«فؤادة» السينما والغناء

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأحد 26 نوفمبر 2017 - 9:45 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا للكاتبة «مارلين سلوم» جاء فيه: البعض يسميها «معبودة الجماهير»، وهى كذلك. والبعض يحب أن يسميها «فؤادة»، وفى هذا الاسم إنصاف أكبر لها. شادية، فنانة ليست عادية، تبدو سهلة، رقيقة، لا تحب الصخب، ولفت الأنظار. ابتعدت بهدوء عن الفن تاركة كل المجد والشهرة خلفها، طاوية صفحة من عمرها، لكن حب الجمهور لم ينطوِ، ولم يتراجع، أو ينطفئ.

ملامحها الرقيقة، صوتها الحنون المغلف بدلال طفولى، ابتسامتها، أشياء كثيرة توحى بأن قدراتها الفنية «رقيقة» أيضا، لا تصلح إلا للأفلام الكوميدية، والغنائية، والرومانسية الجميلة، والناعمة. بينما هى فى الحقيقة امرأة قوية الشخصية والإرادة، صاحبة موهبة فى التمثيل أقوى من موهبتها فى الغناء.

كانت تعرف قدراتها جيدا، وتعرف ما تريد، بدليل أنها رفضت أن تغنى فى عدد من الأفلام، لتثبت للجميع أنها «ممثلة» تملك الكثير، وقادرة على المنافسة فى أفلام تراجيدية، وأداء شخصيات مركبة صعبة. وقد فازت فى رهانها هذا، حيث انتقلت من مرحلة فنية إلى أخرى، ولم تعد تلك الفتاة، والمرأة الجميلة الظريفة، بل أصبحت «فؤادة» التى ترفض الزواج من عتريس فى «شىء من الخوف»، أحد أهم وأجمل الأفلام المصرية، إخراج حسين كمال، وتأليف ثروت أباظة، وحوار عبدالرحمن الأبنودى.

شادية، التى ندعو لها بالشفاء، جسدت عنفوان المرأة، مثلت أدوار الإغراء، وفتاة الليل كما يجب أن يكون الأداء، بلا ابتذال، أو سقوط فى فخ المبالغة. راقية فى كل شىء، أمسكت بمفاتيح الشخصيات كلها فى أكثر من 120 فيلما، ولم تدع يوما أنها «نجمة»، أو تصِبها سهام الغرور. وعلى الرغم من إحساسها العالى بالغناء، وتميز صوتها، وعشق الناس لأغانيها، فإنها دعت الجمهور للتمعن فى الرسالة التى تقدمها بكل إخلاص، وحب، وإتقان، تمثيلا فقط، فأحبها الجمهور أكثر فأكثر، ونسى أنها وقفت أمامه فى فيلم طويل من دون أن تغنى ولو أغنية واحدة. حتى اليوم، حين تشاهد أيا من هذه الأفلام، مثل «شىء من الخوف» أو «ميرامار»، و«مراتى مدير عام»، وبعده «كرامة زوجتى» اللذين ناقشت فيهما، ولو بشىء من الطرافة والكوميديا، قضيتى الخيانة، وحق المرأة فى تحقيق ذاتها، وتولى منصب أعلى من منصب زوجها، ومدى تقبله، وتقبل المجتمع للأمر.. فى مثل هذه الأعمال تشعر بأن صوت شادية المطربة حاضر فى ذهنك، بينما هو فى الواقع غائب.

«السهل الممتنع» ينطبق على أسلوب وأداء هذه النجمة الرقيقة. لا تشبه أحدا، ولم تقلد أحدا. هى أيضا أحد رموز الفن العربى العريق، لها لونها الخاص، تقف بجانب العمالقة الكبار الذين أثروا الفن بموهبتهم وبذكائهم، فتحملوا مسئولية تقديم الأفضل للجمهور، وعدم استغلاله والاستخفاف به، بل كانت تمعن، وتدقق قبل الموافقة على أى عمل، كما شاركت فى إنتاج بعض الأفلام أيضا. هى «فؤادة» التى أحبها الفلاحون، وأهل المدينة، والمثقفون.. المرأة التى دافعت عن حقوقها، ووقفت فى وجه الطاغية، يوم كان الفنان يتحمل مسئولية المساهمة فى بناء مجتمعه، وتوعية وتثقيف شعبه، أو جمهوره.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved