الكلام مسجل يا شيخ حازم

محمد موسى
محمد موسى

آخر تحديث: الأربعاء 26 نوفمبر 2014 - 9:00 ص بتوقيت القاهرة

الملايين سيزحفون بعد صلاة الفجر، يرفعون المصاحف عبر طوفان بشرى، يقفون بوجه مدرعات ومجنزرات الأمن، متخذين من الشيخ حازم أبوإسماعيل ملهما للثورة الإسلامية.

صورة تخيلها أحد دعاة الحشد للثورة الإسلامية فى 28 نوفمبر، وهو مصطفى البدرى القيادى بالجبهة السلفية، الجهة الوحيدة التى تفخر برعايتها الرسمية لثورة الإسلام فى مصر بعد غد.

باقى الجهات «الإسلامية» اتخذت مواقف مختلفة. هيئات الدولة الرسمية كفّرت الدعوة وقالت إن قتل هؤلاء الخوارج مباح شرعا. الدعوة السلفية اعتبرت المبادرة «دعوة لقتل عشرة ملايين مسلم». فرد معتصم شندى، القيادى بالجبهة السلفية، متهما الدعوة السلفية بأنها اختارت تخوين ثورة يناير، وبررت دماء الشهداء وأعراض المسلمات والرأيان صواب.

الجبهة الداعية للحدث ترى أن «عدم الاستجابة لشعار الهوية الإسلامية ينقض الأساس الذى قامت عليه الدعوة السلفية، وعليه فقد بان عوارهم وتخليطهم على الشباب المسلم». وهذا أيضا منطقى ودقيق.

شعار الهوية الإسلامية هو أكبر خدعة فى دعوة 28 نوفمبر، وفى تاريخ مصر الحديث، بدليل خصمين يدعيان الانتماء لهذه الهوية، والحديث باسمها، ثم يتبادلان الاتهامات على هذا النحو الرخيص.

فى فيلم على يوتيوب تحدثت مجموعة من الشباب، ملتحين ومحجبات ومنتقبات، عن أسباب الدعوة للثورة الإسلامية. عبارات تثير غضب ورجولة المسلم، عبر أكاذيب ووقائع مزيفة: «لما مواد التربية الإسلامية تتلغى من المدارس، لما يبقى تعليم الرقص والشذوذ والزنا طبيعى فى وسائل الإعلام، وفى الكتب الدراسية، يبقى فيه حرب على دينى وإسلامى».

يضيف الفيديو: انتفاضة الشباب المسلم مش تكفير، مش دم، مش طائفية.

هل هى رحلة للقناطر؟. إنها الدعوة أساسها التكفير لكل من يعارض، بمن فيهم جيران البيت السلفى، وطائفية ضد كل هؤلاء الذين «يحاربون الإسلام» الغلبان، وكل التحقير لكلاب العلمانية والليبرالية.

سارة خالد، محجبة الفيديو، موهبة تمثيلية واعدة، بدليل انسحابها الدرامى من الدعوة للثورة، عبر حسابها على فيسبوك، لأن الإخوان ضحكوا عليها، «الفيديو كله هجص وكدب، وفى الآخر طلع بدعم من التحالف السبوبة، والسلفيين اللى معرفش بيعبروا عن ايه بالضبط فى البلد».

كل الجماعات التى تتحدث باسم الإسلام، ولا أستثنى أحدا هذه المرة، يختلفون فى الرؤى، يتبادلون الاتهامات بالخروج على الإسلام أو الولاء لأمن الدولة، لكنهم يتفقون فى الأسلوب: بيع الإسلام بالقطعة فى معارض السبوبة والسياسة والنفوذ والانتخابات وكل شيء، والإسلام أعز وأبعد وأشد منعة مما يريدون.

أظهرت الدعوة الانقسام المهول فى صفوف بائعى الإسلام. حتى إن المشاركين أنفسهم لم يقدموا تعريفا للهوية الإسلامية، التى تنعم بها مصر منذ 14 قرنا، لكنهم يتجاهلون ذلك، ليضعوا بلدنا فى جحيم خلافات الشريعة ودرء المفاسد وجلب المصالح، والفتاوى المهينة الصادرة عن هواة الدعوة.

هناك مقطع للشيخ محمد عبد المقصود، يلخص تفكير «اللوردات» وهم يرسلون الشاب المتحمس إلى المحرقة، ليستفيدوا منه حيا وميتا. عبد المقصود يحكى أن الشيخ حازم كان يتحدث عن تصعيد ميدانى، فقال البرهامى: والدماء؟ والقتل؟. فرد حازم: الناس حتموت حتموت، منذ متى ونحن نعبأ بالدماء؟

الكلام ده يا سيدى مسجل، كما قالها عبد المقصود.

حلم الشيخ البدرى عن طوفان الفجر شطط لن يحدث على أرض مصر، ولا يساويه فى الشطط سوى صراخ الإعلام الذى يحرض على ثورة 28 نوفمبر، وكأنها القيامة، ويطالب بالمزيد من عضلات الدولة البوليسية التى تفرمنا برعاية المتاجرين بالهوية الإسلامية، وهذا الإعلام الفاسد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved