لكم برلمانيوكم ولنا برلمانيونا

خولة مطر
خولة مطر

آخر تحديث: الإثنين 27 أبريل 2015 - 9:05 ص بتوقيت القاهرة

يتمترسون خلف حصانتهم الدبلوماسية.. يصطفون لالتقاط الصور أكثر من اصطفافهم لسماع آهات بعض من أهاليهم.. يتقنون فعل المحافظة على المنصب وإطالة عمره وأمده حتى تنافسوا مع بعض من يطيلون الجلوس على المقاعد بل الالتصاق بها.. يأتون طبعا عبر صناديق قيلت إنها نظيفة جدا ونزيهة أيضا !!! يقدسون من الأيام آخر الشهر لأنهم يرون فيه مرتبات تحمل أصفار أمام الأرقام لم يكونوا يحلمون بها ولا حتى فى ليلة القدر.. ويفرحون بزيارات تطول وتطول حيث يقلعون فى طائرات فارهة أو فى درجات رجال الأعمال ويسكنون أغلى الفنادق لأنهم فقط مجرد موظفين صغارا جدا برتبة نائب أو نائبة!!!

•••

صدق بعضهم أنهم وهم يجلسون فى تلك القاعات أو حتى فى مدن الكون الممتدة، صدقوا أنهم يتساوون «بزملائهم» القادمون من برلمانات الدول الديمقراطية. متساوون لمجرد أن الجميع يجلس فى نفس القاعة وعلى نفس المقاعد وأمامهم يافطة تحمل اسم بلادهم التى دخلت مشوار الديمقراطية متدثرة بعباءات متنوعة من القبيلة إلى الولاء أو حتى لمجرد أنه أو أنها يجالسون علية القوم وكبارهم أو نتيجة لرضاء البعض عنهم أو رغبته فى تحويل أحد أكثر رموز المشاركة والمحاسبة والرقابة وأكثر السلطات أهمية، يحولون كل ذلك إلى مجرد شكل من أشكال الولاءات المقيتة ومركز لنشر التخلف القادم عبر صناديق الاقتراع ربما ليشوه تلك التى تدعى ديمقراطية ومشاركة أو ربما حتى يردد البعض ما أحلى الدكتاتوريات التاريخية.. أو ربما لتجميل صورة هى أصلا شديدة القبح!!

•••

برلمانيون يعشقون المشاركات فى الاجتماعات والندوات والمؤتمرات للتصوير والإثبات ربما لأنفسهم بأنهم حقا برلمانيون وبرلمانيات. وفيما النقاشات محتدمة فى تلك التجمعات الدولية، والقضايا ساخنة جدا حول تلك الحروب والثورات والفقر والجهل والمرض، يتقنون هم فن الصمت الجاهل والابتسامات الممجوجة لعدسات كاميرا المصور المرافق لهم وما هى سوى لحظات وتنتقل الصورة عبر وكالات الأنباء الخاصة جدا حيث يتصدر الخبر صفحات صحف الصباح القادم ونشرات الاخبار بمشاركة الوفد البرلمانى فى اجتماعات هامة جدا جدا، لابد من التأكيد أن زياراتهم لا تبدأ عند قاعات الاجتماعات وتنتهى فيها بل هم ينعشون اقتصاد أى مدينة بالتسوق وكثرة زياراتهم للمطاعم والمقاهى و وووو، وهم يرددون حتما أن «للسفر سبع فوائد» طبعا ليس منها تمثيل البلاد والمشاركة فى صياغة حوار عالمى عن قضايا قد تكون هى الأقرب لهم من كل أولئك القلقون على مصير هذه المنطقة الداخلة إلى نفق شديد العتمة.

فهم برلمانيون على مقاس تلك الدول التى تصورت أن الديمقراطية صورة ذهنية تخلق عبر البيانات والشعارات والخطب وبعض النماذج المشوهة للتمثيل الشعبى حيث يشترى المقعد إما بالمال أو بالولاء والخنوع والابتذال.. هم من حولوا الكثير من برلمانات هذه المنطقة إلى مجرد وزارة أخرى أو جهاز تابع للدولة وفى الكثير من الأحيان تسببوا فى كراهية شديدة من قبل المواطنين البسطاء لهذا الذى يسمى برلمان !!

•••

يكثرون ترديد لقبهم عضو بالبرلمان ليصدقوا الحلم الذى ما لبث أن تحول إلى واقع مضحك.. هى سلطة حتما قد قلمت أظافرها حتى تحولت إلى شكل آخر لمسخ الدولة الحديثة فى بعض بلداننا. أما نقاشاتهم فهى طبعا تتركز على أكثر القضايا بعدا عن هموم الانسان اليومية ومشاكله الحياتية. وحتى لا يقال إننا مجتمعات ذكورية فهناك وجوه نسائية هى الأخرى لم تكن تعرف ما معنى سلطة تشريعية وما الفرق بينها وبين السلطة التنفيذية ولا ما أهمية أن يدافع البرلمان عن السلطة الرابعة بدلا عن أن يركز جهده لتضييق الخناق على حرية التعبير وحرية النفاذ إلى المعلومة.. برلمانات لا تستطيع إلا أن تكثر من التعبير عن موالاتها حتى أصبحت زيارة الوزراء إليها شكل من أشكال النزهة الممتعة ويوم آخر فى حضن المديح.. طبعا هناك بعضها الآخر الذى تصور أن هدف البرلمان هو تعطيل حال البلد بناء على أجندة خاصة جدا لتنظيم أو فكر خاص جدا وشديد الضيق والظلامية.. الظلامية الملاصقة لنا منذ أن تركت الفضاءات مفتوحة للفكر القادم من القحط ومن المصالح الضيقة.

•••

لا يملك المرء وهو يلتقى ببرلمانيين شباب ومخضرمين قادمين من تلك الدول البعيدة على متن طائرات متواضعة وفى الدرجة السياحية وهم يكثرون من الأسئلة والقراءات لمعرفة واقع دولنا نحن.. لا يملك إلا أن يقول لكم برلمانيوكم ولنا برلمانيونا وشتان بين الاثنين !!!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved