صفقة ترامب الإسرائيلية

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 27 يناير 2020 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

«الجواب باين من عنوانه» هكذا يقول المثل، و«العنوان» هو الانحياز الأمريكى السافر لإسرائيل ومصالحها، فهل يتوقع من خطة «اللاسلام»، أو ما يعرف بصفقة القرن، التى ينتظر أن يكشف عنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن تعطى الفلسطينيين ولو «قليل من الحق»، فى ظل مزايدة ترامب على اليمين الإسرائيلى، ورئيس الوزراء الإسرائيلى ذاته فى تقديم الدعم والمساندة لكل ما يثبت جدران الكيان الصهيونى على حساب الفلسطينيين؟!
ترامب الذى لم يخفى انحيازه لإسرائيل طوال حملته الانتخابية، ومسارعته عقب توليه رئاسة الولايات المتحدة إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وها هو يراهن على أصوات اليمين ومناصرى تل ابيب فى أوساط قطاع مؤثر فى الشارع الأمريكى مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التى تأتى عقب أربع سنوات من الحكم، تخللتها فضائح دفعت بمنافسيه الديمقراطيين للبدء فى اجراءات عزله.
اليوم ينتظر أن يكشف الرئيس الأمريكى عن «صفقة القرن» التى لوح بها فى أكثر من مرة، ويزعم أنها ستأتى بما «لم يأت به الأولون» لتسوية القضية الفلسطينية وتحقيق «السلام» مع الإسرائيليين، وهى الصفقة التى بادرت السلطة والفصائل الفلسطينية كافة برفضها من قبل أن تعلن تطبيقا للمثل الذى بدأنا به: «الجواب باين من عنوانه»، فلا ينتظر من ترامب أو غيره فى الإدارة الأمريكية أن يقدم سوى ما يخدم مصالح إسرائيل.
ولعل فى وصف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ومنافسه بينى جانتس زعيم تحالف «أزرق أبيض»، للصفقة الأمريكية بـ«التاريخية»، بعد أن قبلا دعوة من ترامب لزيارة واشنطن للإطلاع على التفاصيل إجابة على سؤال: لماذا يتشكك الفلسطينيون؟ ويرتاب العرب فيما يجرى طبخه بنيران أمريكية ذات لهب.
التسريبات الإسرائيلية التى خرجت عن تلك الصفقة التى اسماها الفلسطينيون «صفعة القرن»، ووصفها صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بأنها «احتيال القرن»، لا تبشر بخير. فحسب القناة 12 بالتلفزيون الإسرائيلى تتضمن تلك الصفقة «عدم وجود سيطرة للسلطة الفلسطينية على الحدود، مع سيطرة إسرائيلية كاملة على القدس، بدعوى أنها ستكون عاصمة إسرائيل، وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية، بما فيها المنطقة «ج»، والموافقة على جميع المتطلبات الأمنية الإسرائيلية».
ووفق القناة الإسرائيلية نفسها تفرض «الصفقة» الأمريكية 4 شروط على الفلسطينيين من أجل إقامة دولتهم، وهى: «الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، نزع السلاح فى قطاع غزة، نزع سلاح حركة حماس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل».
هذا الانحياز الواضح إلى الجانب الإسرائيلى، يأتى اتساقا مع قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وقطع التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وتأييد ضم المزيد من المستوطنات، والعمل ضد أى بادرة يمكن لها خدمة الفلسطينيين ولو ظاهريا.
لكن السؤال ماذا فى وسع الفلسطينيين «المغلوبين» على أمرهم والعرب «الصامتين»، والمجتمع الدولى «غير المبالى» أن يقدموا فى مواجهة الخطة الأمريكية؟ طبعا فى ظل ميزان القوى المختل، ربما يجيب البعض بأنه ليس فى أيديهم شىء! غير أنه على الرغم من هذا الوضع الصعب، لدى الجميع الكثير من الأشياء إذا توفرت الإرادة، وصدقت النوايا.
الفلسطينيون لهم الحق فى رفض الطبخة المسمومة المعروضة عليهم بكل الوسائل المشروعة عرفا وقانونا باعتبارهم يقعون تحت أبغض أنواع الاحتلال الذى شهدته البشرية، وعليهم طرق كل الأبواب التى تحول دون وقوعهم تحت نكبة جديدة تفاقم معاناتهم، وتزيد فاتورة تضحياتهم، ومواجهتهم لعمليات القتل والتشريد اليومية التى تمارسها سلطة الاحتلال الصهيونية.
أما العرب فمطالبون بالالتفات إلى الكارثة التى ستقع، وألا يعطوا لما يجرى على أرض فلسطين أذنا من طين وأخرى من عجين، وأن يضغطوا على ما تبقى من ضمير لدى شرفاء المجتمع الدولى للتحرك قبل فوات الأوان واشتعال نيران ربما تتحول إلى جحيم يستعر فى منطقة ابتلاها الغرب بجرثومة اسمها إسرائيل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved