لغز ملايين مبارك

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الإثنين 26 نوفمبر 2018 - 9:15 م بتوقيت القاهرة

عادت قضية أموال مبارك وأسرته المهربة فى بنوك سويسرا إلى دائرة الضوء مرة أخرى، بعد القرار الذى أصدرته محكمة العدل الأوروبية باستمرار تجميد هذه الأموال لمدة عام جديد، دون أن نعرف بالضبط لماذا تقاعست كل الحكومات التى تعاقبت على مصر عن حسم هذا الملف واسترداد هذه الأموال التى تبلغ نحو 529 يورو؟ ودون أن نعرف كيف جمعت أسرة مبارك كل هذه الثروة؟ ولماذا وضعوها فى بنوك سويسرا وليس فى بنوك مصر إذا كانت فعلا فلوس حلال؟ وهل يوجد لمبارك وأسرته ملايين أو مليارات غيرها فى بنوك دول أخرى؟ أو هل يمتلكون عقارات فخمة فى عواصم غربية كما راجت الشائعات بعد ثورة 25 يناير، دون أن يعرف أحد حتى الآن مدى صدقها أو كذبها؟
ما يثير الريبة فى أن أسرة الرئيس الأسبق قد تمتلك ثروات أخرى مجهولة هو أن علاء مبارك غرد منذ عدة أسابيع على «تويتر» نافيا أن يكون لأسرة والده مليم واحد فى الخارج، فى نفس الوقت الذى أكدت فيه وكالات الأنباء العالمية ان سوزان مبارك هى التى رفعت قضية امام القضاء الأوروبى لإلغاء تجميد أموال أسرتها، فهل كان علاء يكذب أم أن والدته لم تخبره شيئا عن هذه الملايين؟!
لم يعد هناك شك إذن فى أن أسرة مبارك وعددا من رموز نظامه يمتلكون هذه الملايين، ولم يعد هناك ما يمنع نظريا امتلاكهم مليارات أو على الأقل ملايين أخرى، ومع ذلك ورغم مرور 8 سنوات على سقوط مبارك لم نعرف بالضبط ليس فقط كيف هربت أسرته كل هذه المليارات، ولكننا لا نعرف أيضا كيف جمعهوها من الأساس؟ وما هى تفاصيل شبكة المصالح ــ أو بالأحرى الفساد ــ التى مكنتهم من جمع هذه الثروات؟ وما هى الثغرات القانونية التى استغلوها فى تكوينها وتهريبها؟ بل نحن لا نعرف حتى الأسباب الحقيقية التى منعتنا من استرداد هذه الأموال المنهوبة؟ هل لا توجد إرادة سياسية جادة؟ أم نقص فى كفاءة القائمين على أمر استردادها؟ أم أن شبكة الفساد لا تزال تمارس عملها كما كانت عليه الحال أيام مبارك؟
المعروف أن رحلة استرداد هذه الأموال بدأت بتعاون مكتب النائب العام وجهاز الكسب غير المشروع والجهاز المركزى للمحاسبات بالتحقيق فى وقائع الفساد والتربح واستغلال المال العام المنسوبة لمبارك وأسرته ورموز نظامه، انتهى بعضها بالتصالح، لكن أموال سويسرا ظلت لغزا محيرا، فهى لم تنتهِ بالتصالح كغيرها من القضايا، فى نفس الوقت الذى عجزنا فيه عن ادانة مبارك ورموزه فى هذه القضية دون أن نعرف السبب الحقيقى وراء ذلك!
كل ما تنتظره سويسرا حتى تعيد هذه الأموال إلينا هو إصدار حكم قضائى ضد مبارك ورموزه يصدر بعدالة وشفافية، فى نفس الوقت الذى عجزت فيه جهات التحقيق المختلفة ، عن إثبات فساد مبارك فى هذه القضية، رغم تشكيل العديد من اللجان التى سافرت للخارج وكلفت الخزينة العامة الملايين، دون أن تسترد مليما واحدا من هذه الأموال، وهو أمر فى حد ذاته يتطلب التحقيق فى هدر هذا المبلغ الكبير!
أموال مبارك المهربة فى سويسرا أصبحت تمثل اختبارا حقيقيا لكل أجهزة الدولة لبيان جديتها فى محاربة الفساد والفاسدين، ليس فقط من أجل استرداد ما سلبوه من ثروات هى أصلا ملك للشعب، ولكن لسد أى ثغرات قانونية أو سياسية تسمح للفاسدين باستمرار فسادهم والتستر عليهم.. أو حتى للتصالح معهم!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved