ساعة مطر!

خالد سيد أحمد
خالد سيد أحمد

آخر تحديث: الجمعة 27 أبريل 2018 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

فى اليوم الذى نشرت فيه الجريدة الرسمية، قانون زيادة رواتب ومعاشات الوزراء والمحافظين ونوابهم ليصبح سارى المفعول، كانت القاهرة الجديدة، تغرق فى «شبر ميه»، جراء هطول أمطار غزيرة غير معتادة فى مثل هذا الوقت الربيعى من كل عام، الأمر الذى حول هذه المنطقة الحديثة وشوارعها إلى ما يشبه الجزر العائمة.

قد يتساءل البعض.. هل هناك علاقة بالفعل بين اقرار زيادة رواتب ومعاشات الوزراء والمحافظين، وبين غرق القاهرة الجديدة؟ للوهلة الأولى تبدو المسافة بعيدة بينهما، لكن بقليل من التأمل يتضح ان هناك ارتباطا وثيقا بين الأمرين.. فالحكومة التى أصرت وألحت من أجل تمرير قانون زيادة رواتب أعضائها فى البرلمان، تناست القيام بعملها على النحو الأمثل، واتسم رد فعلها بالبطء الشديد ما فاقم من تداعيات الكارثة ورفع منسوب الغضب لدى المواطنين.
صحيح ان كوارث السيول والأمطار تحدث فى جميع بلاد العالم شرقا وغربا، الا ان هناك حدا ادنى من التعامل الجاد والفعال مع مثل هذه الأزمات الطارئة، الأمر الذى يؤدى فى النهاية إلى تقليل نسبة الخسائر للحدود الدنيا، وهو ما لم يحدث فى القاهرة الجديدة، حيث أدت الكارثة إلى غرق السيارات فى مياه الشوارع ومرائب السيارات الموجودة أسفل المبانى السكنية وغرق المراكز التجارية التى اجتاحت المياه أدوارها السفلى، فضلا عن حدوث تجمعات كبيرة من المياه فى مطالع ومنازل الجسور والأنفاق الحديثة الإنشاء، كما رصد ذلك الكثير من وكالات الأنباء ووسائل الإعلام المحلية والدولية.

بالفعل هناك تقصير حكومى واضح فى التعامل مع هذه الكارثة وتداعياتها، وما يثبت ذلك ثلاثة أمور، أولها ما كتبه الرئيس السيسى على حسابه على «فيس بوك»، حيث قال: «أتفهم تماما حالة المعاناة التى ألمت ببعض المصريين نتيجة الآثار الناجمة عن تساقط الأمطار بشكل مفاجئ وغير معتاد عليه خلال اليومين الماضيين». وأضاف: «أؤكد أن الدولة بكافة أجهزتها ستكثف من جهودها لتلافى حدوث مثل هذه الآثار مرة أخرى».

الأمر الثانى هو قيام الوزير محمد عرفان، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، بجولة تفقدية فى منطقة التجمع الخامس التى كانت من أكثر المناطق التى تضررت جراء هذه الكارثة، وتأكيده ــ وفق ما نقلت بعض الصحف عنه ــ على ان هناك تقصيرا شديدا، الأمر الذى يعنى أن هيئة الرقابة الادارية قد أخذت على عاتقها مهمة التحقيق فى المخالفات التى ظهرت نتيجة الإهمال الشديد فى منطقة القاهرة الجديدة، وبالتالى لن يمضى وقت طويل حتى يتم الإعلان عن محاسبة المقصرين والمتسببين فى مضاعفة تداعيات الكارثة.

أما الأمر الثالث، فهى طلبات الاحاطة التى تقدم بها عدد من نواب البرلمان، لرئيس الوزراء وعدد من اعضاء الحكومة، ومطالبتهم بالتحقيق العاجل والسريع فيما حدث ومعاقبة المسئولين عن شبكة الصرف الصحى ومحطات الصرف بالقاهرة الجديدة، التى أظهرت عدم قدرة الشبكة والمحطات على تحمل أمطار لم تتعد فترتها الزمنية ساعة من الزمن، وكذلك معرفة مدى كفاءة الشبكة الحالية للصرف، ومدى قدرة محطات الرفع الحالية على تحمل الكثافات السكانية العالية بتلك المناطق، وبيان بما اتخذته الحكومة من اجراءات فى سبيل عدم تكرار تلك الكارثة التى تسببت فى أضرار مالية وبدنية جسيمة لعدد كبير من المواطنين.

الأمور الثلاثة السابق ذكرها، تؤكد بلا شك ان هناك اعترافا رسميا وعلى أعلى المستويات، بوجود تقصير حكومى كبير فى التعامل مع الكارثة قبل وبعد حدوثها، وبالتالى يجب ان يكون هناك محاسبة حقيقية للمتسببن والمتورطين فيها، سواء من هم على مقاعد المسئولية الآن، أو من سبقوهم ولم يقوموا بعملهم على النحو الأمثل.

كذلك ينبغى ان توجه جميع اجهزة الدولة جهودها لتحديث ورفع كفاءة البنى التحتية، التى ظهرت عاجزة تماما فى هذه الكارثة، ورفعت «الراية البيضا» أمام «ساعة مطر» واحدة، حتى نتلافى وقوع مثل تلك الأزمات مستقبلا، والاعلان عن خطة عاجلة لتحديث شبكات الصرف الصحى ومحطات الرفع فى جميع محافظات الجمهورية، مهما تكلف الأمر من أموال.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved