«أنا ضد الإعدام»

ريم سعد
ريم سعد

آخر تحديث: الأحد 27 أبريل 2014 - 7:00 ص بتوقيت القاهرة

«أنا ضد الإعدام» هو عنوان البيان الذى صدر اليوم حاملا توقيع مجموعة متنوعة من المواطنين المصريين المناهضين لعقوبة الإعدام، ويطالب الموقعون على البيان «السلطات المعنية فى مصر بتعليق تنفيذ جميع الأحكام الصادرة بالإعدام وبالامتناع عن إصدار أية أحكام جديدة بالإعدام لحين فتح نقاش مجتمعى واسع يسمح للجميع بتبين أبعاد مشكلات هذه العقوبة، كما يطالب الموقعون جميع المهتمين بالشأن العام بالمساهمة فى فتح النقاش حول هذه القضية من أجل حماية حق المصريين فى الحياة».

•••

تسعى هذه المبادرة إلى إنهاء عقوبة الإعدام فى مصر تماشيا مع الاتجاه العالمى حيث بلغ عدد الدول التى أنهت تلك العقوبة فى القانون أو الممارسة حتى الآن 140 دولة من ضمنها دول عربية وإسلامية مثل الجزائر والمغرب وموريتانيا.

ورغم أن المطلب الأساس للمبادرة موجه إلى السلطة فإن المواجهة الأصعب ربما تكون مع المجتمع حيث تحظى فكرة الإعدام بتأييد شعبى ملحوظ ويرى الكثيرون فى هذه العقوبة حلا حاسما وجذريا لجميع أشكال الانحراف السياسى والجنائى والوسيلة السحرية لاقتلاع الشرور من منابعها لتذهب إلى غير رجعة، مع أن عقوبة الإعدام لم تثبت أبدا فاعليتها كرادع فى أى بلد أو مجتمع. ويزداد التعلق بهذا الحل فى فترات الاضطراب كالتى نعيشها وعادة ما يكون اللجوء إلى التوسع فى استخدام الإعدام فى تلك الأوقات هو أقصر الطرق لتعميم العنف والانتقام البدائى وليس إلى العدالة.

•••

لم تطرح هذه القضية للنقاش العام فى مصر ولم يأخذ المجتمع فرصته فى التفكير الجدى فى جوانبها الإشكالية فظلت فكرة مجردة لا يتطرق أحد إلى تفاصيلها بل وكأن هناك افتراض ضمنى أن هذا الموضوع بلا تفاصيل أصلا. هناك أسباب عديدة لأهمية طرح القضية للنقاش. فالإعدام عقوبة فريدة بصفتها تعتمد على سلب الحق فى الحياة، وهى بذلك نهائية لا رجعة فيها أى أنه لا يمكن إعادة الشخص إلى الحياة إذا ما ثبتت براءته لاحقا، وإن كانت شروط العدالة الكاملة والمطلقة صعبة أو مستحيلة التحقيق فى أفضل ظروف الاستقرار, حيث تعمل مؤسسات الدولة وأجهزة إقرار العدالة بكفاءة وشفافية فما بالك بأوقات كالتى نحن فيها حيث يغيب الحد الأدنى من أى من هذه الشروط.

•••

السبب الأهم ربما هو ضرورة أن يدرك الجميع أننا نشترك فى تحمل مسئولية أخلاقية ثقيلة جراء بقاء هذه العقوبة خصوصا أننا فى بلد وزمن لا يتمتع فيه المواطن بأدنى قدر من ضمانات العدالة وحيث التعذيب الشديد هو الوسيلة الروتينية المعتمدة لاستخراج سيد الأدلة، ومن العجب أن الغالبية العظمى من المواطنين الذين يعايشون بشكل يومى الظلم والتلفيق وإهدار الحقوق لا يترددون لحظة فى إعطاء تلك السلطة الظالمة الحق الكامل فى سلب الأرواح بل وغالبا ما يقابلون تلك الأحكام بالاستحسان. الإعدام ليس مزحة وعلى كل من ينادى بتطبيق تلك العقوبة «عالفاضية والمليانة» أن يعى أنه مسئول بشكل شخصى وإنه ما لم يكن موقنا تمام اليقين من استقامة سير العدالة فى كل خطواتها فليعلم أن دم أى مظلوم فى رقبته هو شخصيا.

أعتقد أن غالبيتنا تعتقد فى المثل الشعبى «يا ما فى الحبس مظاليم». يجب إذن ألا نغض الطرف عن إمكانية وجود مظاليم فى طابور الإعدام، وإن كان هناك أصغر احتمال لوجود مظلوم واحد فقط معرض لهذه العقوبة فهو سبب كاف للتوقف الآن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved