محمد عبدالوهاب على

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: الإثنين 26 نوفمبر 2012 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة

اسم عرفه العالم، بينما ظل فى وطنه اسما لا يعرفه إلا الفريق الذى يعمل معه بحرفية عالية وعلم يتجدد فى زراعة الكبد ومرضاه ممن استبدل أكبادهم المعطوبة بأخرى سليمة وزرع فى أجسادهم أملا حقيقيا فى مواصلة الحياة. الأستاذ الدكتور محمد عبدالوهاب على جراح الجهاز الهضمى الذى تخصص فى زراعة الكبد واحترف العمل العلمى الجاد فحقق ورفاقه نتائج تماثل أكثر المراكز العلمية احتراما فى العالم.

 

بلا ضجة إعلامية تحيط به أو كاميرات تسجل مؤتمراته الصحفية ومواقفه السياسية أتم هذا الأسبوع إجراء عملية زرع الكبد التى تحمل رقم مائتين فى سجل عمليات مركز زراعة الكبد التابع لمستشفى المنصورة الجامعى. ذاك المستشفى الذى شهد بدايات محاولة الدكتور محمد غنيم التى انتهت إلى أحد المراكز العلمية العالمية المهمة التى يحج إليها أطباء من أكل أنحاء العالم الآن طلبا للعلم والمعرفة.

 

لا أنكر أن بقلبى هوى لتلك المدينة الفريدة بلد المولد والنشأة: المنصورة.. لكنه هوى يتعدى حدود المشاعر ليتأصل فى النفس معنى حقيقيا للعزة.

 

بدأت جراحات زراعة الكبد فى مركز الجهاز الهضمى بمستشفى المنصورة الجامعى عام 2004 حينما استقدم المركز أحد الجراحين الفرنسيين للبدء فى برنامج عمل لتأسيس مركز جراحات زرع الكبد لكن المركز بدأ بالفعل عمله الحقيقى اعتمادا على جهد خالص من الدكتور محمد عبدالوهاب وفريق متكامل من الجراحين والأطباء عام 2008 نظرا لغياب ثقافة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة لدينا، فكل العمليات التى فى بلادنا تتم بزراعة جزء من كبد متبرع للمريض الأمر الذى معه يجب أن تتم الجراحة فى وجود طاقمين من الجراحين والمساعدين فى آن واحد مما يضاعف الجهد والإمكانات. رغم ذلك نجح فريق الدكتور عبدالوهاب فى أن يجرى عملية أسبوعيا خلال السنوات الماضية إلى أن وصلوا إلى مائتى حالة وهو أكبر رقم حققه مستشفى جامعى تقف حدود إمكاناته عند حدود مستشفى جامعى يقدم خدماته للمريض المصرى مجانا.

 

هذا الأسبوع قرر مركز جراحات زراعة الكبد بمستشفى كلية الطب جامعة المنصورة مضاعفة عدد عمليات زراعة الكبد لتصل إلى عمليتين فى الأسبوع مجموعها قد يتجاوز الثمانين فى العام. المركز يجرى جراحاته بالمجان معتمدا على موارد محدودة تتيحها ميزانية المستشفى إلى جانب دعم المجتمع من تبرعات غالبا ما تأتى من أهل المنصورة الذين يرون عن قرب تلك التجربة الإنسانية الفريدة.

 

لعلك عزيزى القارئ قد أدركت الآن المعنى الحقيقى وراء حديثى اليوم. تغرق بلادنا الآن فوضى يتذرع بها كل المنافقين للهرب من مسئولياتهم ويدعى معها كل الأدعياء انشغالهم بإبداء الرأى كل على شاكلته. بين المضرب عن العمل وقاطع الطريق العام والمتظاهر بلا قضية ومدمن الظهور فى برامج الحوارات السقيمة وهواة التحريض وأصحاب المشروعات الخيرية الوهمية ومهندسو القضايا الهلامية وأصحاب الفتاوى الهابطة والمنشغلون بالرد عليهم. بيئة مهيأة تماما لانتعاش الفساد تنذر بخراب قادم. يظل الأمل فقط معلقا بتلك القلة من العقلاء العلماء الذين يعملون ويجتهدون لإعلاء قيم حقيقية ومن يدعمون جهودهم ويساندونهم من أصحاب الفطرة السليمة.

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved