تجار اللحوم الحمراء!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 27 مارس 2010 - 9:24 ص بتوقيت القاهرة

 هل يسهم الإعلام فى تضليل وخداع المواطنين؟! الإجابة هى بالطبع نعم. لكن هذا يحدث بقصد من قبل وسائل إعلام لدى أصحابها أجندة خاصة، أما التضليل غير المتعمد فيتم عندما لا تقوم هذه الوسائل بدورها المهنى على أكمل وجه.

وحتى لا نتكلم فى المطلق وفى الفراغ سنتحدث عن نموذج عملى لقصة نشعر بها جميعا، وهى أزمة اللحوم خصوصا قصة صفقة اللحوم الهندية التى قيل إنها مصابة بالساركوسيست.

بعض الصحف نشرت أن هيئة الخدمات البيطرية سمحت بالإفراج عن 26 رسالة لحوم هندية مصابة بدودة «الساركوسيست» التى تصيب الإنسان والحيوان، وإن هذه الكميات أصبحت الآن داخل بطون المصريين.

أما الرواية النقيضة فجاءت على لسان وزير الزراعة شخصيا أمين أباظة الذى نفى أن تكون استقالة حامد سماحة الرئيس السابق للخدمات البيطرية سببها دوره فى الإفراج عن هذه الشحنات، التى وصفها بالسليمة، وأن هذه «الدودة الهندية» تموت بالتجميد أو الطهى، ولا خطر منها على الإنسان كما جاء على لسان مسئولين كثيرين بوزارة الزراعة والصحة.

محمد الجارحى رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية نفى إصابة اللحوم الهندية أساسا بالساركوسيست، لكن فكرى القربى الرئيس السابق لقطاع الإنتاج الحيوانى فجر القنبلة الأكبر وهى أن الحملة الحالية على اللحوم الهندية سببها صراعات خفية بين كبار مستوردى اللحوم. وهو ما أكده أباظة لاحقا واصفا ما يحدث بالمسخرة. بالطبع أنا لست خبيرا بيطريا كى أفتى فى مدى خطورة الساركوسيست وهل هى دودة أم لا؟ وكل علاقتى باللحوم تقتصر على تقديرى العميق لها خصوصا إذا كانت تميل إلى البياض ومصحوبة بالبسلة الخضراء أو البامية.

رغم ذلك فأنا أكثر ميلا لتصديق رواية فكرى القربى حول صراعات كبار المستوردين.

بالطبع هناك روايات عديدة عن مافيا المستوردين ومكاسبهم الخيالية التى يقال إنها أكثر ربحا من تجارة المخدرات، لكن لا توجد معلومات موثقة تسند هذه الروايات، وبالتالى لا يجوز الحديث عنها.

مصدر مطلع حكى لى عن محاولات شرسة قام بها لوبى المستوردين خصوصا من البرازيل والأروجواى ضد الاستيراد من إثيوبيا بحجة أن اللحوم الإثيوبية مصابة بكل أنواع الأمراض التى يمكن أن تصيب الحيوان والإنسان.

الإعلام يتم استخدامه أحيانا بحسن نية، لمصالح ضخمة، والقراء الذين هم المواطنون يتأثرون ويقررون فى هذه الحالة مقاطعة اللحوم الهندية حتى لا يتعرضوا للأمراض كما تم إخبارهم من قبل الصحف. فتكون النتيجة أن المستوردين من البلدان الأخرى يمكنهم احتكار السوق ورفع الأسعار كما يحلو لهم.

هناك سؤال مهم لم يجب عليه أحد حتى الآن وهو ما هى الأسباب الحقيقية لارتفاع أسعار اللحوم الحمراء لتصل لأكثر من 80 جنيها للكيلو فى بعض المناطق، وسؤال فرعى آخر هو من استفاد من حكاية الساركوسيست وسؤال أخير أكثر فرعية: ألا تقتضى قواعد الشفافية أن تطلعنا الحكومة على أسماء أكبر عشرة تجار لحوم فى مصر وحجم تجارتهم وحجم مكاسبهم فى الأزمة الأخيرة؟!


هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved