«بيبى.. الحياة المضطربة».. وصعود إسرائيل إلى الهاوية
مواقع عربية
آخر تحديث:
الأحد 27 أبريل 2025 - 8:15 م
بتوقيت القاهرة
لن نستطيع فهم إسرائيل -تاريخها وحاضرها ومستقبلها- دون فهم حياة ونظرة العالم للرجل الذى يقودها أولًا (بنيامين نتنياهو). فى ضوء ذلك، نشر موقع عروبة 22 مقالًا للكاتب أنور محمود زناتى، عرض فيه أبرز ما جاء فى كتاب «بيبى.. الحياة المضطربة» للمفكر اليهودى أنشل فيفر، صدر الكتاب عام 2018 باللغة الإنجليزية فى 432 صفحة. تناول الكتاب الحياة الشخصية لرئيس الوزراء الإسرائيلى الحالى ونشأته السياسية، وموقفه من القضية الفلسطينية وأسلوبه فى التعامل معها. خلص فيفر إلى أن سياسة نتنياهو ستقود إلى زيادة الانقسام فى المجتمع الإسرائيلى وعزل إسرائيل دوليا مما يؤدى فى النهاية إلى سقوط الدولة.. نعرض من المقال ما يلى:
فى كتاب «بيبى: الحياة المضطربة» للصحفى والمفكر اليهودى أنشل فيفر (Anshel Pfeffer)، قدم تحليلًا شاملًا لشخصية بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان (إسرائيل)، ومن خلاله يقدم هذا المؤلف بشكل موضوعى رؤية نقدية، ومعمقة، عن حياة هذا الرجل السياسية والشخصية، ويعتبره أسوأ رئيس وزراء مر على هذا الكيان فى تاريخه.
يؤكد فيفر أن نهاية إسرائيل قادمة لا محالة على يد نتنياهو، ويرى أن سياساته تسهم فى إطالة الصراع، وتعميق الانقسام داخل المجتمع «الإسرائيلى» نفسه، إضافة إلى أنها تزيد من عزلة إسرائيل على الساحة الدولية، وهذا هو الخطر الأكبر على الكيان الصهيونى.
يستعرض الكاتب مسيرة نتنياهو، منذ نشأته، حتى وصوله إلى السلطة فى إسرائيل، مع تسليط الضوء على فترات معينة من حياته التى شكلت أسلوبه السياسى، والقرارات التى اتخذها.
النشأة المكيافيلية.. «الغاية تبرر الوسيلة»
يبدأ فيفر الكتاب بتسليط الضوء على حياة نتنياهو الشخصية منذ طفولته، ويكشف عن تأثير عائلته، خصوصًا والده بن تسيون نتنياهو، الذى كان أكاديميًا وصهيونيًا متطرفًا. ويعكس الكتاب كيف أن التوجهات الفكرية لوالده، الذى كان مؤرخًا شهيرًا، شكلت نتنياهو فى رؤيته للعالم، وطريقة تعامله مع القضايا السياسية.
كما يتناول الكتاب تأثير البيئة التى نشأ فيها نتنياهو، بما فى ذلك علاقاته مع شقيقه الأكبر يوناتان نتنياهو، الذى قتل أثناء عملية إنقاذ «عنتيبى» عام 1976، وهو الحدث الذى كان له دور كبير فى تشكيل هوية نتنياهو السياسية، واستغله أسوأ استغلال لتحقيق مطامحه السياسية. ومن ثم، نفذ سياسة مكيافيلى الشهيرة «الغاية تبرر الوسيلة»، حيث استغل الهالة الأسطورية التى أحاطت بمقتل أخيه يونى، «إذ لم يحظ عسكرى إسرائيلى آخر بمثل ما حظى به يونى من ثناء واحتفاء».
شخصية «بيبى» والطموحات السياسية
يظهر فيفر كيف أن نتنياهو امتلك طموحًا سياسيًا كبيرًا منذ شبابه، حيث بدأ مشواره السياسى من خلال تدريبه الأكاديمى فى الولايات المتحدة، ثم توجهه إلى العمل فى السياسة الإسرائيلية. كما يتناول المؤلف الشخصيات التى أثرت فى حياة نتنياهو، وكيفية تعامله مع الأزمات السياسية التى واجهها فى بداية مسيرته.
يسلط المؤلف الضوء على أسلوب القيادة الذى يتبناه نتنياهو، بحيث يصفه فيفر بالقائد الذى يعتمد على الخطابة، والشعارات المؤثرة، وكل سياساته تخدم مصلحته الشخصية أولا، فيصفه بأن «أنانيته لا مثيل لها». ولأجل مصلحته فقد قوض الثقة فى سيادة القانون، وضحى بالمبادئ من أجل السلطة.
كما يظهر الكتاب كيف استغل نتنياهو التوترات السياسية فى إسرائيل، لزيادة سلطته، وتوسيع قاعدة الدعم له، من خلال تكتيكات سياسية تعتمد على تعزيز الصورة الوطنية لإسرائيل فى مواجهة التهديدات الخارجية، وكذلك اتباعه سياسة التخويف، والزعم بأن هذا الكيان (إسرائيل) واحة ديمقراطية وسط محيط من الديكتاتوريات العربية، وذلك بهدف المزيد من استعطاف الغرب، وابتزازهم بكل السبل.
المواقف من الجانب الفلسطينى.. والسياسة الدولية
واحدة من النقاط التى يركز عليها المؤلف؛ هى مواقف نتنياهو من القضية الفلسطينية، التى كانت دوما موضع جدل. وناقش فيفر سياسات نتنياهو القمعية ضد الشعب الفلسطينى، وهو يعتقد أن نهج نتنياهو فى استخدام القوة العسكرية، والضغط على الشعب الفلسطينى قد يؤدى إلى تفاقم العنف والمشاكل الإنسانية فى المنطقة، مما يزيد من معاناة الفلسطينيين والفلسطينيات فى الأراضى المحتلة. ويظهر الكتاب كيف أن نتنياهو كان يميل إلى تبنى مواقف متشددة فى المفاوضات مع الجانب الفلسطينى، وكيف أدى ذلك إلى تعقيد عملية السلام وأدى إلى زيادة التوتر فى المنطقة. وانتقد فيفر زيادة المستوطنات فى الضفة الغربية، وهو ما يراه بمثابة تحد لفرص السلام ولـ«حل الدولتين»، والذى كان يعتبر الأساس الذى يدعمه المجتمع الدولى لتحقيق تسوية دائمة بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى.
عرض المؤلف تأثير سياسات نتنياهو فى العلاقات الدولية، بخاصة مع الولايات المتحدة، ويحلل كيف كانت العلاقة بين نتنياهو والرؤساء الأمريكيين، خصوصًا مع باراك أوباما ودونالد ترامب.
ويركز الكتاب على الطريقة التى استغل بها نتنياهو السياسة الأمريكية لصالح الكيان الصهيونى، وكيف قام بتحقيق دعم كبير من بعض القوى الدولية، خصوصًا من ترامب فى السنوات الأخيرة.
الفضائح والقضايا القانونية
أحد الأجزاء المهمة فى هذا الكتاب؛ هو تناول الفضائح القانونية التى طاردت نتنياهو خلال فترة حكمه؛ مثل قضايا الفساد والرشوة والاحتيال التى تم التحقيق فيها ضده. ويحلل الكتاب كيف أثر هذا الضغط القانونى فى حياة نتنياهو السياسية، وكيف استغل هذا الوضع لخلق خطاب سياسى يستند إلى «المؤامرة» ضد حكومته.
الثقب الأسود وأزمة الهوية داخل الكيان الصهيونى
يطرح الكتاب تساؤلات حول كيفية تأثير سياسات نتنياهو فى المجتمع «الإسرائيلى»، فيرى فيفر أن نتنياهو ساهم فى تعزيز الانقسامات داخل الكيان، بين اليهود الشرقيين واليهود الغربيين، وبين معسكرات اليسار واليمين.
وبين أن نتنياهو يتميز بكونه رئيس الوزراء الإسرائيلى الوحيد الذى عقد تحالف مصلحة مع أكثر المتطرفين عديمى المسئولية فى إسرائيل، وجعلهم جزءًا لا يتجزأ من حزبه وإدارة الدولة. ويعتبر فيفر فترة حكم نتنياهو بمثابة الثقب الأسود الذى ابتلع كل الطاقة السياسية فى هذا الكيان، وقد أعطى ضعفه لـ«اليمين المتطرف» والأصوليين الدينيين سيطرة غير عادية، ما أسهم فى تزايد العنصرية والتطرف فى السياسة الإسرائيلية.
طوفان الأقصى نتيجة طبيعية
مؤخرًا، أكد فيفر أن الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، شهدت ارتفاعًا فى الممارسات العدوانية غير الإنسانية ضد الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية، والقدس الشرقية، ومن ثم جاء «طوفان الأقصى» كرد فعل طبيعى على تلك السياسات الدموية التى ينتهجها نتنياهو.
ويرى فيفر أنه فى المستقبل ربما سيتذكر اليهود نتنياهو باعتباره السياسى الذى ألحق أكبر قدر من الضرر بالشعب اليهودى خلال الـ21 قرنًا الماضية، وربما سيذكره التاريخ بأنه من حفر قبر الدولة الصهيونية، ولم يقدم أحد فيها العزاء.