ساندرز وترامب حول استخدام القوة العسكرية

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الإثنين 27 يناير 2020 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Defence One مقالا للكاتب KEVIN BARON تناول فيه وجهة نظر بيرنى ساندرز للتركيز على الشأن الداخلى الأمريكى والمصالح الخارجية الأساسية مع التعاون مع الحلفاء لمواجهة المخاطر والمخاوف المشتركة منتقدا سياسة ترامب العسكرية. جاء فيه ما يلى:
الكثير من المرشحين الديمقراطيين يكررون تعهدات ترامب بسحب القوات الأمريكية من النزاعات فى الخارج. القليلون يقولون كيف يمكن تنفيذ ذلك ولا أحد يقول كيف سيجعل ذلك أمريكا أكثر أمنًا.
وقالت النشرة الصحفية إن لدى بيرنى ساندرز «رؤية لإنهاء حروب أمريكا التى لا تنتهى» حيث نشر مقالا فى جريدة الشئون الخارجية يشرح موقفه.
كنت أرفض فى مقاله الفقرة الافتتاحية. لدينا قاعدة عامة واحدة نطلب من كتّاب الرأى أن يطبقوها وهى «عليك أن تأتى بحل للمشكلة التى تراها». حيث يقدم السيناتور من فيرمونت (بيرنى ساندرز) وصفًا قاطعًا للوضع الراهن اليوم. لكن حتى الآن، مثله مثل زملائه المرشحين للرئاسة، يفتقر إلى الحلول العملية.
وهناك خطأ صارخ فى الفقرة الأولى من مقالة ساندرز فى جريدة الشئون الخارجية، حيث كتب «أمر الرئيس دونالد ترامب الآلاف من القوات الأمريكية بمواجهة إيران فى الشرق الأوسط وعملائها» لكن الرئيس لم يفعل ذلك، بل على العكس كلف الرئيس أقل من ألفى مقاتل أمريكى بمواجهة إيران أغلبهم فى منطقة الشرق الأوسط بالفعل ويصعب عليهم المواجهة بشكل مباشر. وأضاف ساندرز فى مقالته «الولايات المتحدة الأمريكية فى حالة حرب فى جميع أنحاء العالم وفكرة مواجهة إيران سيئة للغاية، لقد طفح الكيل».
***
وضّح ساندرز فى مقالته خيبة الأمل والإحباط اللذين خلفتهما جهود الملايين من الأمريكيين بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر لإنهاء الإرهاب العالمى. وركز: «نحن بحاجة إلى سياسة خارجية تركز على المصالح الأمريكية الأساسية، وتوضح التزامنا بالقيم الديمقراطية فى الداخل والخارج، وتعطى أولوية للدبلوماسية والعمل الجماعى مع الحلفاء لمعالجة المخاوف الأمنية المشتركة».
ولا أدرى ماذا يقصد ساندرز من كلماته، أعتقد أنه يريد أمريكا أن تكون أكثر صرامة وأن تركز على الدبلوماسية بدلا من استخدام القوة العسكرية كحل للأزمات. يقول ساندرز «إن الانسحاب من أفغانستان شىء ضرورى لابد من القيام به» ولكن سبب الانسحاب ــ من وجهة نظره ــ أن القوات الأمريكية ظلت هناك لفترة طويلة جدا، ليس لأن المهمة أُنجزت، ليس لأن السلام قد تحقق، وربما الأهم من ذلك، ليس لأن الولايات المتحدة ستكون أكثر أمانًا بهذا الانسحاب. أليس من المفترض أن هذا هو السبب الأول لأى قرار بنشر أو إعادة نشر القوات المسلحة الأمريكية: هل سيجعلنا أكثر أمانًا؟ أليس هذا هو المنصب الأعلى للقائد الأعلى: ضمان سلامة الأمة؟ قد يعتقد ساندرز ذلك، لكنه لا يقول لماذا أو كيف.
يقدم ساندرز حلا واحدًا: «إعادة الاستثمار» فى الدبلوماسية والمساعدات التنموية، تلك الأدوات الأساسية غير الدفاعية المُهملة. لكن من المحبط أن تسمع ساندرز فى الجملة التالية يلوم ترامب على هذا الخلل.
عندما أسمع دعوات لزيادة تمويل وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أُذكّر الناس بأن يظلوا متشككين للغاية. فعلى الرغم من أن الديمقراطيين يزيدون هذا التمويل بعد أن خفّضه الجمهوريون، إلا أن ذلك لم يحدث فى عهد الرئيس باراك أوباما. وفى وقت من الأوقات، كان وزير الدفاع روبرت جيتس، وهو جمهورى، يتوسل للحصول على مزيد من المال لتمويل القوة الناعمة للوكالات الأخرى التى تساعد فى تحقيق الأهداف غير العسكرية لبعثة مكافحة الشغب والعصيان. كان حتى يقترح استغلال الاحتياطيات فى الأغراض المدنية كحفر الآبار وزرع المحاصيل وبناء المدارس. وكان جيتس يتعامل مع الديمقراطيين فى البيت الأبيض ومجلس النواب ومجلس الشيوخ وهيلارى كلينتون فى الولاية.
***
على الرغم من أن ساندرز وزملاءه الديمقراطيين يركزون على تمويل القوة الناعمة الأمريكية، إلا أن الأمريكيين ــ وفى ظل المناخ السياسى اليوم ــ لا يحبذون زيادة التمويل الموجه إلى خارج البلاد، بالرغم من أنه يصب فى مصلحتهم فى النهاية. وفى هذه المرحلة المبكرة من الحملة الرئاسية لعام 2020، يركز معظم المرشحين بشكل مباشر على القضايا المحلية، بعيدا عن بعض الأحداث البارزة خارج أمريكا مثل مواجهة إيران.. وهذا ما يأمله بالضبط المنتخبون من مرشحيهم.
كتب ساندرز: «كإطار تنظيمى، إن الحرب العالمية على الإرهاب كارثة لبلادنا». ولهذا اتفق الكثير من الأمنيين مع ساندرز على اتخاذ نهجا جديدا للأمن العالمى. وأضاف: «إن توجيه استراتيجية الأمن القومى للولايات المتحدة نحو الإرهاب سمح لعدة آلاف من المتطرفين العنيفين بإملاء أوامرهم على السياسة الخارجية لأقوى دولة على وجه الأرض. لقد أعطينا الإرهابيين ما يريدونه بالضبط بردنا عليهم».
يقول إن التركيز الذى دام 18 عامًا على «الإرهابيين المسلمين» (الذى أيدته الإدارات المتعاقبة لكلا الحزبين) ساعد على خلق وزيادة الخوف المرعب من الأجانب الذين يتزايدون فى أمريكا اليوم. بعبارة أخرى، هو يعنى ضِمنًا أننا جميعا ملامون على المرحلة التى وصل إليها أمننا القومى، إنها دعوة إلى الوعى والتغيير الجماعى.
يقول ساندرز إن هناك أملا، حيث صوّت الكونجرس العام الماضى لإنهاء مشاركة الولايات المتحدة فى الصراع فى اليمن. لكن يبدو أن الكونغرس أكثر تحمسا لاستعادة سلطته على الإجراءات التنفيذية المتعلقة بالحرب. والمرشحون الآخرون ــ بيت بوتيج، وتولسى جابارد، وسيث مولتون، ووارن ــ يثيرون أيضًا مسألة القوة الحربية باعتبارها «صرخة حشد». إنهم يريدون سيطرة أكبر على «حروب أمريكا الأبدية»، حتى لو كانوا لا يعرفون كيفية تحقيق ذلك، والذى سيتطلب فحصًا عميقا ومحادثات وخيارات وحلولًا أكثر مما تقدمه الخطابات والتصريحات المتعلقة بالشئون الخارجية.
***
ما لم نشهده بعد، هو ما إذا كان شاغل البيت الأبيض والكونجرس، والناخبين الأمريكيين يريدون فى عام 2020 للولايات المتحدة الانسحاب من بعض النزاعات أو جميعها. وسيتطلب ذلك من ساندرز وبعض المرشحين الآخرين تقديم تفاصيل واتخاذ قرارات صعبة. ثم إنهم إذا كانوا يريدون منع طهران من إغراق دولة أخرى فى الشرق الأوسط بأموال وصواريخ وعقول معادية للولايات المتحدة، فأين سيكون القتال؟ ولماذا يصمتون بشأن الصومال حيث توجد قوات أمريكية تحارب مسلحين لا نهاية لهم، ما رأيهم فى القوات الأمريكية وقوات المخابرات والقوات العسكرية الخاصة المنتشرة بالآلاف فى أماكن مثل ليبيا؟ أو النيجر؟ وماذا عن سوريا؟ هل سيستمرون فى سحب قوات ترامب من هناك، أم أن هناك رغبة فى قلب تلك السفينة وإعادة استثمار الحرب هناك بأموال وقيادة عسكرية وغير عسكرية لدعم القوات الديمقراطية السورية والحركة الديمقراطية التى ترعاها النساء الكرديات؟، وهل سيواجهون فلاديمير بوتين وبشار الأسد ويقومون بدور دولى حقيقى وفعال لحل أزمة سوريا؟، وماذا عن أفغانستان؟ فالانسحاب بالكامل لن ينهِ تلك الحرب أو الإرهاب فى ذلك البلد، لكنه سيعطى المجموعات الإرهابية والتى يبلغ عددها نحو 20 مجموعة هناك حكمًا أكثر حرية.
الإجابة على هذه الأسئلة ليست بالأمر الهين، ولن تستطيع الولايات المتحدة المحاربة فى كل هذه الصراعات الخارجية، وهناك خيارات يتعين اتخاذها فى الوقت الذى تلوح فيه كل من روسيا والصين فى كل خطاب لهما حول الإطار الذى أعدته إدارة ترامب «منافسة القوى العظمى».
***
كان بوب جيتس آخر وزير دفاع أمريكى يحذر من أنه لا يمكن مطالبة الحكومة الأمريكية وجيشها بالاستعداد والاستجابة لكل تهديد. فلابد من ترتيب الخيارات، كان يميل إلى اختيار التهديدات التى تحدق بواشنطن مباشرة. وإذا كان ساندرز هو القائد الأعلى، فسيكون أمامه خيارات أيضا لاتخاذها. نرحب دائمًا بإعادة صياغة السياسة الأمنية الأمريكية لتصبح أكثر فعالية. فلقد سئم الكثير من الأمريكيين وقادة السياسة الخارجية من التوجهات العسكرية خلال الـ 18 عامًا الماضية. يجادل البعض بأن الإرهاب كان عدو الولايات المتحدة، وأن حقيقة أن الولايات المتحدة لم تتعرض لهجوم إرهابى من قِبَل جماعات إرهابية قد أعطت الأمريكيين شعورا زائفًا بالأمن ــ خاصة بين جيل ما بعد أحداث 11 سبتمبر. ربما كذلك، وربما لا. لكن ما هو واضح هو أن عند الحديث عن الحرب، فإن السياق فى كثير من الأحيان يتجه إلى العدول أكثر منه إلى الميل والمواجهة قد لا يريد ساندرز وخصومه أن يقولوا كيف، حتى الآن، ولكن إذا تمكن أى منهم من الفوز فلربما نرى نهجا جديدا.
كما كتب ساندرز: «علينا أن ننظر إلى تهديد الإرهاب نظرة واقعية، بدلا من السماح له السيطرة على نظرتنا إلى العالم. لقد حان الوقت لتصور شكل جديد من أشكال المشاركة الأمريكية: نموذج لا تقود فيه الولايات المتحدة فى صنع الحروب بل فى جمع الناس لإيجاد حلول مشتركة لاهتماماتنا المشتركة. يجب ألا تقاس القوة الأمريكية بقدرتنا على تفجير الأوضاع، بل بقدرتنا على بناء إنسانيتنا المشتركة، وتسخير تكنولوجيتنا وثروتنا الهائلة لخلق حياة أفضل لجميع الناس».
بالطبع لا أحد يختلف مع ذلك. لكن قبل استخدام المرشح التالى «الحروب الأبدية» كلدغة قوية لتبرير اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية، إليك اقتباس آخر للتفكير فيه: «إن استخدام القوة العسكرية ليس خيارًا سهلا ونظيفًا فى السياسة الخارجية». قاله تشاك هيجل، وزير الدفاع فى إدارة أوباما، وكان بالمناسبة جمهوريا.


إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد


اللينك الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved