أسلحة (النصارى)

محمد موسى
محمد موسى

آخر تحديث: الأربعاء 27 أبريل 2011 - 11:18 ص بتوقيت القاهرة

فى ذلك الصباح غادر المعتصم خلف ميدان التحرير بعد ليلة أمضاها فى الخيام، ليستريح قليلا فى البيت، عندما استدعاه أصدقاؤه الثوار الذى تعرضوا لهجوم على طريقة القرون الوسطى، يوم موقعة الجمل.

المعتصم، 28 سنة، ابن أبوقرقاص البلد كان فى القاهرة الأسبوع الماضى فى زيارة قطعها بعد استدعاء آخر من عائلته، «اتصل بيا أهلى قالوا: المسيحيين موّتوا اتنين وجرحوا اتنين قدام مدير الأمن والشرطة».

كبر المعتصم فى بلدة تنقسم إلى شرق يسكنه المسلمون، وغرب مخصص «للنصارى»، وعرف على مدى السنوات بعض سكان الجانب الآخر، فالمعتصم يمتلك جرارا زراعيا، يبحث به عن الرزق فى حقول الشرق والغرب دون تمييز.

المطب الاصطناعى الذى أشعل فتنة لم تكن نائمة فى أبوقرقاص البلد، أيقظ مخاوف يتحدث عنها المعتصم وكأن القيامة ستبدأ بعد ربع ساعة، «تجار السلاح اللى احنا عارفينهم بيبيعوا سلاح للنصارى.

وسمعت بنفسى ناس منهم بتقول إن مذبحة نجع حماد مش حتتكرر، وحندافع عن نفسنا». لكن المعتصم يتذكر أن جارهم تونى عبدالباقى، لقى مصرعه مع إخوة مسيحيين فى هجمة إرهابية على كنيسة مارجرجس بالتسعينيات.

وعلى مقاعد تم وضعها فى الشارع أمام مسجد البلد مساء الأحد، جلس محافظ المنيا ومدير أمنها مع أهالى الجانب الشرقى، المسلمين يعنى، فنقلوا إليه دون مواربة طلبهم بجمع السلاح من «بيوت النصارى وكنائسهم»، ويزيد معتصم بأن الأمر لابد أن ينطبق أيضا على «بيوت المسلمين ومساجدهم».

يهبط المعتصم إلى القاهرة منذ عشر سنوات بحثا عن عمل منتظم، فهو حاصل على «دبلوم صنايع»، وجرب أعمالا من محل أدوات تجميل فى مصر الجديدة، إلى العمل فى إدارة محلات «التوحيد والنور» فى باب اللوق، قبل بدء الثورة بأيام.

شارك المعتصم فى الثورة بحماس غير عادى. «حسيت إن عايز أغير الظلم اللى البلد عايشاه، أنا لا باشتغل ولا توظفت ولا عندى مستقبل، وكلنا نعانى من الفساد وظلم الشرطة». وأمضى المعتصم 15 يوما من أيام الثورة الثمانية عشر، وغاب 3 أيام فقط بسبب «حالة وفاة».

مطالب المعتصم فى الميدان تغيرت فى أبوقرقاص، «لازم القصاص من القاتل، ولازم محكمة عسكرية للمحامى المتسبب فى الفتنة» محكمة عسكرية بعد ثورة طالبت بإنهاء المحاكم العسكرية يا معتصم؟.

يرد بأنه «ليه لأ، لينا جار مسلم خضع لمحاكمة عسكرية بتهمة النهب بعد الثورة».

ما لا يذكره ابن ميدان التحرير أن الاستعدادات تجرى للثأر، وأن الحكماء تدخلوا ليصبح الثأر من «عائلة القاتل فقط»، وليس من كل النصارى، بدليل أن الهدوء الذى عاد للبلدة ذات الشوارع الترابية أمس، يشوبه خصام واضح بين الشرق والغرب، «مش كل الناس بتسلم وترد السلام».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved