراك أصوات دائمة جديدة قوية من أمريكا اللاتينية وآسيا فى مجلس الأمن، ولاشك أن ذلك سيؤدى إلى مزيد من التمثيل الفعال لمواجهة فكرة العالم ثنائى القطبية.
ختاما، لا يمكن للاقتراحات الواردة هنا أن تنجح إلا فى إطار أجندة إصلاح أكبر. ويجب أن يُفهم الإصلاح على أنه استثمار طويل الأجل فى أمن السياسة الدولية ويجب أن يُنظر إلى مجلس الأمن ضمن إطاره المؤسسى الأوسع. عندها فقط، سيظل مجلس الأمن معترفًا به على أنه لا غنى عنه وموثوق به باعتباره الحارس الشرعى للسلم والأمن الدوليين على مدى السنوات الـ 75 المقبلة.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى: هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved