هذا هو الاختيار.. والقضية

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الخميس 27 يناير 2011 - 10:20 ص بتوقيت القاهرة

 ●● طاقات إيجابية، وخطوات أكثر إيجابية، نخرج بها مما حدث فى الخامس والعشرين من يناير. أقول ذلك لافتا النظر إلى عدم مزايدة أحد على حبى لبلدى.. فأنا لست معارضا، ولا حزبيا، ولا حاقدا ولا كارها، ولا رافضا، ولا يائسا. ولم يكن ذلك كله أبدا، من شروط خروج هؤلاء الشباب والرجال وأسرهم وأطفالهم إلى ميدان التحرير. يوم الخامس والعشرين.. وقد تذكرت فى هذا اليوم، وأنا أتابع ما يجرى، فى بلدى، حوارا مع إعلامية لامعة، حول أيهما أهم عند المصريين: بطاقة التموين أم بطاقة الانتخاب.. طعام البطن أم غذاء العقل؟

كان رأيها: الزيت والسكر والشاى أهم عند المصرى، وكان رأيى لا، فهذا ظن خاطئ، كانت ترى أن إطعام هؤلاء الناس يمكن أن يكون بديلا لطعم العدل والمساواة والحرية.. علما بأن مصر فيها من حرية التعبير ما يفوق جميع الدول العربية ما عدا لبنان والكويت.

●● المصريون وطنيون محبون لبلدهم. وكل من خرج إلى الشارع ليس خائنا ولا كارها ولا فوضويا ولا مخربا، وفى يوم من الأيام كنت ضمن طلبة جامعة القاهرة الذين احتشدوا فى مظاهرات عام 1971 نطالب الرئيس أنور السادات بخوض الحرب، وكان تراب الوطن يجرى فى عروقنا. وبعد أعوام قليلة خرجنا أيضا نهتف للرئيس السادات وأبطال القوات المسلحة بعد انتصار حرب أكتوبر 1973.. كنا نفس الشباب وكنا نفس الوطنيين.

●● أريد أن أوضح تلك الرسالة، الشباب الذى خرج فى مظاهرات يوم الخامس والعشرين هو شباب يحب بلده، ليس كارها، ولا حزبيا، فلم يرفع شعارا واحدا معبرا عن أيديولوجية أو فكرة سياسية.. وإنما كان يرفع علم مصر.. وهو نفس الشباب الذى يرفع علم بلاده فى لحظة الانتصار فى مباراة لكرة القدم، وفى لحظة انكسار تهدد بلده ووحدته الوطنية.

●● هذا الشباب خرج يطالب بمظاهرات سلمية ورافضا التخريب، بما يدور فى مواقع كثيرة، وفى صالونات ومكاتب وأروقة مصرية وفى حدائق أندية، وفى أزقة العشوائيات.. يطالب بالتغيير إلى الأفضل وبالعدالة الاجتماعية، وبحرية التأثير، فلم تعد تكفى حرية التعبير.. خرج الشباب يطالب بنزاهة كل انتخابات.. ألم نفكر وندرس أبدا لماذا يحجم الناس عن المشاركة فى الانتخابات السياسية، بينما نفس الناس يقبلون على انتخابات الأندية.. ألم نفكر يوما لماذا يحدث ذلك؟ ألم نفكر كيف يهتم الناس بمجلس ناديهم، ولا يهتمون بمجلسهم التشريعى؟!

●● إن القضية الخطيرة التى يجب أن تشغلنا، وكان يجب أن تشغلنا منذ عقود، هى كيف نحرك الانتماء المدفون فى قلوب المصريين، كيف نتحول من حالات الانتماء الانفعالية إلى حالة الانتماء الدائم.. كيف يرى الناس مصر وطنا خاصا بهم جميعا كما يرون ناديهم وطنا يمارسون فيه بإرادتهم الحرة كل اختياراتهم، وهم محصنون بمصريتهم..؟

●● تلك هى القضية الحقيقية.. وهذا هو الاختيار الذى سيجعل مصر تعمل بجد وتعرق وتنتج وتبنى مستقبلها.. وأسأل الله أن يحمى مصر ويحمى ناسها من كل الشرور.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved