وجّه كلمة إلى «25 يناير»

خالد سيد أحمد
خالد سيد أحمد

آخر تحديث: الجمعة 27 يناير 2017 - 10:05 م بتوقيت القاهرة

إذا طلب منك أن توجه كلمة إلى "25 يناير".. فماذا ستقول؟ هل تقول إنها ثورة الشعب التى شارك فيها الملايين من المواطنين من أجل تحقيق الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وإقامة دولة العدل والقانون؟ ام تقول إنها مؤامرة على الدولة المصرية قام بها شمامو الكلة ونشطاء السبوبة والنكسجية والعملاء والخونة والكارهون لمؤسسات الدولة الوطنية والساعون لهدمها؟.

هذا الجدل والإنقسام فى الآراء، يطل برأسه سنويا عندما يأتى شهر يناير، والسبب فى ذلك واضح جدا، وهو ان من قاموا بالثورة وشاركوا فيها على مدى 18 يوما، لازالوا متمسكين بها وبكل ما نادت به وسعت اليه من تغيير فى بنية وقواعد المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، رغم ان الجميع يعلم علم اليقين، ان الثورة ترقد الأن فى سلام، ولا توجد اية مؤشرات على استيقاظها قريبا، لان قواها الحية تعرضت لضربات موجعة خلال السنوات الأخيرة، جعلتها تلوذ بالصمت والعزلة الاختيارية أوالاجبارية فى بعض الأحيان.

فى المقابل، نجد من قامت عليهم الثورة، ويتصدرون المشهد الإعلامى الأن، يصرون على تشويهها بكل الطرق والوسائل من أجل تعميق كراهية الناس لها، وتحميلها وزر الأزمة الاقتصادية الحادة التى تشهدها البلاد حاليا، رغم ان الثورة لم تحكم يوما واحدا، حتى نحاسبها على ما نحن فيه من وضع كارثى.

ليس هذا فقط، بل ان بعض هذه الأصوات، خصوصا التى استفادت من عصر الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى تكوين ثروات طائلة، تنظر إلى "25 يناير"، على اعتبار انها "ثورة الحيارى"، وانه " آن الأوان لنتخلص من الحيرة، ونطوى هذه الصفحة للأبد بأسرع وقت"، ولا تخجل هذه الأصوات من المطالبة بوقف محاكمة مبارك فى اى قضية أخرى.

ما نستغربه حقا، هو ان هذه الأصوات المحسوبة على الدولة، تخالف موقفها الرسمى المعلن، فالرئيس عبد الفتاح السيسى، يرى ان" ثورة يناير ستظل نقطة تحول في تاريخ مصر" كما قال فى خطابه الأخير، اما وزير الدفاع الفريق أول صدقى صبحى، فقال عنها إنها" ثورة الشعب التي حمتها القوات المسلحة وساندت مطالبها المشروعة في الحياة الحرة الكريمة"، بينما يرى الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب انها " الثورة التى قام بها شعب مصر العظيم، يتقدمه شباب أطهار من أجل مطالب مشروعة فى الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والتى ساندها جيش الشعب العظيم، وحماها من استلاب هويتها وتفتيت وحدة نسيجها، بوقفته البطولية".

تفسير هذا الأمر- فى اعتقادى- يرجع إلى ان هناك مساعى حثيثة يقوم بها من كشفتهم الثورة وفضحت جرائهم فى حق هذا الشعب على مدى العقود الماضية، وجعلتهم يتوارون خجلا وخوفا من العقاب، من أجل اجهاض وقتل "25 يناير" كفكرة حالمة للتغيير السلمى، لكن تلك المحاولات لن يكتب لها النجاح، لان الأفكار لا يمكن أبدا ان تموت.. ربما تتراجع إلى الخلف بعض الوقت، لكنها ما تلبث ان تعود مجددا وبقوة أكثر من السابق.

ستظل "25 يناير" ثورة حقيقية قام بها الشعب المصرى بكل طوائفه وفئاته، ولن تفلح محاولات "عبيد الإستبداد" فى تشويهها بتسريباتهم واتهاماتهم الباطلة لرموزها والمشاركين فيها، وستظل كابوسا يؤرق الفاسدين والجلادين والكارهين لوجود دولة ديمقراطية حديثة تعلى من قيم المساواة والعدل والقانون واحترام حقوق الإنسان.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved